17-أغسطس-2022
yarun

لم يعرف الكثير عن هادي مطر المنحدر من قرية في جنوب لبنان (Getty)

توجهت أنظار اللبنانيين في الأيام الأخيرة إلى قرية يارون الجنوبية، المحاذية لفلسطين المحتلة، والتي ينحدر منها الشاب هادي مطر، منفّذ عملية الطعن بالكاتب والروائي البريطاني سلمان رشدي.

استعاد كثيرون فتوى المرجع الشيعي وقائد الثورة الإيرانية روح الله الخميني، الذي دعا المسلمين عام 1989 إلى قتل سلمان رشدي وكل من ينشر أعماله

ورغم عدم تصريح الشاب البالغ من العمر 24 عامًا بدوافعه، إلا أن كثيرين استعادوا فتوى المرجع الشيعي وقائد الثورة الإيرانية روح الله الخميني، الذي دعا المسلمين عام 1989 إلى قتل سلمان رشدي وكل من ينشر أعماله، بعدما اعتبر أنّ روايته "آيات شيطانية" تسيء للإسلام وتجعل من صاحبها "مرتدًا". وقد خصصت إيران جائزة بقيمة ثلاثة مليون دولار أمريكي لمن يقوم بتنفيذ فتوى الخميني، كما عمدت إلى تجديد هذه الفتوى سنةً بعد سنة حتى العام 1998، حين أعلنت طهران أن ملاحقة رشدي ليس منوطًا بالدولة ومؤسساتها. 

فتوى الخميني

والدة مطر : ابني تغير  بعدما زار لبنان

معظم سكان بلدة يارون لم يسمعوا من قبل بطبيعة الحال بهادي مطر، فالشاب ابن الـ24 سنة يعيش مع والدته اللبنانية سيلفانا فردوس في الولايات المتحدة الأمريكية، منذ انفصالها عن والده في العام 2004، ولم يزر لبنان سوى مرة واحدة كانت في العام 2018، حيث أقام هناك شهرًا واحدًا فقط للتعرف على والده.

وقد تكشفت هذه التفاصيل بحسب ما نقلته صحيفة دايلي ميل البريطانية عن والدة مطر، والتي أشارت في حديث معها إلى أن ابنها قد تغير طبعه بعد تلك الزيارة وأصبح انطوائيًا على حد وصفها. كما قالت والدته إن الشاب حبس نفسه في الطابق السفلي للمنزل لفترة من الوقت، ورفض الحديث لعدة أشهر، دون أن توضّح سبب ذلك، وما إذا كان متعلقًا بتجربته بعد لقاء والده أو بمؤثرات أخرى.

أما تعليقًا على حادثة طعن سلمان رشدي، فقالت: " إنني فقط لا أصدق أنه قادر على فعل شيء كهذا. كان هادئًا جدًا، أحبه الجميع. كما قلت لمكتب التحقيقات الفيدرالي، لن أكلف نفسي عناء التحدث إليه مرة أخرى. إنه مسؤول عن أفعاله".

مراسلو الصحف والمواقع الإخبارية العالمية في لبنان حاولوا الحصول على المزيد من المعلومات حول هادي مطر، لكنهم اصطدموا كالعادة بممانعة الفاعليات في منطقة يارون ورفضهم إعطاء معلومات، كما هو الحال في جميع المناطق التابعة لنفوذ حزب الله اللبناني. 

صحيفة الغارديان قالت إن مراسلها زار مكتب رئيس بلدية يارون علي قاسم، لمعرفة معلومات أكثر عن توجهات عائلة مطر، لكن الاخير أجاب باقتضاب : "لن أتحدث حول هذا الموضوع"، مضيفًا : "لا أحد هنا سيتحدث معك. أنصحك بالمغادرة". وقد عاد قاسم وأفاد لوكالة رويترز بأن والد هادي مطر منعزل في بيته منذ لحظة انتشار الخبر، وهو يرفض الحديث مع أحد، كذلك أكّد قاسم إنه لا يمتلك أية معلومات حول الانتماءات السياسية لهادي مطر أو والديه، ردًا على سؤال عن علاقة العائلة مع حزب الله.

موقع ألترا صوت تواصل مع بعض المواطنين الجنوبيين  القاطنين في قضاء بنت جبيل ذي الأغلبية الشيعية، والذي يضم عشرات القرى الموالية لحزب الله وحركة امل من بينها يارون، فرفض جزء كبير منهم إبداء رأيه حول الموضوع، فيما تبيّن أن بعضهم لم يسمع باسم سلمان رشدي وكتابه من قبل.

حسين ع. ( 30 سنة) قال إنه يثق بالخميني والفتاوى التي تصدر عنه، فهو "قائد الثورة الإيرانية ورجل واسع العلم والحكمة" على حد وصفه، وأعرب عن تأييده لآرائه رغم أنه لم يكن قد سمع بالفتوى من قبل، لكنه اطلع عليها الآن، معربًا عن تعجبه من أن تنفيذها تأخر كل هذا الوقت. من جهته اعتبر مصطفى ي. ( 34 سنة) وهو من قرية متاخمة ليارون، إنه يحترم كمسلم معتقدات الآخرين وحقهم بإبداء رأيهم، لكنه في الوقت نفسه لا يقبل بأن يقوم أحدهم بالإساءة لمعتقدات المسلمين، وهذا ما فعله سلمان رشدي، وبالتالي هو "يدفع ثمن أفعاله". 

في المقابل رفضت فاتن ن. ( 23 سنة ) مبدأ استخدام العنف للردَ على كاتب وروائي مهما تضمنت كتاباته إساءات أو إهانات، معتبرةً أن تصرف هادي مطر اليوم يسيء إلى صورة الإسلام والمسلمين، وستستخدمه القوى الكبرى اليوم لوضع المزيد من الضغوطات عليهم، على حد ما ذكرت. 

كذلك قام "ألترا صوت" برصد لمواقع التواصل في جنوب لبنان، للوقوف أكثر على ردات فعل الجنوبيين حول عملية طعن سلمان رشدي، مع الإشارة إلى أن عددًا كبيرًا منهم لديهم أقارب في الولايات المتحدة، كما ينتظر بعضهم الحصول على التأشيرة للهجرة إليها، وبالتالي فهم يتجنّبون استخدام السوشال ميديا للتعبير عمّا يدور بداخلهم، فيما يستخدم الكثير منهم كالعادة الحسابات الوهمية للتعليق على الحادثة، ليتجنّبوا بذلك كشف هوياتهم الحقيقية.

موقع ميس الجبل الإخباري، المتخصص بنقل أخبار حول قرية ميس الجبل الجنوبية والجوار، والذي يتابعه 15 ألف متابع، وجّه التحية لهادي مطر، واصفًا إياه بالـ "الفدائي البطل الشهيد الحيّ هادي مطر الذي نفذّ حكم الله بالمرتد الضال الشيطاني".

ونشرت المغردة دنيا ناصر صورة لهادي مطر لحظة اعتقاله، وعلّقت عليها بالقول : " السلطات المحلية الأميركية تؤكد أن منفذ عملية #سلمان_رشدی لبناني الأصل من بلدة يارون جنوب لبنان.

#هادي_مطر نباهي بك الأمم نفتخر بك أيها الجنوبي المقاوم...

ونشر المغرد علي عطيه مقطع فيديو قديم لأمين عام حزب الله حسن نصرالله، يدعو فيه إلى تنفيذ فتوى الخميني، وعلّق بالقول : " الشاب البطل هادي مطر من بلدة يارون الجنوبية والذي نفذ عملية الاغتيال بحق الشيطان سلمان رشدي حماه الله وفك اسره".

إيران وحزب الله ينأيان بنفسهما عن جريمة طعن رشدي

بالرغم مما يراه معلقون بأن هادي مطر نفذ رغبة إيران وحزب الله بشكل أو بآخر، فقد نفت إيران الإثنين أن يكون لها أية علاقة بمنفذ الهجوم، حيث قال المتحدث باسم خارجيتها ناصر كنعاني في حديث صحفي إنه لا يحق لأحد اتهام الجمهورية الإسلامية بتلك الحادثة. كما أكّد كنعاني في تصريحاته ردًا على أسئلة الصحفيين على أنّه "عند النظر في حادثة الاعتداء على سلمان رشدي في الولايات المتحدة فإننا لا نعتبر أن أحدًا يستحق اللوم وتوجيه الاتهام إلا سلمان رشدي وأنصاره". 

صحيفة خراسان سلمان رشدي
يومية خراسان الإيرانية وصفت سلمان رشدي ب"الشيطان" 

في الوقت ذاته، أشادت بهادي مطر صحف ومواقع إخبارية إيرانية عديدة، من بينها وكالة أنباء "فارس" شبه الرسمية، التي وصفت رشدي بـ"المرتدّ". أما صحيفة كيهان التي يعيّن مرشد الجمهورية علي الخامنئي بنفسه رئيس تحريرها فجاء في صفحتها الأولى في اليوم التالي لمحاولة قتل رشدي: " ألف تحية للشجاع المطيع الذي هاجم المرتد والشرير سلمان رشدي في نيويورك. يجب تقبيل يد الرجل الذي أصاب عنق عدو الله".

أشادت العديد من الصحف الإيرانية بما فعله هادي مطر ووصفته بالبطل 

وحذا حزب الله حذو إيران، حيث نقلت وكالة رويترز عن مسؤول  كبير  في الحزب رفض الكشف عن هويته قوله إنهم لا يعلمون شيئا عن هذا الموضوع وبالتالي لن يصدر أي تعليق".