12-أكتوبر-2018

يستمر التخبط السعودي منذ اختفاء خاشقجي (Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

لا يبدو أن السعودية، أدركت وهي تخطط للتخلص من الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، أن هذه الخطوة ستحملها أعباء كبيرة، وفضائح أكبر، ولا يبدو أن ملف اختفاء خاشقجي، بعد دخوله إلى قنصلية بلاده في إسطنبول، سيمر مرورًا خفيفًا على السلطات في الرياض، التي صار تخبطها واضحًا، وجرها إلى إدانات واسعة ودعوات مقاطعة حتى من قبل بعض حلفائها. يحدث ذلك، بينما يستمر تناقض السعودية في كل رواياتها عن الحادثة، حيث تدعي أن الصحفي المفقود خرج من القنصلية بعد دخوله بفترة قصيرة، ولكنها لا تعطي أي تفسير لعدم ظهور ذلك في الكاميرات المحيطة بالمنبى، كما أنها في نفس الوقت، ترفض تفتيش السلطات التركية له.

لا يبدو أن ملف اختفاء خاشقجي، بعد دخوله إلى قنصلية بلاده في إسطنبول، سيمر مرورًا خفيفًا على السلطات في الرياض، التي صار تخبطها واضحًا

في حين أن مسار التحقيقات يظهر بنسبة كبيرة، أن فريقًا سعوديًا مكونًا من 15 شخصًا نشرت الصحافة التركية صورهم وأسماءهم، تورط باغتيال خاشقجي وإخفاء جثته، فإن أنقرة تنتظر إجراء تفتيش شامل لمبنى القنصلية، قبل إعلان النتائج بشكل رسمي، وهو ما يثير خلافًا جديدًا بين الدولتين مؤخرًا.

على الرغم أن ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للبلاد، محمد بن سلمان، كان قد عرض بالفعل على السلطات التركية، إمكانية تفتيش القنصلية، مع أنها منطقة سيادية على حد وصفه، في مقابلة أجرتها وكالة بلومبيرغ، فإن محاولة تركيا لإجراء تفتيش دقيق من خلال مادة لومينيول، التي تسمح باكتشاف آثار الدم، لاقت رفضًا سعوديًا.

اقرأ/ي أيضًا: هل تمتلك تركيا تسجيلات لعملية اغتيال خاشقجي؟

 بينما كشفت وكالة فرانس برس، أن تركيا والسعودية دخلتا في خلاف بشأن تفتيش القنصلية، وضحت صحيفة ديلي صباح التركية المقربة  من دوائر صنع القرار في تركيا، أن "الأمر يرجع إلى أنّ المسؤولين السعوديين لن يسمحوا إلا باجراء تحقيق بصري سطحي"، وهو ما ترفضه تركيا. وتعتزم اسعمال مادة "لومينول" المعتمدة في حقل الطب الشرعي وعلم الجنايات، لكشف آثار الدماء غير الظاهرة بشكل مباشر.

مع ذلك، تبين التقارير السائدة في كبريات الصحف العالمية، أن موقف السعودية لا يزال ضعيفًا، حتى مع عدم القيام بتفتيش مبنى القنصلية، حيث ترجح مصادر كون السلطات التركية تمتلك أدلة سمعية وبصرية حاسمة، على أن خاشقجي قد قتل داخل القنصلية السعودية منذ أكثر من أسبوع، وربما تبين اللحظة التي جرت فيها عملية القتل بالتفصيل أيضًا.

كما أكدت شبكة سي إن إن الأمريكية، ما كانت صحيفتا واشنطن بوست ونيويورك تايمز قد كشفتاه، بخصوص امتلاك تركيا لتسجيلات مرئية ومسموعة "صادمة" تؤكد تورط الرياض بشكل قاطع في الجريمة، بينما تضيف الشبكة الأمريكية أن وكالات استخبارات غربية قد اطلعت بالفعل على هذه الأدلة.

أما صحيفة "واشنطن بوست"، فقد نشرت تفاصيل أكثر عن طبيعة هذه التسجيلات، من خلال مصادر في الاستخبارات الأمريكية، تقول إنهم اطلعوا بالفعل على مضمون هذه الأدلة. وحسب الصحيفة، فإن التسجيلات تظهر أن فريقًا أمنيًا سعوديًا قام باحتجاز خاشقجي في القنصلية بعد أن دخل في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر، ثم قتلته وقامت بتقطيع جسده.

تلقت السعودية خلال الأيام العشرة الماضية، إدانات واسعة بسبب اختفاء خاشقجي، شملت من تقول إنهم حلفاؤها في الولايات المتحدة

بتتبع ما يقدمه التسجيل الصوتي، وفقًا للمسؤولين الذين استشهدت بهم "ذا بوست"، تظهر بعض الأدلة الأكثر إقناعًا والبشعة جدًا، على أن الفريق السعودي مسؤول عن اغتيال خاشقجي. وقال أحد المسؤوين المطلعين، إن "التسجيل من داخل السفارة يحدد ما حدث لجمال بعد دخوله"، حيث "يمكنك سماع صوته وأصوات الرجال الذين يتحدثون بالعربية. يمكنك سماع كيف تم استجوابه وتعذيبه ثم قتله". وأضاف مصدر آخر قال إنه اطلع على التسجيل، أنه يمكن سماع أصوات الفريق وهم يضربون الصحفي مجهول المصير.

اقرأ/ي أيضًا: مصدر تركي: السعودية اغتالت جمال خاشقجي داخل قنصليتها

تستمر السعودية منذ الأيام العشرة الماضية، بتلقي إدانات واسعة بسبب الحادثة، شملت من تقول إنهم حلفاؤها في الولايات المتحدة. ورغم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اعتبر في خطاب له يوم الخميس أن الحادثة "مروعة"، فإنه نفى إمكانية إيقاف بلاده لتمويل السعودية عسكريًا بشكل واضح. وتابع: "لن أفضل حرمان البلاد من 110 مليارات دولار، وهو رقم قياسي، وترك روسيا والصين تملك تلك الأموال"، ملوحًا بأن "هناك أشياء أخرى يمكننا القيام بها"، موضحًا بذلك طبيعة نظرته النفعية للعلاقة مع السعودية، والمتوقفة عن التنصل من المملكة وانتهاكاتها لضرورات تجارية ليس إلا.

من جهتهم، طالب أعضاء في مجلس الشيوخ من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، بإجراء تحقيق في القضية، وقالوا إن على الحكومة الأمريكية أن تفحص ما إذا كان "كبار المسؤولين في الحكومة السعودية" متورطين في الحادثة. وبموجب القانون الأمريكي، يمكن لمجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي إجبار البيت الأبيض على إجراء تحقيق، والنظر فيما إذا كان يجب فرض عقوبات على مسؤولين حكوميين أجانب يشتبه في ارتكابهم جرائم قتل أو خطف.

أما فرنسا، التي حاولت السعودية الاستفادة من ثقلها الدولي مرارًا خلال السنوات الأخيرة عبر صفقات تسليح فوضوية وغير مدروسة وشراء عقارات مليونية وضخ استثمارات عقارية و"فنية" في ضواحي العاصمة باريس، فقد أبدى رئيسها إمانويل ماكرون انزعاجه من قضية خاشقجي معتبرًا الحادث شديد الخطورة. 

بدوره، حذر وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت، من "عواقب وخيمة" إذا اتضح أن السعودية هي المسؤولة عن اختفاء الصحفي. وتابع: "الناس الذين لطالما فكروا في أنفسهم كأصدقاء للسعودية يقولون إن هذه مسألة بالغة الخطورة"، مبينا أنه "إذا كانت هذه الادعاءات صحيحة، فستكون هناك عواقب وخيمة لأن صداقاتنا وشراكاتنا تستند إلى قيم مشتركة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

ملف جمال خاشقجي.. الغموض مستمر!

 اختطاف جمال خاشقجي في إسطنبول.. وقائع محتملة ببصمة ابن سلمان!