27-أبريل-2017

"ضوء في الماء" لـ بيل فايولا/ أمريكا

تشارلز سيميك (1938) شاعر أمريكي صربيّ الأصل، له أكثر من 36 كتابًا شعريًا وحاز العديد من الجوائز العالمية منها جائزة البوليتزر عام 1990، وجائزة غريفين العالمية في الشعر في العام 2005. وهذه ترجمة أربعة من قصائده نشرت في مجلة "ذا باريس ريفيو" أيلول/سبتمبر 2013.


الخلاص

لا أكره سوى أيام الشتاء القصيرة، 
النهارات الباردة دون أن يهطل الثلج، 
والليل البهيم الذي يتعجل أن يحل علينا 
بعد أن تمر آخر حافلة مدرسية. 

وأكره امرأة لا تضيء 
سوى ضوء واحد في بيتها، 
وتبقي التدفئة على حدها الأدنى 
وتتقي البرد بشالٍ وثلاث سترات.

ولا يحبطني سوى تلك الوجبات 
التي تؤكل بصمت أمام تلفاز مفتوح، 
تذاع عليه فظائع ما جرى خلال اليوم 
تتبعها النشرة الجوية الكئيبة. 

ويفطر قلبي أن أذهب إلى السرير 
كل ليلة في غرفة بلا تدفئة 
مع الذي ما يزال يملك العزيمة 
للصلاة إلى الرب كي يمنحنا الخلاص. 

 

في ذلك المنزل الكبير

حين كانت لا تزال تعرف كيف تجعل الأخيلة تحكي 
عبر الجلوس معها لفترة طويلة. 
لقد حدثوها عن أبيها الوسيم، 
وغيابه الطويل، وكيف أن الهدوء 
يحل على البيت في المساءات المثلجة. 

كانوا يسألون، "أخبرينا يا بنية، هل أنت خائفة؟"، 
وكانت البنت تستمع للخطوات في الممر، 
ذلك الممر الطويل الخافت بمرآة على طول الحائط
كان نظرها أعشى، حدّ العمى، مثل جدتها
التي لم تعد تحسن إدخال الخيط في ثقب الإبرة.

جلستْ في الردهة تستعرض في ذاكرتها بعض الممثلين 
كانوا قد حضروا مع ابنها على العشاء ليلة ما، 
من بينهم امرأة شابة جالت بعيدًا عن البيت وحدها
ثم وجدوها بعد بحث طويل، 
تطفو عارية على بقعة من المياه العادمة.  

 

رثاء بجانب القبر 

صديقنا الراحل لم يكن يحب السماء الزرقاء، 
ولا الوعّاظ الذين ينهلون اقتباساتهم من الإنجيل
ولا السياسيين الذين يقبّلون الأطفال، 
ولا ذلك النوع من النساء الوديعات. 

كان صديقنا يفضّل الذين يسكرون في الكنيسة، 
والعراة الذين يلعبون الكرة الطائرة، 
والكلاب الضالة التي لها أصدقاء، 
والطيور التي تزقزق في الجو اللطيف وهي تتغوط.

في صباح باكر جدًا

يؤلمني أن أرى عجوزًا تغضب وهي تفاصل البائع 
على فرق تافه بالسعر في الدكان- 
لكني سرعان ما نسيتها حين عثر عليّ 
حزني من جديد: صديقٌ على شفير الموت
وذكرى ليلة أمضيناها معًا. 

امتلأ الحب في قلبي من بعدها، 
كنت أشعر برغبة تدفعني للجري عاريًا في الشوارع، 
واثقًا بأن من يراني سيدرك 
جنوني ورغبتي في أن أخبرهم 
أن الحياة قاسية وجميلة، 

غير أنّي لم أفعل- رغم اجتماع الأدلة الطاغية: 
غراب ينقر جسد سنجاب ميت على قارعة الطريق، 
شجيرات الليلك تزهر في أرض مجاورة، 
ومشهد كلب يتحرر من قيده
ينبش صندوق قمامة الجيران. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

لي أحلام مليئة بالموتى

حبيبكِ المجنون