25-مارس-2023
ريال مدريد

"Getty" صرف ريال مدريد على الفئات العمرية في موسم واحد 27 مليون دولار

يتعرّض ريال مدريد دائمًا لاتهامات بأنه فريق بلا هوية واضحة، وعند ذكر أسباب اعتناق هذه الفرضية، يقول أصحابها أن ريال مدريد لم يكن طيلة تاريخه سوى فريق يسعى لتحقيق البطولات بغض النظر عن كيفية تحقيقها.

لا تُعد لافابريكا مجرد أكاديمية للناشئين في مدريد، بل هي جزء أصيل من هوية الفريق وفلسفته الخاصة

لم يعش ريال مدريد طوال تاريخه فترة مثل فترة برشلونة بيب، وميلان ساكي، وغيرها من الفترات التي صنعت هويات خاصة لهذه الأندية، لكن السؤال الآن، هل حقًا كان ريال مدريد فريق بلا هوية؟ دعونا نخوض قصة قصيرة من ضمن قصص وحكايات هذا النادي الكثيرة جدًا، حتى نتمكن من الإجابة على هذا السؤال.

داخل أروقة المصنع

تبدأ القصة من داخل مجمع أكاديمية تدريب ريال مدريد "فالديباس". تنقسم الأكاديمية إلى عدة أقسام من الفئات السنية الدنيا، وتحديدًا من سن الخامسة إلى أن تصل للفريق الأول، وهو الطريق الذي عليك أن تسلكه إن كنت ترغب في تمثيل الفريق الأول لريال مدريد يومًا ما.

ريال مدريد

تضم الأكاديمية 11 ملعبًا لكرة القدم، بالإضافة إلى ملعب ألفريدو دي ستيفانو، والعديد من المباني التي يجب على اللاعبين التقدم من خلالها، حتى يصلوا ذات يوم إلى البرنابيو، حلم كل لاعب كرة قدم في العالم.

وفقًا لموقع " ذا أثليتك " فإن أكاديمية ريال مدريد تضم حوالي 364 لاعبًا، وتظهر الإحصائيات أن النادي صرف على الفئات العمرية المختلفة في عام 2021-2022، ما يقارب 27 مليون دولار، بالإضافة إلى مبلغ 39 مليون جنيه إسترليني على الأنشطة المختلفة داخل الأكاديمية.

ريال مدريد

لكن على الجانب المقابل، تشير الإحصائيات أنه في السنوات العشر الماضية إلى استفادة النادي من مبلغ 330.5 مليون يورو من مبيعات أبناء الأكاديمية لفرق إسبانيا المختلفة، فأبناء الأكاديمية هم الأكثر تواجدًا في الفرق الإسبانية في الدرجات المختلفة، لكن كيف بدأت قصة هذه الأكاديمية؟

لافابريكا.. سر التسمية والفلسفة

لافابريكا: هو مصطلح صاغه لاعب ريال مدريد الأسطوري، ألفريدو دي ستيفانو، في خمسينيات القرن الماضي، ودارت السنوات لتصبح أشهر أكاديميات كرة القدم في العالم، والمكون الرئيسي لفلسفة وهوية ريال مدريد، المتهم بعدم امتلاكها، فكيف حدث ذلك؟

في السنوات العشر الماضية استفاد ريال مدريد من مبلغ 330.5 مليون يورو من مبيعات أبناء الأكاديمية لفرق إسبانيا المختلفة

تكمن الإجابة في النهج الذي تتبعه الأكاديمية، والذي يجمع بين القيم التي يعمل مدربو الأكاديمية على غرسها في اللاعبين من اليوم الأول، والأسلوب العلمي لكرة القدم، وهو ما يميز لافابريكا ليس فقط عن باقي أكاديميات إسبانيا، وإنما في العالم بأسره.

فلسفة حديثة

منذ عقود، شق أساطير مثل سانشيز، وكاسيس، طريقهم نحو المجد، ونيل شرف اللعب للفريق الأول، عن طريق التدرج في الفئات السنية المختلفة للأكاديمية؛ وهو ما جعل النادي يتبنى مشروعًا جديدًا، هدفه البحث عن المواهب في كل حدبٍ وصوب.

ريال مدريد

عندما يتعلق الأمر بالتعاقد مع لاعبين دون 12 عامًا، يركز الكشافون على اللاعبين المحليين، الموجودين تحديدًا في مدريد، وهو نهج متأثر بدراسات الفيفا الأخيرة، التي تشير إلى النتائج السلبية لاقتلاع اللاعبين في هذا السن من منازل عائلاتهم، وهي دراسات تقول أنه لا ينصح بنقلهم لمسافة تزيد عن 100 كيلو.

لدى مدريد عيون أيضًا في باقي إسبانيا، في كاتلونيا، والأندلس، وغيرها من المدن، لكن أولئك الذين يعملون في لافابريكا يدركون إحصائيًا، أن اللاعبين المولودين في مدريد، هم الأكثر حظًا في الصعود للفريق الأول، مثل كارفخال وناتشو، وغيرهم.

الحمض النووي لريال مدريد

في حديثه لموقع " ذا أثليتك "، قال بوتراجوينو، أحد أساطير النادي: "في لافابريكا، يتم غرس قيم مثل الالتزام والاحترام، منذ نعومة أظافر اللاعبين، وسلوك اللاعبين خارج الميدان مهم كما الداخل تمامًا، وهذا ينعكس عليهم ومسيرتهم كلما تقدموا في العمر."

ريال مدريد

يعتقد بوتراجوينو أن هذه السياسة هي ما يمكن تسميتها بالحمض النووي لريال مدريد، وهي مهمة بأهمية الفلسفة الكروية داخل الملعب لفريق ما، بل يعتقد أنها في معظم الأحيان قد تكون أفضل من امتلاكك لفلسفة لعب معينة داخل الملعب؛ لأنها ببساطة تُرث عبر الأجيال.

لن تصل في الغالب لكنك مراقب

الآفة الكبرى التي يعاني منها أشبال الأكاديمية هي النسبة الضئيلة التي يمتلكوها في الوصول للفريق الأول. حيث يُوجد مرحلتان سنيتان محددتان عند تسريح اللاعبين، وهي المرحلة ما بين 12 عام و 13 عام، وأيضًا بين 16و17 عام، لكن النادي لديه سياسة لمراقبة اللاعبين عن كثب، وعندما يبيع النادي أحد اللاعبين، فيشترط أن يكون لديه الأولوية في إعادة شرائه.

لا تُعد لافابريكا مجرد أكاديمية للناشئين في مدريد، بل إنها جزء أصيل من هوية هذا الفريق، وفلسفته الخاصة، التي تثبت للجميع يومًا تلو الآخر أنها هي الهوية الوحيدة الحقيقة في وسط كل هذه الهويات المؤقتة أو الزائفة.