مع دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وصف صحفي إسرائيلي الحرب على غزة بأنها "حرب كاهانا الأولى"، في إشارة إلى اليميني المتطرف وزعيم حركة "كاخ" الإرهابية، مائير كاهانا، الذي كان يحرض ضد الفلسطينيين ويدعو إلى تهجيرهم.
وفي مقال نُشر في صحيفة "هآرتس"، يشير الكاتب الصحفي اليساري، جدعون ليفي، إلى أن هذه الحرب على غزة تختلف جذريًا عن جميع الحروب التي خاضتها إسرائيل في السابق، معتبرًا أن الحرب الوحيدة التي تشبهها كانت حرب عام 1948 التي تسببت في النكبة، لكنها كانت ذات دوافع مختلفة وفق قوله، إذ كانت حرب 1948 تهدف إلى إقامة دولة يهودية، بينما تهدف هذه الحرب إلى ترسيخ دولة فاشية.
الحرب على غزة جسدت هذا التغيير العميق، حيث جاءت كل خطوة فيها لإرضاء اليمين المتطرف المؤيد لترحيل السكان الفلسطينيين.
يشير ليفي إلى أن صعود "دولة كاهانا" في إسرائيل يعود إلى ضعف بنيامين نتنياهو وافتقاره للمبادئ، إذ لم يكن الأمر مقتصرًا على الأحزاب اليمينية المتطرفة، بل لعب حزب "الليكود" بقيادة نتنياهو دورًا رئيسيًا في إيصال الفكر "الكاهاني" إلى السلطة.
أدى نشاط مؤسسة "هند رجب" إلى أزمات متكررة للجنود حيث أفاد البعض بتلقي مكالمات عاجلة من القنصليات الإسرائيلية تطالبهم بمغادرة الدول التي يقضون فيها إجازاتهم لتجنب الاعتقال.
اقرأ أكثر: https://t.co/ueuj71itSF pic.twitter.com/hNqx2Q2RcF
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 15, 2025
الحرب على غزة جسدت هذا التغيير العميق، حيث جاءت كل خطوة فيها لإرضاء اليمين المتطرف المؤيد لترحيل السكان الفلسطينيين. أصبح للقسوة قيمة يُحتفى بها في المجتمع الإسرائيلي، حيث يتم التباهي بالدمار والقتل وكأنهما إنجازان عظيمان.
تحول عميق في إسرائيل
يوضح ليفي أنه في حروبها السابقة، ارتكبت إسرائيل أعمالًا شنيعة، لكنها كانت تحاول أحيانًا إنكارها أو التستر عليها، بل والشعور بالخجل منها. أما في هذه الحرب، فالأمر مختلف تمامًا. يتفاخر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي علنًا بحجم الدمار والقتل، مقدمًا هذه "الإنجازات" كوسيلة لإرضاء اليمين المتطرف الذي أصبح التيار السائد.
تحولت إسرائيل إلى دولة تسعى إلى قتل العرب وتدمير ممتلكاتهم لمجرد القتل والتدمير. هذا التحول العميق يمثل مستقبلًا مظلمًا تحتاج إسرائيل سنوات طويلة للتعافي منه.
🚨 اعترافات جنود إسرائيليين رفضوا القتال في غزة وتحدثوا عن جرائم حرب، كما نقلت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية:
📌الضابط في سلاح المدرعات يوتام فيلك:
-التعليمات كانت تقضي بإطلاق النار على أي شخص غير مصرح له بالدخول إلى المنطقة العازلة التي تسيطر عليها إسرائيل في غزة.
-رأيت ما لا… pic.twitter.com/uwhjo7O7g6
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 14, 2025
صعود الكاهانية
يشير الصحفي الإسرائيلي إلى أنه مع ظهور مائير كاهانا في السبعينيات، دخلت السياسة الإسرائيلية مرحلة جديدة من التعصب الذي اعتبر العرب "كلابًا" في أفضل الحالات. في البداية، رفض المجتمع الإسرائيلي هذا الخطاب. لكن مع مرور الوقت، ومع حكومات نتنياهو المتعاقبة، تم إضفاء الشرعية على الفاشية وإدماجها في السياسة والمجتمع.
في وسائل الإعلام، أصبح الحديث عن "عدم وجود أبرياء في غزة" أمرًا عاديًا، بل ومقبولًا. تم إقصاء الأصوات المناهضة للحرب، وأصبحت الإنسانية والرحمة أشياءً محرمة في النقاش العام.
الهيمنة الكاملة للكاهانية
يلفت ليفي إلى أنه خلال أشهر الحرب الطويلة، أصبحت الكاهانية الصوت المهيمن في إسرائيل وجيشها. لم يعد هناك فرق بين قادة المستوطنات وقيادات الدولة في إسرائيل، فجميعهم عملوا بروح "كاهانا" لإرضاء زعماء اليمين المتطرف مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.
🎥 دمار على مدّ البصر في #بيت_حانون شماليّ قطاع #غزة. pic.twitter.com/WoD1Zrsp5V
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 19, 2025
وبحسبه، ما يؤكد ذلك هو تأجيل صفقة تبادل الأسرى لأشهر، حيث تم تدمير غزة بالكامل، وقتل عشرات الآلاف، وكل ذلك لإرضاء الروح "الكاهانية".
انسحب حزب "القوة اليهودية" من الحكومة، لكن إرث كاهانا لا يزال قائمًا. فقد أصبح حزب الليكود بقيادة نتنياهو كافيًا لتنفيذ رؤيته دون الحاجة إلى اليمين المتطرف.
يختم ليفي مقاله بالقول إن الحرب على غزة ليست مجرد نزاع عسكري، بل هي انعكاس لتحول جذري في هوية إسرائيل. ما كان يعتبر يومًا تطرفًا، أصبح الآن التيار السائد. وهو واقع ينذر بمستقبل مظلم للمنطقة بأسرها.