13-أبريل-2021

أثناء تظاهرة لنساء مسلمات في الدنمارك (Getty)

يعيش مئات آلاف المسلمين في الدول الإسكندنافية، السويد والنرويج والدنمارك وفنلندا وآيسلندا، أقصى شمال غرب أوروبا، وفي كل عام يتصاعد الجدل والخلاف الفقهي والنقاش حول مواقيت الإمساك والإفطار في رمضان بسبب طول ساعات النهار في صيف هذه الدول. كما أن المسألة من الناحية الصحية والطبية مثار جدل ونقاش أيضًا. فهل يفرض على المسلم الصيام لأكثر من  20 ساعة، خاصة أن الامتناع عن الطعام والشراب طيلة هذه المدة غير صحي ومضر للجسد؟.

تتنوع الآراء الفقهية بخصوص صيام رمضان في الدول الإسكندنافية، خاصة في فصل الصيف حيث يطول النهار لأكثر من 20 ساعة

محي الدين، مسلم  مقيم في السويد منذ مولده عام 1989، ويعمل صاحب مطعم، تحدث لألترا صوت عن تجربته مع شهر رمضان بالقول "رمضان ليس ظاهرًا في الدول الإسكندنافية كما باقي الدول، ومن الصعب التكيف مع رمضان لأن أغلبية المجتمع الإسكندنافي لا يؤمنون به"، وأضاف "يتوجب علي كمسلم أن أخطط بدقة لشراء المنتجات الحلال وحساب توقيت الصيام المناسب، فالمعاناة لا تنحصر في اختلاف التقاليد والعادات الاجتماعية، لكن لا يوجد أي مبرر يمنعني عن الصيام، والصعوبات تكمن في السحور أيضًا، بسبب قرب وقت الإفطار من السحور"، وأشار إلى استعانته ببعض المرجعيات والمراجع الإلكترونية لمعرفة الفتاوى المتعلقة بتفاصيل الصيام في حالته.

اقرأ/ي أيضًا: هل يبطل لقاح كورونا الصوم في رمضان؟

أما ميرا المقداد، وهي لبنانية تعيش في السويد منذ أكثر من 10 سنوات، قالت في حديثها لألترا صوت "إن شهر رمضان يشكل معاناة بالنسبة لي بسبب طول ساعات الصيام التي تصل لأكثر من 20 ساعة في فصل الصيف حيث لا يغيب ضوء الشمس أبدًا، وبسبب عملي الليلي المتعب كممرضة حيث أحتاج لشرب المنبهات كالقهوة والشاي والنسكافيه لأحافظ على نشاطي وأكمل نوبتي الليلية بشكل طبيعي، توقفت عن الصوم منذ 6 سنوات بعدما اشتد طول النهار وزادت ساعاته". وأشارت ميرا إلى أن رمضان هذا العام سيكون أقل وطأة على المسلمين لأنه صار أقرب إلى الشتاء، بالتالي فساعات النهار تتقلص تدريجيًا. 

بينما تشيع 3 آراء حول هذا النقاش، وهي اجتهادات مستندة إلى فهم  النصوص الشرعية. فـالقول الأول يقضي بوجوب الصيام على أهل تلك البلاد طالما وجد غروب وشروق وتبين الفرق بين الليل والنهار، ومن لم يستطع ذلك أو خاف على نفسه من الضرر الصحي المحقق أو خاف على نفسه من الأذى والهلاك أفطر شرط أن يقضي ما في ذمته من صيام في أي وقت من أوقات السنة. بينما القول الثاني يقدر الصيام تقديرًا على توقيت مكة المكرمة أو المدينة المنورة، أو أقرب البلاد المعتدلة إليهم ويصومون تبعًا لمواقيتها بعد تحديد عدد ساعاتها. أما القول الثالث، لمن لا يستطيع الصيام على التوقيت المحلي في الدول الإسكندنافية، له أن يبدأ صيامه من فجر المنطقة التي يعيش فيها ثم يفطر مع توقيت المغرب في مكة المكرمة، أي تحديد نقطة الانطلاق ثم يحسب الساعات إلى حين إفطار أهل مكة.

بينما تتوفر المخارج الشرعية لهذه الآراء من الناحية النظرية في الفقه، مثال: السفر لمسافة 81 كيلومترًا يعتبر حلًا شرعيًا، لكن يرى بعض فقهاء الدين أن التشهي في الشريعة بحد ذاته يعتبر إثم. فصحيح أن المخارج الشرعية موجودة لكنها تبقى فردية الممارسة، أما على صعيد الجماعة المسلمة فكيف يمكن مثلًا لنصف مليون مسلم أن يسافروا ويقطعوا 80 كيلومتر فجرًا، فهذا شيء لا يمكن تخيله. والمسألة الأساسية المطروحة تكمن في المحافظة على جو الصيام في رمضان ومعنى الصيام وحكم وقيم الصيام.

وفي اتصال مع مكتب السيد محمد حسين فضل الله في بيروت أفاد المكتب بالقول أن القادر على الصوم مع طول فترة النهار يجب عليه الصوم، وأما غير القادر على تحمل الصوم والذي يخاف الضرر على نفسه فيجوز له الإفطار وعليه القضاء، ولا يصح صوم جزء من النهار، بل يجب الصوم من الفجر حتى الغروب. ويجوز السفر اختيارًا للإفطار شرط قضاء الصيام لاحقًا عندما يتمكن منه. أما بالنسبة "للمناطق التي لا يتبين فيها الليل من النهار، وتكون إما ليل أو نهار، مثل حال الدول الإسكندنافية التي يطول فيها النهار صيفًا، فالمسلم غير مكلف بالصوم فيها شرط أن يقضي أيام الصوم عندما يتمكن من ذلك، بحسب الرأي الصادر عن مكتب فضل الله.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الدراما المصرية في رمضان 2021.. إرهابٌ وصراعُ أجيال (2-2)

الحكم "المخفف" على قاتل هاجر العاصي يثير غضب الناشطين والمغردين في الكويت