19-أكتوبر-2019

من الاحتجاجات في بيروت (ABACA)

الترا صوت – فريق التحرير

أطلق نشطاء ومحتجون لبنانيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي وسم #لبنان_ينتفض، احتجاجًا على تردي الأوضاع الاقتصادية في مختلف أنحاء لبنان، وفرض الحكومة اللبنانية، قبل نحو ثلاثة أيام، ضريبة جديدة على كافة الاتصالات الهاتفية المتعلقة بالتطبيقات الهاتفية المجانية التي تعمل عن طريق الإنترنت، الأمر الذي فاقم من احتقان المواطنين مما أدى إلى توافدهم بالمئات إلى التظاهر، وقطع الطرقات بالإطارات الحارقة، والاعتصام أمام المباني الحكومية، مطالبين المجموعة الحاكمة بالاستقالة.

خرجت مظاهرات شعبية في لبنان احتجاجًا على تردي الأوضاع الاقتصادية انعكست على السوشيال ميديا عبر وسم #لبنان_ينتفض

وكانت المظاهرات الشعبية قد انطلقت بشكل عفوي، يوم الخميس، على خلفية مصادقة الحكومة اللبنانية على قرار فرض ضريبة على الاتصالات التي يجريها مستخدمي التطبيقات الهاتفية، مثل تطبيقي واتساب وفيسبوك، بقيمة 20 سنتًا يوميًا تقتطع عند إجراء أول اتصال، ما يؤدي لاقتطاع ستة دولارات أمريكية شهريًا من كل مشترك.

اقرأ/ي أيضًا: لبنان ينتفض.. الشعب أراد الحياة

يشار إلى أن التطبيقات التي تريد الحكومة اللبنانية فرض ضريبة عليها هي بالأساس من الشركة، أي أن القرار بالأساس مخالف قانونيًا قد يؤدي لمحاكمة وزارة الاتصالات اللبنانية من قبل الشركة الأم في حال قررت تنفيذ القرار.

المتظاهرون يحاصرون المباني الحكومية

لكن مطالب المحتجين توسّعت لتتجاوز ضريبة تطبيقات الإنترنت، مطالبة باستقالة رئيس الجمهورية ميشال عون، والحكومة اللبنانية التي يرأسها زعيم تيار المستقبل سعد الحريري، ومجلس النواب برئاسة زعيم حركة أمل نبيه بري. 

وطالب المحتجون بتشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة لإدارة شؤون البلاد، حيثُ قاموا بإغلاق كافة الطرقات الرئيسية بين المدن والبلدات اللبنانية، إضافة لطريق مطار رفيق الحريري الدولي حتى لا يتمكن المسؤولين اللبنانيون من مغادرة البلاد.

 

 

وأظهر مقطع فيديو نُشر على نطاق واسع، مهاجمة المتظاهرين لأحد مرافقي وزير التربية اللبناني أكرم شهيّب، بعد إطلاقه الرصاص بالهواء بهدف ترهيبهم حتى يتفرقوا، كي تتمكن سيارة شهيّب من الخروج، نتيجة محاصرة المتظاهرين لمبنى السراي الحكومي.

وعصر الجمعة 18 تشرين الأول/أكتوبر، انتشر مقطع فيديو آخر يظهر إطلاق الرصاص على المتظاهرين من قبل مرافقي النائب مصباح الأحدب. وأوضحت سالي الرشيد، في تغريدة أرفقت فيها المقطع المصور، أن مرافقو النائب السابق مصباح الأحدب، "أقدموا على إطلاق النار باتجاه المواطنين المحتجين عند ساحة النور (في طرابلس)  بعد أن تم طرده من موقع الاعتصام ما أدى لإصابة عدد من الشبان".

ويسود بين المواطنين اللبنانيين حالة من الاحتقان منذ شهر تقريبًا، حيث تراجع صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، ما أثر سلبًا على الوضع الاقتصادي للأسر اللبنانية، بعد عجز المستوردين عن توفير الدولار بسعر الصرف المحدد، ليصل سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد إلى 1650 ليرة لبنانية (كل واحد دولار أمريكي يعادل 1509 ليرة لبنانية)، فضلًا عن ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب ما دون سن الـ35 لتصل إلى 37%.

انتهاك خصوصية المستخدمين

وبعد خروج المتظاهرين إلى الشوارع احتجاجًا على قرار ضريبة الاتصالات، كتب وزير الاتصالات اللبناني محمد شقير عبر حسابه الرسمي على تويتر معلنًا إلغاء القرار، قائلًا في تغريدته: "بناءً على طلب دولة الرئيس سعد الحريري سيتم سحب فكرة وضع رسم 20 سنتًا على الاتصالات التي تُجرى عبر الإنترنت، لا سيما واتساب. وهذا الأمر لن يتم عرضه أو دراسته بعد الآن على طاولة مجلس الوزراء على الإطلاق، وستبقى الخدمات متوفرة كما كانت عليه".

وبالإضافة إلى ارتباط القرار بالأوضاع الاقتصادية المتدهورة، كشفت منظمة تبادل الإعلام الاجتماعي (سميكس) في تقرير لها، عن قضية أخرى مرتبطة بالقرار الذي تراجعت عنه الحكومة اللبنانية، وهو أن شركتي الاتصالات "ألفا" و"إم تي سي تاتش"، سيلجآن لاستخدام تقنية الفحص العميق لحزم البيانات، ما يؤثر بشكل كبير على خصوصية المستخدمين، ويمكن أن يؤدي إلى زيادة الرقابة المستهدفة من قبل أجهزة حكومية وجهات خارجية.

وقالت المنظمة في تغريدة لها: "يبدو أنّ وزارة الاتصالات والشركات ستستخدم تقنيات تدخّلية خارقة لخصوصية المستخدمين من أجل معرفة ما إذا كانوا يجرون اتصالًا عبر الإنترنت سواء عبر واتساب أو أي تطبيق آخر!"، مضيفةً: "يشكّل هذا القرار انتهاكًا لخصوصية المستخدمين، كما يجبرهم على دفع فاتورة استخدام الإنترنت مرّتين".

الإعلام اللبناني.. مع الأحزاب مرة وأخرى مع المتظاهرين!

ومنذ مساء الخميس الماضي، بدأت وسائل الإعلام اللبنانية بتغطية مباشرة للاحتجاجات الشعبية من أمام مبنى السراي الحكومي (مقر الحكومة اللبنانية)، ومجلس النواب، في ساحة الحكمة بوسط العاصمة بيروت. وامتدت بتغطيتها لتشمل سائر المناطق اللبنانية من الشمال إلى الجنوب حيث وصل أعداد المشاركين في المظاهرات للآلاف الذين توافدو إلى مناطق الاحتجاج القريبة من مكان إقامتهم.

لكن كان واضحًا سقوط بعض مراسلي وسائل الإعلام اللبناني في فخ تسييس مشهد الاحتجاجات الشعبية، رغم تأكيد المتظاهرين عبر معظم وسائل الإعلام التي تقوم بتغطية الاحتجاجات، على أنهم خرجوا من مختلف الطوائف اللبنانية حتى يقولوا "لا للطبقة الحاكمة".

النصيب الأكبر من الانتقاد كان موجهةً لقناة MTV، حيث علقت مراسلتها جويس عقيقي خلال تغطيتها للاحتجاجات، بقولها إن "نوعية المتظاهرين تغيرت بين الساعة 10 والساعة 12. صار هناك دراجات نارية كثيرة، وتسأل: مين قلك تنزل أي حزب قلك نزال؟ حركة أمل وحزب الله".

فيما غرّدت هنا نخّال، مقارنة بين تغطية قناة LBC اللبنانية وقناة MTV. وكتبت معلقة على ذلك: "ندى أندراوس على LBC عم تنافس جويس عقيقي على MTV صاحبة نظرية نوعية المتظاهرين، ردًا على متظاهر طالب باستقالة رئيس الجمهورية"، موردةً تعليق أندراوس، إذ قالت: "كان في مواطنين مبين عندن رأي آخر بس يبدو فلوا من هون".

من جهة أخرى، تداول نشطاء ومغردون صورًا لمراسلي قناة OTV اللبنانية أزالوا شعار المحطة من الميكروفون حتى لا يتعرض لهم المتظاهرين. ومن المعروف أن OTV تتبع للتيار الوطني الحر، الذي يرأسه وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، المعروف بمواقفه غير المقبولة على نطاق واسع في الشارع اللبناني.

وتفاديًا لمحاولة الأحزاب السياسية في لبنان، استثمار الاحتجاجات الشعبية لتحصيل مكاسب سياسية لصالحها؛ نشر عشرات النشطاء مقاطع فيديو متنوعة يظهر فيها توجه المتظاهرين لمكاتب النواب اللبنانيين من مختلف الأحزاب السياسية، إذ أظهر مقطع مصور نزع أحد المحتجين لافتة مكتب النائب عن حركة أمل، علي بزي، وكذلك فعل المحتجين مع مكتب النائب عن حزب الله اللبناني محمد رعد، إضافة لحرق صورة الرئيس اللبناني عون، وإزالة صور رئيس الحكومة الحريري.

 

 

 

 

فيما انتشرت صورتان لأفراد من الجيش اللبناني يحملون ورقة كتب عليها: "قلوبنا معكم.. بس ما فينا نعمل شي"، دون أن يظهروا وجوههم.

فض الاعتصام بالقوة

ومساء أمس الجمعة، كان مئات اللبنانيين قد توجهوا لوسط بيروت، حيث المقرات الحكومية، للاعتصام مطالبين باستقالة الحكومة، قبل أن تستخدم القوى الأمنية العنف لتفريق المتظاهرين. ونشر نشطاء ومغردون مقاطع مصورة يظهر هتاف المتظاهرين بـ"الشعب يريد إسقاط النظام".

وأظهرت مقاطع مصورة تعرض القوى الأمنية للمعتصمين بالضرب، كما تداولت صورة يظهر فيها مجموعة من الشبان ممدين على الأرض، وأيديهم خلف ظهورهم، بعد اعتقالهم من قبل القوى الأمنية. فيما انتشر مقطع آخر قال نشطاء إنه لعناصر من حركة أمل يقومون فض الاعتصام بالقوة في الجنوب اللبناني.

 

 

وتعرضت الناشطة رنين كسرواني للضرب من قبل القوى الأمنية أثناء مشاركتها بمظاهرات وسط بيروت، وغرّدت أسمهان شقير، موضحة ما حصل مع كسرواني: "رنين كسرواني كانت من المتظاهرين لي عم تمنع الناس تقرب على العسكر وتقول: هول متلن متلنا، ابعدوا عنن. الخلاصة، العسكر ضرب رنين على رأسها ودعس عليها مما أدى لجرحها ٨ قطب برأسها وكسور بجسمها".

فض في وجه المجموعة الحاكمة

تفاعل مئات اللبنانيين مع مجموعة من الوسوم التي دشنت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لدعم الاحتجاجات الشعبية، ونشروا عشرات المقاطع المصورة التي تظهر مشاركة شعبية واسعة، رفضًا للسياسات الاقتصادية الحكومية التي أدت لإفقار المواطنين.

وانتشر عبر موقع تويتر مقطعًا مصورًا يظهر تعرض أحد مرافقي الوزير شهيّب للركل من إحدى المتظاهرات، بسبب حمله السلاح لترهيب المحتجين. وتفاعل مع المقطع المصمم رامي قانصو، بإعداد تصميم يظهر فتاة تركل رجلًا يحمل السلاح، كتب معلقًا عليه: "عليهم"، فيما غرّد عبّاس مقداد مستعينًا بقصيدة "الجميلات" لمحمود درويش: "الجميلات هنّ الثائرات".

 

 

كما انتشر مقطع مصور من الاحتجاجات في وسط بيروت، يظهر مجموعة من النسوة قمنّ بتشكيل سلسلًة بشرية تفصل بين المحتجين والقوى الأمنية اللبنانية، حتى لا تقوم الأخيرة بالتعرض للمحتجين بالضرب، بعدما احتدمت المواجهات بين الطرفين، واستخدمت خلالها القوى الأمنية الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين فجر أمس الجمعة.

وأظهرت مقاطع مصور نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، توافد النشطاء اللبنانيين صباح اليوم السبت إلى وسط بيروت لتنظيف المنطقة من مخلفات مظاهرات أمس.

هذا وشهدت المظاهرات مشاركة رجال الدين من مختلف الطوائف اللبنانية. وقد أظهر مقطع فيديو مجموعة من رجال الدين يسيرون متشابكي الأيدي بين المتظاهرين، تأكيدًا منهم على "الوحدة الوطنية"، ومنعًا لوصم التظاهرات بـ"الطائفية".

 

اقرأ/ي أيضًا:

لبنان والبطالة.. هل من حل في الأفق؟

قدرة اللبنانيين الشرائية.. سبات اقتصادي عميق!