01-ديسمبر-2020

كالكوتا - الهند نيسان/أبريل 2015 (Getty)

قال يوهان غوته "كان باستطاعتنا إنجاب أطفال ذوي تربية عالية، لو كان أهلهم كاملين". من هذه المقولة يمكن الانطلاق نحو تبيان الأهمية القصوى لدور الأهل في التربية. وعند الحديث عن التربية لا يمكن إغفال أهمية التربية الجنسية للأطفال أبدًا. هنا سنعرض بعض الإرشادات حول كيفية تعامل الأهل بطريقة إيجابية ومفيدة للأسرة بأكملها مع الفتيات إبان بلوغهن مرحلة الحيض لأول مرة في حياتهن.

لا يجب ترك الفتاة تبحث عن معلومات قد تكون مغلوطة أو مؤذية أو غير مفيدة أقله بخصوص فترة الحيض الأول، وهنا يحضر دور الأهل وشكل علاقتهم بالفتاة ليحدد طبيعة تخطي هذه التجربة ونتائجها

يمكن اعتبار إيجاد طريقة ملائمة وعلمية للتعاطي مع البنات عند هذه الحالة من واجبات الأهل كي يجنبوا بناتهم مخاطر عدة جسمانية ونفسية قد تصيب الفتيات في حال إهمال عملية التثقيف الجنسي حول هذه المسألة الخاصة جدًا والمفصلية في مراحل عمر الفتيات. فإذا لم يقم الأهل بتفسير قضية الحيض بشكل ملائم سوف ترتبك الفتاة وتدخل في دوامة من القلق والتوتر والرعب أحيانًا. إذ لا يجب ترك الفتاة تبحث عن معلومات قد تكون مغلوطة أو مؤذية أو غير مفيدة أقله.

اقرأ/ي أيضًا: الدورة الشهرية.. المادة الأقدس في ثقافة القدماء

لذا يجب توفير جميع المعلومات من قبل الوالدين للإجابة عن الأسئلة المتعددة التي تراود الفتيات في أول حيض يواجهنه، كمعرفة طول فترة الدورة الشهرية ومدة الحيض والسبب الذي من أجله تتم هذه التفاعلات في أجسادهن والآلام الناجمة عنه وطريقة التعامل مع كل هذه الظروف، وكل هذا يعتمد على ثقافة الأهل ككل بشكل أساسي.

يتوجب على الأهل إدراك أن من شأن الأوجاع الجسدية المرافقة للحيض أن تؤثر نفسيًا على الفتاة (Getty)

والحيض هو المرحلة الأخيرة من نظام ينتهي ويعود كل شهر قمري ويدعى الدورة الشهرية عند المرأة. وتتألف هذه الدورة من 4 مراحل كل واحدة منها تستغرق أسبوعًا. خلال هذه المراحل لا يغيب تأثير هرمونات المبيض على جسم المرأة بتاتًا، إذ يحدث تبدلًا جلديًا كما تفقد المرأة الاتزان الجسماني والنفساني وتتعرض لتأثيرات مزاجية في بعض الأحيان. ويفرز جسم المرأة خلال هذه الفترة بويضة واحدة كل دورة قمرية بدقة تامة، فتضع المرأة البالغة كل 28 يومًا بويضة يصحبها كمية معينة من الدم. وهناك علامات جسمانية لاقتراب الحيض عند الفتاة يجب على الأهل شرحها أيضًا بصراحة ووضوح، وكل ذلك يعتمد على الثقة والانفتاح والحوار بين الأهل والابنة، والأهم الحب والاحتواء.

كما يجب أن يلم الأهل بالخصائص المناخية التي يعيشون فيها لأن الطمث عند الفتاة يتغير بتغير الطقس ودرجات الحرارة. فيجب أن نشرح للفتاة الأسباب بكل عطف ومحبة مبتعدين عن التهجمات أو استخدام التعابير الخاطئة والحادة. كما يجب تبسيط المسألة قدر الإمكان نظرًا للانفعالات الكبرى التي تحدث في هذه السن على صعيد الطبع والسلوك. يجب أن تشعر الفتاة بأن ما تمر به هو أمر بيولوجي طبيعي ومهم لناحية تكوينها البيولوجي ولا يجب أن يشكل أي إحراج أو إشكالية لها.

ففي أول سن البلوغ يكون الحيض متنوعًا وغير منتظم، وتغير المناخ والأسفار والتنقل الجغرافي بين السهل والجبل أو بين القرية والمدينة وعدم انتظام أوقات الأكل ونوعيته والألعاب الرياضية والخوف والتوهم بالمرض كلها عوامل تؤثر في نفسية الفتاة ويجب إعطاءها أجوبة شافية تساعدها في تخطي التجربة واعتيادها مستقبلًا، خاصة أن رؤية الإنسان الدماء خارجة من جسمه للمرة الأولى ليس أمرًا هينًا البتة.

على الأهل الانتباه إلى أن البلوغ هو أزمة في حياة الفتاة. وغالبًا ما تلعب الأفكار والعادات والتقاليد دورًا في زيادة أو نقصان حجم الآلام الحيضية عند الفتيات. والتربية الجنسية المغلوطة تؤدي إلى فهم خاطئ للوظائف التناسلية عند الفتاة كأن تسمع بأنها "نجسة" أو "غير طبيعية" أو أنها حامل أو ارتكبت خطيئة مميتة فتأتيها الرغبة بالهرب من الحقيقة المخيفة فتصاب بالآلام والتشنجات والإغماء والقيء والمغص وأوجاع فيزيولوجية أسبابها نفسية.

الدورة الشهرية والحيض من الخصائص الطبيعية في تطور جسد المرأة، فلا فائدة من التهرب وعدم الوضوح بهذا الخصوص أثناء العملية التربوية

فمنذ الطفولة تفهم الفتاة عن طريق الخطأ بأنها "مريضة" في فترة الحيض والسبب يعود إلى مفاهيم التي تعيش فيها الفتاة. لذلك يجب أن يحسب الأهل حسابًا لكل ما يمكن أن يولد في نفس الفتاة المراهقة تعقيدًا غير حقيقي. وعلى المربين أن يشرحوا للفتاة منذ طفولتها أن الوظائف الجنسية وتطورها أمر طبيعي يحدث لجميع أجساد النساء ولا عيب فيه البتة، وألا يتستروا إذا حصلت العادة الشهرية لأحد أعضاء العائلة، وألا يدخلوا المزاح في هذه الأمور لأنه مضر.

اقرأ/ي أيضًا: 5 طرق فعّالة للتعامل مع آلام الدورة الشهرية

كما من المفترض أن يتم شرح أسباب كل هذه الانفعالات للفتاة كي تستطيع اكتشافها بنفسها  وتستعد لها، وكي تتجنب الاصطدام مع محيطها إن كان في المنزل أو في المدرسة. وأهم ما يمكن تقديمه إلى جانب التوعية والشرح العلمي تحضر العناية والاهتمام بالفتاة أثناء الحيض. فمن شأن "معاهدة الصلح" هذه أن تتيح للفريقين –أهل وبنات- أن يبعدا عنهما سوء التفاهم والأخطار.

وعلى الأهل أيضًا اختيار الوقت المناسب للحديث إلى بناتهن، وأن يعرفوا كيفية الإجابة عن الأسئلة من أجل التمهيد والتحضير المناسب لتخطي هذه المرحلة بسلام. وعلى الأهل أن يقوموا برسم فكرة إيجابية حول المسألة وترك انطباع مريح لدى الفتاة وتجنيبها الضغط أو الصدمة. وهذا على سبيل المثال من بين ما يمكن أن يقال للفتيات في أول حيض يصيبهن، عبر الاسترشاد بكتاب فريدريك كهن الذي يحمل عنوان "حياتنا الجنسية: مشكلاتها وحلولها": 

ليست العادة الشهرية عيبًا ولا مرضًا ولا انحرافًا في المزاج، بل هي دليل على النضج الجسدي والبلوغ الجنسي.فمن الآن فصاعدًا يمكن أن يحمل جسدك نواة طفل. لم تعودي فتاة صغيرة، وعما قريب ستصبحين امرأة وعندما تبلغين بشكل أفضل سيصبح بمقدورك إنجاب الأطفال. وعليك أن تفرحي ولا تهتمي بهذه الأوجاع البسيطة التي قد تنجم عن الحيض ويجب ألا تفزعي، فما العادة الشهرية سوى دليل عافية وصحة، إنما الخطر في غياب الحيض عزيزتي.

يجدر الانتباه إلى أن تخطي مرحلة الحيض الأول لدى الفتاة بشكل صحي مبني على المعرفة العلمية بطبيعة العملية الجسدية الحاصلة من شأنه أن يحل تعقيدات كثيرة، نفسية بالدرجة الأولى، تتعلق بتقبل الفتاة لجسدها وطبيعته ضمن حياتها الاجتماعية. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

حق لكل امرأة: اسكتلندا أول دولة في العالم توفر منتجات الدورة الشهرية مجانًا

كيف يدمّر "بزنس" النظافة النسائية صحة المهبل وثقة المرأة بنفسها؟