15-يوليو-2019

فرض الصراع بين التحالف السعودي الإماراتي وحزب الإصلاح نفسه على مصير اليمنيين (Getty)

بدأت تتكشف أسباب فشل التحالف العربي في حسم الحرب الظالمة على اليمن، التي لم تعرف لها نهاية بعد، سواءً بالحسم العسكري، أو بالسلام الذي يأمله اليمنيون.

بدا الخوف من تسلم الجماعات الإسلامية السلطة في الوطن العربي، عقب تسلم الإخوان المسلمين الحكم في مصر،  وكأنه محرك أساسي للسياسة الخارجية لأبوظبي والرياض بما في ذلك باليمن

فبعد أن صرح مستشار الرئيس هادي عبدالعزيز جباري نائب رئيس مجلس النواب، في حوار على قناة سهيل، بأن تحالف الرياض وأبوظبي  تدخل في اليمن من أجل تحقيق مصالحه، مشيرًا إلى أن التحالف هو من أوقف القوات الحكومية عن التقدم في جبهات القتال ومنع عودة الرئيس هادي إلى اليمن، وبعد تصريحات لمسؤولين آخرين  في الحكومة التي يُفترض أن الرياض تدخلت من أجل دعمها وإعادتها إلى صنعاء تنتقد عمل التحالف، أطلق اللواء محسن خصروف، رئيس دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة، للسانه العنان لكشف أسباب عدم حسم التحالف المعركة لصالح هادي رغم إمكانيته العالية.

اقرأ/ي أيضًا: كيف سقط اليمن من أجندة التعاطف العالمي؟

هو ذات السبب الذي ساهمت السعودية والإمارات من خلاله في سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء والمحافظات اليمنية الأخرى في العام 2014، حسب رأي خصروف، أي مخافة سيطرة  حزب الإصلاح على اليمن، والتحكم بزمام الأمور في البلد الذي يعاني من ويلات الحرب والمجاعة.

فالخوف من تسلم الجماعات الإسلامية السلطة في الوطن العربي، عقب تسلم الإخوان المسلمين الحكم في مصر، بدا وكأنه محرك أساسي للسياسة الخارجية لأبوظبي والرياض، التي عملتا بشكل ممنهج على إجهاض الثورات العربية في سوريا ومصر واليمن وليبيا، وخلق ثورات مضادة، مناهضة لأحلام الشعوب.

ويعد حزب التجمع اليمني للإصلاح أحد أبرز الأحزاب السياسية في اليمن، وثانيها من حيث الانتشار والتواجد المحلي، وأولها من ناحية البناء التنظيمي والتأثير السياسي، وينتمي للتيار السني المعتدل، بعد أن تأسس في الـ13 من أيلول/سبتمبر 1990 عقب إعلان الوحدة اليمنية.

وفي حوار على قناة اليمن اليوم الفضائية الرسمية، بشقها التابع للرئيس هادي، أكد خصروف أن التحالف لا يريد لليمن أن تنتصر، لكي لا يتسلم حزب الإصلاح الحكم في اليمن.

فالتحالف الذي تقوده الرياض والولايات المتحدة الأمريكية عمل على منع الجيش اليمني من التقدم في جبهة نهم، شرق العاصمة صنعاء، وفي جبهة الساحل الغربي، بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر البوابة الغربية لليمن، بحسب خصروف، الذي يضيف: "لم يسمح للجيش الوطني أن يقاتل حتى تحقيق النصر في معظم جبهات القتال بحجة أن انتصار الجيش الوطني سيعني انتصار التجمع اليمني للإصلاح، فهذه أكذوبة كبرى يرددها التحالف".

"ليس التجمع اليمني للإصلاح القوة الوحيدة الموجودة على الأرض في اليمن، ولن ينتصر بمفرده ولن يحكم اليمن بمفرده"، بهذه الكلمات  يكشف خصروف سبب فشل حرب  تقودها الرياض على اليمن منذ العام 2015، خرجت عن أهدافها في دعم شرعية الرئيس هادي، إلى احتلال الجزر اليمنية والمواقع الإستراتيجية وإنشاء المليشيات المسلحة، وتسببت في مقتل عشرات الآلاف.  

لم يقدم التحالف للجيش الوطني الإمكانيات والأسلحة التي تمكنه من تحقيق الحسم، فجنود الجيش الوطني يقاتلون بأسلحة خفيفة، فحتى اللحظة لا يأتمن التحالف قوات الجيش الوطني على آليات عسكرية ثقيلة، وكل ما قُدم من أسلحة لا يمكنه حسم المعركة، فالطيران الحربي والدبابات والمدافع الثقيلة، تستخدمها قوات التحالف نفسها وليس الجيش اليمني.

وقارن اللواء محسن خصروف بين ما تقدمه إيران لجماعة الحوثي  وما يقدمه التحالف للحكومة، بقوله "إيران قدمت للحوثيين صواريخ باليستية وطائرات مسيرة، وهم مليشيات، بينما التحالف لا يأتمننا على مدفعية أو دبابة أو قاعدة صواريخ ونحن دولة".

يأتي حديث خصروف بالتزامن مع توقف شبه تام للقوات الحكومية عن التقدم في جبهات القتال، فيما يقول التحالف إنه أفسح المجال للأمم المتحدة لتحقيق السلام في اليمن، في الوقت الذي تحولت فيه جماعة  الحوثيين من مرحلة الدفاع إلى الهجوم، تشن غارات متواصلة على مواقع القوات الحكومية، في العديد من جبهات القتال بالإضافة إلى استهداف المواقع الحيوية والمطارات داخل الأراضي السعودية، بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة.

من ينتقد التحالف.. إصلاحي إخواني حوثي

حملة شرسة، يشنها التحالف ضد حزب الإصلاح، وبالذات أبوظبي ومرتزقتها، بل إن أي صوت يطالب بتصحيح العلاقة مع التحالف أو طرده من اليمن، وينتقد ممارسته الاحتلالية وتجاوزاته لسيادة اليمن، وحتى وإن كان من أحزاب أخرى يطلق عليه إصلاحي إخواني.

وخلال السنوات الماضية، حمل التحالف السعودي الإماراتي حزب الإصلاح، الذي يعد أبرز مكون سياسي يمني متحالف مع حكومة هادي والتحالف، فشله في تحقيق الحسم العسكري ضد جماعة الحوثيين.

بل إن الإمارات استقدمت مرتزقة أمريكيين، بغرض القيام بعمليات اغتيال ضد قادة حزب الإصلاح في مدينة عدن، وقدمت مقابل ذلك مبالغ مالية كبيرة، بالتنسيق مع ميليشيات إسرائيلية وبإدارة القيادي المفصول من حركة فتح الفلسطينية محمد دحلان.

وفي ذات السياق قال الشيخ عبدالله العكيمي، إن الإمارات دعمت الحوثيين للتخلص من الإصلاح. وفي تغريدة أخرى قال العكيمي إن "بن زايد تحالف مع إسرائيل نكايةً بحماس التي تدافع عن قضيتنا الأولى، نيابة عن الأمة. مشيرًا إلى أنها تعمل على دعم الأحزمة الأمنية والنخب المتمردة على الحكومة في اليمن نكايةً بحزب الإصلاح الواقف مع الشرعية".

وفي سياق ردود الفعل على حديث خصروف الذي تسبب بإقالته، أشعل ناشطون وكتاب صحفيون وسائل التواصل الاجتماعي، بوسم #خصروف_قال_الحقيقة. وكان الرئيس عبدربه منصور هادي قد أمر بإيقاف اللواء محسن خصروف من عمله كمدير لدائرة التوجيه المعنوي وإحالته للتحقيق بعد تصريحه الناقد للتحالف، وهو ما اعتبره ناشطون دليلًا على تبعية الحكومة للتحالف، لكن آخرين ذهبوا إلى أبعد من ذلك متهمين هادي بالخيانة وبيع سيادة البلاد.

وفي ذات السياق اعتبر الصحفي اليمني سمير النمري، أن إقالة خصروف تمت بسبب سرده للحقائق عن التحالف السعودي الإماراتي. وأعلن النمري عن تضامنه الكامل مع اللواء المُقال.

أما الكاتب اليمني خليل العمري رئيس تحرير موقع رأي اليمن، فاعتبر أن كل ما قاله اللواء خصروف كلام حقيقي عن التحالف يعرفه كل مسؤول ومواطن  يمني. وأكد أن التحالف يريد  تحويل اليمن  لساحة حرب مفتوحة، بالرغم من قدرته على حسم المعركة في شهور قليلة.

وفي ذات السياق لم يتوقع الناشط السياسي اليمني أبو جهاد الصبيحي، أن يصل القرار اليمني المسلوب من طرفي التدخل العسكري، إلى حد إقالة القادة السياسيين والعسكريين الذين يقفون ضد أطماع الرياض وأبوظبي.

اقرأ/ي أيضًا: كيف شغلت الإمارات دحلان لتوظيف مليشيات مرتزقة أمريكية وإسرائيلية في اليمن؟

ووصف إقالة الرئيس هادي لخصروف بالجريمة، "فإن كان هو من أجرم فمصيبة، وأما إن كان قد أقاله بالنيابة فكارثة ماحقة"، على حد تعبيره.

ويعد حزب التجمع اليمني للإصلاح أحد أبرز الأحزاب السياسية في اليمن، وثانيها من حيث الانتشار والتواجد المحلي، وأولها من ناحية البناء التنظيمي والتأثير السياسي

وبين الصبيحي أن الرئيس هادي لم يعد يمتلك قراره ولم يعد يدير البلاد، فهو يملك "ختم الجمهورية اليمنية" يختم به ما يقدّم له جاهزًا من أوامر وتعليمات وقرارات وتعيينات وإقالات وإحالات وفصل وتعديلات وتغييرات.