18-مارس-2019

تُشهر السوشال ميديا التفاهة (Getty)

في الآونة الأخيرة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب أسماء "نجوم" استطاعوا تحقيق "البوز"، وكان لهم من الشهرة نصيب كبير. لا هم فنانون ولا كُتاب، فلا صوت لهم ليغنوا، ولا قريحة يملكونها للإبداع. لا تأثير لهم ولا عمل ولا منفعة عامة، ولا حتى خاصة، باستثناء جرأة زائدة جعلت من هؤلاء "الحمقى" مشاهير.

لم تعد المواقع الإلكترونية المغربية تتسابق على السبق الصحفي بل على استضافة مشاهير فيسبوك وإنستغرام للحصول على أكبر عدد من الزوار

"إكشوان إكنوان"، و"سينا اللعينة"، و"ساري كول"، و"مول البيكالة"، و"نيبا"، واللائحة طويلة ولا حدّ لها، فالمغاربة أصبح لهم موعد أسبوعي مع أسماء جديدة، لعبت الصدفة دورًا كبيرًا في شهرتهم لكن من المسؤول؟

اقرأ/ي أيضًا: على منصات التواصل الاجتماعي.. حياتي للبيع!

أيضًا، باتت التفاهة تغطي على المواضيع الجدية. وبلغة التجارة الإلكترونية، فإن المناقشات الفكرية والحوارات السياسية والقصص الاجتماعية لا تجلب القارئ وبالتالي الموقع الإلكتروني لن يغامر بعدد كبير من المشاهدين، فيجد نفسه مضطرًا إلى مسايرة الوضع، والمشي في منحى التيار.

رحلة البحث عن "الكليك"

لم تعد المواقع الإلكترونية في المغرب تتسابق من أجل تحقيق السبق الصحفي بل من أجل استضافة مشاهير فيسبوك وإنستغرام للحصول على أكبر عدد من الزوار، أو تغطية الأعراس والحفلات الخاصة للنجوم والفنانين، والغرض واحد: النقر على الرابط، أو "الكليك".

قبل أيام احتفل شاب اسمه مصطفى صديق، والشهير بـ"إكشوان إكنوان" بحفل زفاف أسطوري حضره فنانون ومشاهير. قصة مصطفى تعود إلى الفترة التي انتشر فيها مرض إنفلونزا الخنازير في المغرب، حينها أدلى الشاب بتصريح عفوي لإحدى المواقع الالكترونية ونطق بعبارة "إكشوان إكنوان" عوض "H1N1"، فأصبح بين ليلة وضحاها نجمًا تتسابق الميكروفونات على تصريحاته، وتتعقبه كاميرات الصحافيين في حياته العامة والخاصة!

الشاب مصطفى مثال للعشرات من المشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، والقاسم المشترك بين هؤلاء أن نجمهم سرعان ما يخفت، فيعودون في أسابيع قليلة إلى نكرات، ويسقطون من برج "التريند" إلى ما كانوا عليه، فيأتي آخرون ليعوضوهم.

تجعل السوشال ميديا الحياة الشخصية سلعة تباع وتشترى في سوق دون حسيب ولا رقيب، وعلى قول المدونة المغربية فرح أشباب، فإن الفراغ والجهل هما المولدان الأساسيان للتفاهة في عصر الثورة الرقمية. وقد انصاع الجميع لهذه التفاهة التي تجلب أكبر عدد من نقرات الإعجاب، وباتوا ينتجونها ويستهلكونها.

وتنتشر هذه التفاهة بسرعة، لأنها "مثل الوجبات السريعة، التي تلقى إقبالًا كبيرًا، فقط لأنها سهلة التحضير ولا يلزمها وقت كثير لتنضج، مثلها مثل المحتوى الهزيل الذي بات يملك قاعدة جماهيرية كبيرة فقط لأنه سهل الهضم ولا يستوجب إعمالًا للعقل"، على قول فرح أشباب.

ويكمن الخطر الحقيقي لهذه التفاهة، في تهديدها للمحتوى الجاد والهادف الذي يناقش قضايا أساسية، قد تكون مهمة لنا ولأجيال قادمة، لكن زغب التفاهة يغطي عليها.

مسؤولية الإعلام

تلعب وسائل الإعلام دورًا في الترويج للتفاهة على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة المواقع الإلكترونية بإفساحها المجال لأمثال هؤلاء لاستضافتهم ومحاورتهم، وزيادة إبراز نجمهم، أو بالأحرى أخذهم على محمل الجد!

وكما تقول الصحفية المغربية حنان النبلي، فقد وفرت السوشال ميديا لكثير من معدومي الموهية فرصة للظهور والانتشار وتحقيق الشهرة. لقد أسدت السوشال ميديا لهؤلاء خدمة العمر، وجعلت نجمهم يسطع.

 تلعب وسائل الإعلام دورًا في الترويج للتفاهة على السوشال ميديا باستضافة نجوم التفاهة وإفساح المجال لهم وتنجيمهم

وبدورهم فقد صدقوا أنهم نجوم عندما أصبحت تتهافت عليهم وسائل الإعلام، وتحقق فيديوهاتهم أرقام مشاهدة قياسية، تواكبها سخرية واسعة من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الذين ينتقدون "التفاهة"، لكنهم من جهة أخرى يساهمون في انتشارها مشاركة وتعليقًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الموضة على السوشيال ميديا.. كيف يفسد الذوق العام بصورة؟!

وسائل التواصل الاجتماعي..هل توصل إلى الشك بالذات؟