على عكس الدعاية التي يروج لها بعض أحزاب اليمين الأوروبي، يبدو أن اللاجئين، يلعبون دورًا مهمًا في خوض المعركة ضد انتشار فيروس كورونا الجديد. التقرير أدناه، المترجم عن موقع ميديل إيست آي البريطاني، يبين واحدة من تلك التجارب.
عمل سهيل حبيبي خياطاً في إيران قبل لجوئه إلى أوروبا. والآن في خضم الوباء الذي يجتاح العالم، فقد وظف مهاراته لفعل الخير. يخيط سهيل الأقنعة الواقية في مخيم بوجانوفاك للاجئين عند الحدود الجنوبية لصربيا.
على عكس الدعاية التي يروج لها بعض أحزاب اليمين الأوروبي، يبدو أن اللاجئين، يلعبون دورًا مهمًا في خوض المعركة ضد انتشار فيروس كورونا الجديد
يقول: "سألت نفسي، كيف يمكنني أن أساعد؟ بما أنني كنت خياطًا في طهران، بدأت في فعل ما أجيده: خياطة الأقنعة الطبية".
اقرأ/ي أيضًا: ما أهمية الإنسانيات في زمن كوفيد-19؟
في البداية بدأ في صنعها بيديه، ثم اشترت له المفوضية الصربية للاجئين آلة خياطة. واليوم بمساعدة لاجئين آخرين، يخيط حبيبي 100 قناع في يوم ونصف، ويساعد في تلبية الطلب المتزايد ونقص الأقنعة في السوق.
في الصيدليات الصربية، يكلف القناع يورو كاملًا، مما يجبر الفقراء على الخروج دونه. يقول حبيبي: "في البداية صنعت الأقنعة من القطن المجرد، واستخدمناها داخل المخيم. ثم علمنا أن الفيروس أقوى من ذلك وأننا بحاجة لمواد أفضل وتصميم مختلف. لذا أستخدم اليوم مواد أسمك وتصميمًا يزيد من الوقاية.
لا توزع الأقنعة على اللاجئين الذين يخرجون من المخيم فقط بل على آخرين كذلك. وبعضها تصل إلى السكان المحليين. يصف حبيبي واللاجئون دوافعهم بالخيرية والإيثار، وليس في نيتهم استخدام عملهم التطوعي وسيلة لإيجاد عمل أو تمديد إقامتهم في صربيا. معظمهم يريدون الوصول إلى غرب أوروبا وملاقاة أحبتهم هناك.
يقول: "لا تفهمني خطأً، نحن ممتنون لصربيا لاستقبالنا، لكننا لا نريد أن نبقى. نحن عالقون هنا، وكلنا نريد إكمال رحلتنا للانضمام إلى أحبائنا. لكن بما أننا هنا، بإمكاننا المساعدة".
تزايد المشاعر المعادية للمهاجرين
في الشهور الأخيرة، تزايدت حدة المشاعر المعادية للاجئين في صربيا، وأماكن أخرى في أوروبا. وعلى إثرها سيست قضية وصول اللاجئين واستخدمت في الانتخابات البرلمانية التي كان من المقرر عقدها في أواخر نيسان/أبريل الجاري والتي جرى تأجيلها بسبب جائحة فيروس كورونا الجديد.
أفادت تقارير بتعرض اللاجئين للتحرش والأذى من قبل ما يسمى بدوريات المواطنين في بلغراد ومدن أخرى. أصبحت صربيا مؤخرًا مكانًا جاذبًا للاجئين. في أيلول/سبتمبر الماضي، صرح وزير الداخلية النمساوي السابق هيربرت كيكل خلال لقاء متلفز بأن فيينا وقعت اتفاقية مع بلغراد، تستضيف الأخيرة بموجبها اللاجئين الذين ترفضهم النمسا، على الرغم من أن صربيا ليست من دول الاتحاد الأوروبي ولا هي الدولة الأولى في طريق اللاجئين حيث عليهم أن يطلبوا فيها اللجوء.
قال كيكل عن فترة توليه المنصب والتي انتهت في أيار/مايو 2019: "خلال فترة تولي للمنصب وقعت اتفاقية مع صربيا، تنص على أن من يتلقون ردًا سلبيًا على طلبات لجوئهم، تجب عليهم مغادرة البلاد، لكن إن رفضت دولهم استقبالهم، فإننا نرسلهم إلى دولة أخرى، هي صربيا". ورغم سعي الصحفيين الصرب للحصول على إجابات من حكومتهم بشأن تصريح كيكل، ظلت بلغراد صامتة بهذا الشأن، وهو صمت زاد من حدة المشاعر المعادية للمهاجرين.
هناك حالياً أكثر من 7000 لاجئ ومهاجر عالقون في صربيا بعد أن أغلقت المجر وكرواتيا حدودها قبل تفشي وباء كورونا. وجاء آخرون من البوسنة والهرسك التي يقولون إن الأوضاع فيها أشد سوءًا.
واحد ممن يساعدون حبيبي في صنع الأقنعة الواقية هو حسين المصري، وهو مسعف طبي محترف من منطقة درعا في سوريا. وقد استغرق 18 شهرًا للوصول إلى صربيا. يقول حسين "كنت عضوًا في الخوذات البيضاء لأربع سنوات. وقبل ذلك عملت مسعفًا منذ التسعينات. نحن نشهد اليوم أزمة عالمية وعلينا جمعيا أن نحارب باعتبارنا بشرًا في المقام الأول".
يقول: "لقد سافرت من سوريا إلى تركيا ثم اليونان وألبانيا ووصلت إلى هنا عبر كوسوفو. كنت لأتطوع في أي من هذه البلاد أو أي بلد أخرى في أوقات الأزمة".
يقول إنه لم ير أي علامات على التحيز ضد المهاجرين. "لقد وصلت إلى صربيا قبل شهر ونصف. لم أدرك هذا التحيز. باعتبارنا بشرًا علينا أن نتحمل واجبنا في الاستجابة لهذه الأزمة. هذا ما أفعله طوال حياتي. كلنا في مواجهة هذه الأزمة معًا".
اقرأ/ي أيضًا: جوديث بتلر.. عن التغيير في زمن كورونا
ينظم اللاجئون الآخرون أنفسهم في مجموعات ويعرضون خدماتهم على السلطات الصربية. ولم يلقوا استجابة حتى الآن. عرض اللاجئ السوري بشار شقير، مدير الأعمال السابق من دمشق خدمات 250 لاجئ من المخيم إلى السلطات.
في الشهور الأخيرة، تزايدت حدة المشاعر المعادية للاجئين في صربيا، وأماكن أخرى في أوروبا
كان هدفه الأصلي على حد قوله هو الوصول لأصدقائه وعائلته في غرب أوروبا، لكنه الآن يود رد الجميل للبلد الذي آواه وقدم له الطعام. يقول إنه ليس بوسعه والآخرين أن يجلسوا دون فعل شيء. ويضيف: "علينا أن نساعد ولدينا مهارات قد تكون مفيدة في هذه المعركة. ففي النهاية نحن لا نخشى العمل. لدى ما يقارب 40 شخ من بلدي في هذا المخيم خبرة طبية من نوع ما. أنا متأكد من إمكانية توظيفها في الخير".