07-فبراير-2016

سمير جعجع (أسوشيتد برس)

وافق على اتفاق الطائف وبات وزيرًا، تناهى إلى مسامعه أن المسيحيين يشعرون بأنه اشتبك مع ميشال عون ووافق على الطائف ليصبح وزيرًا. ارتعدت فرائصه وراح يعترض، فأُسكن وزارة الدفاع عقدًا ونيّف. قيل: الرجل شعبوي حاول أن يستثمر تحت سقف اتفاق لا يحتمل استثمارًا من هذا النوع، فردّ: نحن مبدئيون، ونتعاطى السياسة انطلاقًا من ألف باء المبادئ لا المصالح. صمت الجميع وقالوا حسنًا.. ارقد في الزنزانة يا صاحب المبادئ!

سمير يقول الشيء ويفعل نقيضه، ثم يُصدّع رؤوسنا بمبدئيته والتزامه السياسي، سمير بطلٌ من ورق.. فلا تكن مثل سمير

خرج ومعه السيمفونية عينها، والتي راح يُصدّع بها رؤوسنا مع إشراقة كل صباح. الحقيقة أننا تفاعلنا معه، وربما وصلت الحال ببعضنا إلى حدود تكريسه زعيمًا على عرش الثورة وما رافقها من أدبيات العبور إلى الدولة وغير الدولة، كان الرجل أشبه بحلم، بصخرة لا تتزعزع، حسبه البعض قديسًا برتبة نبي معصوم، فيما اعتبره الآخرون من فصيلة الشياطين الكبرى، وما بين هذا وذاك، استطاع الرجل أن يقنع الغالبية بالتزامه وتصميمه وصبره وشفافيته.

بعد الكلام عن ترشيح فرنجية، بدأت أوساط القوات ببث بعض الأخبار التي تتحدث عن إمكانية لجوء رئيسها إلى ترشيح عون، تعامل الجميع مع التسريبات وكأنها مزحة سمجة غير قابلة لمجرد الدراسة أو التفكير، قالوا هذا مستحيل، الرجل لا يتعاطى السياسة انطلاقًا من الكيدية أو ردة الفعل، لقد رفض عون بشدة في السابق، ورفض دخول الحكومة والمشاركة في طاولة الحوار انطلاقًا من مبدئيته وقدرته على الالتزام بالثوابت ضمن مستنقع سياسي يضج بالمصالح والصفقات.

ذهب إلى ترشيح عون، قالوا نعم لقد دفعه الحريري إلى فعل ذلك، أيريدون منه أن يرضخ ويستسلم للأمر الواقع، لقد فعل عين الصواب عبر تفضيل البديل على الأصيل، قلنا ربما تكون وجهة نظره صحيحة، دعونا ننتظر. أطل فرنجية على حين غرة، قال سمير فاوضني على رئاسة الجمهورية. قلنا مستحيل، قال بلى: مقابل وزارة الداخلية. قلنا مستحيل، قال بلى: وشطب شامل روكز. قلنا مستحيل، قال بلى: وفتح حوار مع حزب الله.. قلنا مستحيل مستحيل مستحيل. قالت القوات بلى: لكن المجالس بالأمانات. صمتنا، الصمت هنا ثقيل ومؤلم. ثم قلنا بلى: باعنا سمير بثلاثين من الفضة!

بعيدًا عن كل ما تقدم، يكفي أن يطالعك الخبر الآتي: سمير يتصل بوئام ويناقش معه الأوضاع العامة. ستبحث طويلًا عن مشترك يجمع الرجلين، ستضرب رأسك بالجدار ثم تعود إلى الخبر، ستفكر: لماذا قد يتصل سمير بوئام. لا جواب، ستفكر أكثر، ستسأل زوجتك، جارك، صديقك، محرك غوغل، جميعهم ينطلقون من فكرة واحدة: نكاية بوليد، ستصمت طويلًا. ثم ستعود إلى المربع الأول لتسأل سمير: هل بالفعل قاتلت ميشال عون ووافقت على الطائف لتصبح وزيرًا؟ إياك أن تخبرني عن ألف باء المبادئ لا المصالح. فمن يتصل بصاحب الحذاء الشهير مستعد أن يذهب عميقًا.. وفي كل شيء.

سمير يُفاوض تحت الطاولة، يقايض الرئاسة بحقيبة سيادية، يريد أن يشطب شامل روكز من الحياة العسكرية والسياسية انطلاقًا من حرصه على الجيش وحقوق المسيحيين. سمير يهرول لفتح حوارٍ مع حزب الله بأي ثمن، سمير يرفض ميشال عون ويشنّ حربًا كونية بوجهه، ثم ما يلبث أن يرشحه نكاية بحليفه، سمير يقول الشيء ويفعل نقيضه، ثم يُصدّع رؤوسنا بمبدئيته والتزامه السياسي، سمير بطلٌ من ورق.. فلا تكن مثل سمير.

اقرأ/ي أيضًا:

نصر الله لفرنجية: ذبحتنا يا صديقي

عون وجعجع.. لقاء التكاذب ورد الصفعات