11-ديسمبر-2020

يعد الأطفال من أكثر الشرائح العمرية تضررًا من آثار الحجر الصحي (ستيفن ماتورين/Getty)

يشكل انتشار فيروس كورونا الهاجس الأول للدول والحكومات هذه الأيام، وهذا حال المنظمات الصحية الطواقم الطبية حول العالم أيضًا. وبالرغم من النتائج المبشّرة التي ظهرت مؤخرًا بشأن التجارب على عدد من اللقاحات، فإن أفضل التوقعات وأكثرها تفاؤلًا أشارت إلى أن هزيمة الفيروس لن تتحقّق قبل منتصف العام القادم على الأقل. كما لجأت عشرات الدول إلى إجراءات الحجر الصحي لمحاولة الحد من انتشار الفيروس، ما أثرّ على كافة المجالات الحياتية، فوجد ملايين المواطنين حول العالم أنفسهم أسرى داخل منازلهم لأشهر طويلة.

تتأثر كل فئات المجتمع نفسيًا بالحجر الصحي، إلا أن الأطفال لديهم وضع خاص، فهم في مرحلة استكشاف العالم، والحجر الصحي جعل العالم يتقلّص فجأة أمامهم إلى مساحات مغلقة ومحددة

ولعلّ الأطفال هم أكبر المتضررين من إجراءات الحجر الصحي، حيث وجدوا أنفسهم بعيدين عن الساحات والملاعب، والحدائق العامة وحفلات أعياد الميلاد والفعاليات الشبيهة. بالإضافة إلى اتخاذ غالبية الدول قرارات إقفال المدارس، وتنفيذ إجراءات التعليم عن بعد، ما أفقد الأطفال خصائص التفاعل والتواصل فيما بينهم في الدراسة واللعب. وفي هذا الصدد تجزم كثير من الآراء العلمية في حقل علم النفس التربوي أن الحجر الصحي لأشهر طويلة ستكون له آثار نفسية سلبية على ملايين الأطفال حول العالم.

اقرأ/ي أيضًا: تعرف إلى الرجل الذي سار 1500 كم "في منزله" أثناء الحجر الصحي

أعدت صحيفة نيوورك  تايمز تقريرًا مفصلًّا تناولت فيه أهم الآثار السلبية التي ستنجم عن تمضية الأطفال لأسابيع وأشهر الحجر داخل منازلهم. ويستند التقرير المعني إلى دراسات عديدة تؤكّد على أهمية التفاعل الاجتماعي  في نمو وتطوير وظائف الدماغ لدى الطفل. كذلك تثبت الأبحاث أن الشبكات العصبية التي تؤثر على تطوّر اللغة والقدرة المعرفية، يتم بناؤها من خلال الأخذ والرد اللفظي والحركي، ويحصل عليها الطفل بشكل أساسي في غرفة الصف وفي الملعب من خلال الألعاب اللغوية، ومن خلال الأنشطة الجسدية كتقاذف الكرة، الغميضة، وما إلى ذلك من ألعاب وأنشطة.

وكان موقع webmd   نشر تقريرًا في شهر آيار/مايو 2020 حول الموضوع ذاته. وقد تضمّن التقرير مقابلات مع معلمين، أولياء أمور، وأطفال من أعمار مختلفة، للوقوف على التداعيات السلبية والإيجابية للحجر الصحي على نفسية الأطفال، وقدرتهم على اكتساب المهارات الحسية والحركية، إضافة إلى التأثير على تحصيلهم العلمي وقابليتهم لاكتساب المفاهيم الجديدة. 

 في شهادة إحدى المعلمات ضمن تقرير ويب ميد  قالت إن تلميذًا تتعامل معه منذ سنوات، يعاني من اضطراب التركيز وفرط الحركة ADHD، واجه عدة مشاكل في اكتساب المفاهيم عبر التعلّم عن بعد، بسبب الصعوبات التعليمية الناجمة عن حالته المرضية.

يؤثر الحجر الصحي بشكل سلبي على عملية التعلّم والجداول الزمنية للنوم والقدرة على التواصل الاجتماعي لدى الأطفال

بينما قدم أطباء الأطفال في معهد الأمراض العصبية في واشنطن، دائمًا بحسب تقرير WEBMD، ملاحظاتهم حول تغييرات واضحة في سلوكيات الأطفال بعد أسبوع من الحجر الصحي. مدير برنامج الأعصاب في مستشفى  المعهد أكد أن الحجر يؤثر بشكل سلبي على عملية التعلّم، الجداول الزمنية للنوم، ممارسة الرياضة، والقدرة على التواصل الاجتماعي، الأمر الذي لا يساعد مرضى الصداع على التحسّن، وخاصةً الأطفال منهم.

اقرأ/ي أيضًا: اللياقة في الحجر المنزلي.. 4 نصائح أساسية في زمن كورونا

وتحت عنوان "قد يحمي الحجر الصحي أطفالكم من المرض، لكنه قد يؤثر على صحتهم النفسية"، أعدت مجلة TIME  تقريرًا عن التأثير النفسي للحجر على الصحة النفسية الأطفال. وأشار التقرير إلى أن كل فئات المجتمع تتأثر نفسيًا بالحجر، إلا أن الأطفال لديهم وضع خاص، فهم في مرحلة استكشاف العالم، والحجر الصحي جعل العالم يتقلّص فجأة أمامهم إلى مساحات مغلقة ومحددة، الأمر الذي سيتسبّب بتشوهات خلال عملية تعرفهم على العالم لاحقًا. ويستشهد تقرير الـ TIME  بدراسة أُجريت في الصين، ونُشرت بواسطة JAMA PEDIATRICS، حيث أُخذت عينة من أكثر من ألفي طفل من مقاطعة هوبي التي انتشر فيها الوباء. الأطفال الذين بقوا لأشهر في منازلهم خلال فترة الحجر الصحي في الصين، تبيّن أن 23 % منهم يعانون أعراض اكتئاب، فيما يعاني 18 % منهم من أعراض القلق واضطراباته.

يشار إلى أن منظمة الصحة العالمية قد اهتمت مبكرًا  بالتعامل مع آثار الحجر الصحي على الأطفال، وخصصت على موقعها في شبكة الإنترنت صفحة جديدة لتقديم النصائح والإرشادات ممكنة الاستخدام من طرف الأهل مع أطفالهم خلال فترة الحجر الصحي. وتستمر المنظمة بتحديث تلك النصائح بشكل مستمر وتفاعلي من خلال تقنيات الفيديو بشكل خاص.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الإشهار في الحجر.. هل يستعيد الإنسان نفسه؟

شاهد.. كيف يبدو العالم من الفضاء في ظل وباء كورونا؟