24-سبتمبر-2018

تريد إيران استغلال هجوم الأحواز لتصفية الحسابات السياسية (Getty)

في واحدة من أسوأ الهجمات التي تعرضت لها ايران خلال السنوات العشر الماضية، طالت ضربة مسلحة دامية، السبت 22 أيلول/ سبتمبر، الحرس الثوري بإمرة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، مخلفة 24 قتيلًا و53 جريحًا، نصفهم من عناصر القوة، خلال استعراض عسكري نظمته طهران في الأهواز، بمناسبة الذكرى الـ38 للحرب الإيرانية العراقية  1980 ـ 1988).

رأى مراقبون وصحافيون عراقيون في تصريحات طهران حول هجوم الأهواز، محاولة لتبرير هجمات جديدة قد يشنها الحرس الثوري داخل العراق، منتهكًا سيادة البلاد

وألقت إيران باللوم في الهجوم على الولايات المتحدة وبعض جيرانها العرب في الخليج، ومن بينهم العراق، لكنها لم تقدم أدلة. حيث قال نائب رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الشورى الإيراني أبو الفضل بيغي، في تصريحات صحافية إن "المجموعة الإرهابية التي نفذت هجوم الأهواز، السبت، جاءت من كردستان العراق، وتلقت دعمًا من السعودية والموساد الإسرائيلي".

وجاء موقف ايران هذا على الرغم من إعلان حركة معارضة من أصول عربية في إيران، وتدعى منظمة المقاومة الوطنية الأهوازية، مسؤوليتها عن الهجوم. كما تبناه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، حيث نشرت وكالة "أعماق" التابعة للتنظيم، تسجيلًا مصورًا لثلاثة رجال داخل مركبة قالت إنهم كانوا في طريقهم لتنفيذ الهجوم على العرض العسكري في إيران.

اقرأ/ي أيضًا: هل يتحمل حسن روحاني مسؤولية أزمات إيران ومصائبها؟

من جانبها ردت كردستان على لسان القيادي في الحزب الديمقراطي الحاكم، ريبين سلام، والذي رأى في ادعاء طهران "اتهامات غير مسؤولة هدفها تبرير فشل طهران، وإشعال الأزمات في مناطق تصدير النفط، ونقل الصراع إلى إقليم كردستان"، مؤكدًا أن "الهجوم الذي جرى في الأحواز لا يصب في مصلحة كردستان". في حين اكتفت وزارة الخارجية العراقية بإدانة الهجوم دون الرد على الادعاءات الإيرانية.

ورأى مراقبون وصحافيون عراقيون في تصريحات طهران، محاولة لتبرير هجمات جديدة قد يشنها الحرس الثوري في مناطق داخل العراق، منتهكًا سيادة البلاد بحجة ملاحقة "الإرهابيين"، وخاصة في إقليم كردستان، كما جرى قبل أسابيع حين قصفت مدفعية الحرس الثوري قرى في أربيل مخلفة أكثر من 40 قتيلًا وجريحًا بينهم مدنيون.

وكانت قيادة الحرس الثوري، قالت في بيان، الأحد 23 أيلول/سبتمبر، إنها"ستثأر لدماء الشهداء في المستقبل القريب"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا)، مؤكدة عزمها "اتخاذ التدابير اللازمة" في المستقبل القريب لمواجهة "الإرهابيين"، والانتقام منهم "انتقامًا مميتًا لا ينسى"، على حد تعبيرهم، كما أوضحوا أنهم "سيلاحقون مرتكبي هذه الجريمة" أينما كانوا.

بدوره قال وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، في تغريدة له بأعقاب الهجوم: "مجندون إرهابيون دربوا وسلحوا ودفع لهم من قبل نظام أجنبي، هاجموا الأهواز. أطفال ومجندون وإعلاميون بين الضحايا. إيران تحمل رعاة الإرهاب بالمنطقة وساداتهم الأمريكيين مسؤولية هذا الهجوم. إيران سترد بسرعة وحزم دفاعًا عن أرواح الإيرانيين".

إلى ذلك رجحت تقارير صحافية أجنبية، أن يلجأ الحرس الثوري إلى الرد بـ"استعراض القوة بإطلاق صواريخ على جماعات تنشط في العراق أو سوريا"، مشيرة إلى ما جرى بعد أيام من الهجوم الذي نفذه تنظيم الدولة الإسلامية في طهران عام 2017، حيث أطلق الحرس الثوري صواريخ على مناطق في شرق سوريا، وكردستان العراق.

من جانب آخر رأت تلك التقارير، في هجوم الأحواز إشارة إلى أن ايران "يمكن أن تكون عرضة لعمليات على طريقة حرب العصابات، على الرغم من أن طهران تردد دائمًا أنه باستطاعتها التصدي لأي تهديد بغض النظر عن حجمه، حتى لو كان من الولايات المتحدة وإسرائيل حليفتها الرئيسية في الشرق الأوسط".

 من المرجح أن ينتهج الحرس الثوري سياسة "أمنية صارمة" في إقليم خوزستان في المستقبل القريب، ويعتقل أي معارضين محليين محتملين

يشار إلى أن الهجوم وقع في مدينة الأحواز عاصمة إقليم خوزستان المتاخم للعراق ويعيش فيه معظم أبناء الأقلية العربية في إيران، حيث تشعر الأخيرة بـ"الإهمال" منذ وقت طويل من قبل الحكومة المركزية التي يهيمن عليها الفرس في طهران.

وتعاني المنطقة كثيرًا وعلى نحو خاص من المشاكل الاقتصادية، التي تواجه إيران بشكل عام، ويصل معدل البطالة في خوزستان إلى 14.5 في المئة أي أعلى من المعدل الوطني وهو 11.8 في المئة، فيما تفاقمت ظروف المعيشة المتدنية بسبب انقطاع الكهرباء وجفاف حاد، وهو ما يلقي السكان باللوم فيه على سوء الإدارة من قبل الحكومة المركزية.

واستفادت جماعات معارضة مسلحة من هذا الاستياء في محاولة لحشد التأييد لأفعالها التي اشتملت على مهاجمة خطوط أنابيب للنفط في المنطقة، في حين من المرجح أن ينتهج الحرس الثوري سياسة "أمنية صارمة" في إقليم خوزستان في المستقبل القريب، ويعتقل أي معارضين محليين محتملين "بما في ذلك نشطاء مدافعون عن الحقوق المدنية"، بحسب مراقبين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تقدير موقف: استراتيجية إدارة ترامب نحو إيران والتصعيد المحسوب

ردود فعل إيران بعد العقوبات الأمريكية.. هل ستدفع العراق الثمن؟