02-فبراير-2023
gettyimages

من غير المتوقع أن تحصل كييف على الطائرات المقاتلة أقله قبل هجوم الربيع المقبل (Getty)

بعد الموافقة على إمدادها بالدبابات المتطورة تطمح أوكرانيا إلى الحصول من حلفائها على مقاتلات "أف 16" أمريكية الصنع، وعلى الرغم من الاستبعاد الغربي لخيار تزويد كييف بتلك الطائرات فإنّ الحديث يتزايد عن إمكانية تسليح أوكرانيا بالمقاتلات الحربية المتطورة فيما إذا لم تتمكّن من الصمود وحقق الروس اختراقات جديدة في الحرب التي مرت عليها قرابة السنة حتى الآن.

نظرًا للتصور الذي يمتلكه الناتو حاليًا، فإنه من المستبعد إرسال أسلحة هجومية في الفترة القريبة إلى كييف، أقله في الفترة التي سوف تسبق هجوم الربيع القادم

ونقاش إرسال الطائرات المقاتلة إلى كييف يعود للأيام الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث أعلنت بولندا عن موافقتها على إرسال طائراتها إلى كييف، مقابل الحصول على طائرات بديلة من الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن هذا النقاش انتهى سريعًا، نتيجة عدم حماسة الحلفاء في الغرب.

وقبل أيام، وعند سؤال الرئيس الأمريكي جو بايدن عن إرسال الطائرات المقاتلة إلى كييف، أجاب بكلمة واحدة "لا"، وهذا ما وافقت عليه بريطانيا، التي تُعد من أكثر الدول الساعية لدعم أوكرانيا بالأسلحة، وحاليًا فقط بولندا تظهر استعدادها لإرسال الطائرات إلى أوكرانيا، ولكن خطوة لن تقدم عليها، دون موافقة واشنطن وبرلين ولندن، وبقية الحلفاء في الناتو.

getty

كانت آخر المواقف الغربية بشأن خيار تزويد كييف بمقاتلات حربية تلك القادمة من ألمانيا حيث استبعدت برلين على لسان نائب مستشارها، إمداد أوكرانيا بطائرات مقاتلة معتبرًا أنها "خطوة بعيدة للغاية بالنسبة للغرب"، وبهذا الموقف تنضم ألمانيا لذات الموقف الذي سبق وأن أعلنته واشنطن ولندن بأنهما لن تقدما طائرات مقاتلة لأوكرانيا.

يترافق هذا الحديث، مع حصول أوكرانيا، على دعم هو الأكبر، منذ بداية الغزو، والذي شمل دبابات ليوبارد 2، وأخرى بريطانية وأمريكية، مع محاولة الحلفاء حشد أكبر قدر ممكن من الأسلحة قبل بداية هجوم الربيع المتوقع. وفي وسط كل هذه النقاشات، تسعى كييف، للحصول على الطائرات أيضًا، في طلب تلو الآخر، في محاولةً لتوسيع ترسانة الأسلحة الهجومية لكييف، وحتى الآن تصدر هذه المطالبات من وزراء أو مستشاري الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، دون أن تصل إلى أعلى مستوى سياسي في أوكرانيا، والذي يلح هو الآخر باستمرار للحصول على الأسلحة. وقال زيلينسكي اليوم الخميس: "لا بد لأوروبا كلها أن تدعم قتالنا".

ونظرًا للتصور الذي يمتلكه الناتو حاليًا، فإنه من المستبعد إرسال أسلحة هجومية في الفترة القريبة إلى كييف، أقله في الفترة التي سوف تسبق هجوم الربيع القادم، والذي تحضر له كييف وموسكو، من المتوقع أن يبقى التسليح في حدود الأسلحة الدفاع والمتوسطة. حاليًا، حصلت كييف على كل ما تريده تقريبًا من الأسلحة، على الأقل معظم ما تحدث عنه الرئيس الأوكراني، ولهذا ينظر إلى أن الهدف الأوكراني القادم، على صعيد التسليح، سيكون طائرات أف-16 الأمريكية، وهنا نستعرض هذه الطائرات وما مدى مساهمتها في تغيير مسار الحرب، حال حصلت عليها أوكرانيا.

ما هي طائرة F-16؟

هي طائرة مقاتلة خفيفة الوزن، دخلت الخدمة لأول مرة عام 1979، واستخدمت بكثافة من قبل القوات الجوية الأمريكية في كل من حربي العراق وأفغانستان. كما يمتلكها جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويستخدمها في حروبه على قطاع غزة.

تم تصميم الطائرة وإعدادها في الأصل من قبل الولايات المتحدة في كونسورتيوم مع بلجيكا والدنمارك وهولندا والنرويج، وهي قادرة على السفر ضعف سرعة الصوت، وأصبحت واحدةً من أكثر الطائرات العسكرية شعبية على الإطلاق ولا تزال مستخدمة على نطاق واسع. تقول شركة لوكهيد مارتن الأمريكية المصنعة إن هناك أكثر من 3000 طائرة من طراز F-16 بالخدمة في 25 دولة، حسب صحيفة الغارديان.

getty

اليوم، ورغم ميزات الطائرة النفاثة أف 16، إلّا أنّ حلت محلها طائرة F-35، لكنها لا تزال تُصنع للبيع من قبل شركة Lockheed في ساوث كارولينا. والسبب تكلفتها غير الباهظة بالمقارنة مع الطراز الجديد بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة لا تمنح دائمًا إذن تصدير للطائرة الأكثر حداثة أف 35.

لماذا تريدها أوكرانيا؟

كان لدى أوكرانيا قوة جوية صغيرة من الطائرات النفاثة ذات المعايير السوفيتية في بداية الحرب، والحديث يدور هنا عن طائرات ميغ، والتي يبلغ عددها حوالي 120 طائرة قادرة على القتال وفقًا لمركز أبحاث المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. وقد تضاءل هذا العدد مع استمرار الحرب، ما يعني أن القدرات الجوية لأوكرانيا محدودة مقارنة مع قدرات الدفاعات الجوية الروسية، ولذلك تحتاج ترسانة كييف الجوية إلى تحديث من ناحية وتعزيز من ناحية أخرى. وبحسب صحيفة الغارديان فإنه من الأمور المثيرة للفضول في حرب أوكرانيا هي الاستخدام المحدود نسبيًا للقوة الجوية.

ولعل السبب في ذلك هو أن الدفاعات الروسية المضادة للطائرات تعتبر فعالة، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن موسكو كانت مترددة للغاية في المخاطرة بقواتها الجوية خارج خط المواجهة، لأنها تريد أيضًا تقليل الخسائر.  وقد وصف الجنرال السابق في سلاح الجو الأمريكي فيليب بريدلوف هذا الوضع على مستوى السلاح الجوي بأنه "إنكار متبادل".

getty

ومع ذلك، تخطط كييف، حسب الغارديان، لشن هجوم في الربيع، بينما تستعد في نفس الوقت لمقاومة جهود موسكو الخاصة لكسر الجمود العسكري الحالي. 

وعلى الرغم من مخاطر ذلك، فإن الأمل الأوكراني "يكمن في إمكانية استخدام أسراب من الطائرات السريعة لتحقيق اختراق من أي نوع، أو على الأقل للمساعدة في صد هجوم روسي جماعي".

الموقف الغربي الحالي

يتعين على أوكرانيا أولاً إقناع الغرب بمنحها بعض طائرات F-16 ، لكن الرئيس الأمريكي جو بايدن قال لا، على الأقل في الوقت الحالي. وهذا يجعل احتمالات التوريد السريع للطائرات المقاتلة أمرًا غير مرجح، لكن المواقف تغيرت من قبل بشأن الأسلحة الأخرى، مثل الدبابات ، وليس من الواضح، حسب تقرير الغارديان أن الموضوع قد نوقش بشكلٍ وافٍ داخل أروقة البيت الأبيض والبنتاغون. 

ومع ذلك، فإن موقف البيت الأبيض الحاسم الحالي يعني أن أي دولة غربية أخرى لن تخاطر باتخاذ موقف مختلف، وذلك بالنظر إلى المخاوف من أي انتقام روسي محتمل. وهذا يذكرنا بالنقاشات التي دارت حول دبابات ليوبارد الألمانية، التي لم توافق برلين على إرسالها على ساحات القتال، إلّا بعد إرسال واشنطن لدباباتها الأمريكية، وهو القرار الذي وصفته نيويورك تايمز، بموافقة بايدن على مضض عليه.

getty

يشار في هذا الصدد إلى أن بولندا، وهي واحدة من أكثر الدول تعاطفًا لمساعدة أوكرانيا في الحصول على طائرات F-16، شددت الإثنين الماضي "على أنها لن تتصرف إلا بالتنسيق مع حلفاء الناتو. كما استبعدت بريطانيا وألمانيا إرسال طائرات مقاتلة في الأيام الماضية".

لكنّ فرنسا التي تصنع طائراتها المقاتلة، "لديها موقف أقل حدية" حسب الغارديان، فقد سبق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن قال الإثنين الماضي "إن إمداداتهم ليست من المحرمات طالما لا يمكن اعتبارها تصعيدية ولم يتم استخدامها لاستهداف الأراضي الروسية". 

ماذا عن التدريب والصيانة؟

تعلٌّمُ قيادة طائرات F-16 هو عمل الطيارين المتمرسين، وسيتعين إخراجهم من الحرب للتدريب في حال قررت الدول الغربية مجتمعة أو دولة من حلف الأطلسي الإقدام على قرار إمداد أوكرانيا بمقاتلات أف 16. وفي هذا الصدد تتحدث معلومات عن أن "أوكرانيا حددت 50 طيارًا تأمل في تدريبهم على الفور. لكن لا يوجد دليل ، علنًا على الأقل ، على إجراء أي تدريب"، حسب الغارديان.

وتختلف التقديرات حول مدة التدريب اللازمة، ولكن قد يستغرق الأمر أربعة أو ستة أشهر لتدريب الطيارين على الكفاءة القتالية. تتجاوز المتطلبات الطيارين أيضًا: "يجب أن تأتي الطائرة بحزمة أسلحة وطاقم أرضي ودعم"، كما قال دوجلاس باري من مركز أبحاث IISS، مما يعني أن أوكرانيا ستحتاج إلى قطع غيار وتدريب كوادرها من المهندسين. الأمر أكثر تعقيدًا من تعلم كيفية استخدام دبابة غربية.

هل يمكن لطائرات F-16 أن تصنع الفارق المأمول في ساحة المعركة؟

يتعلق هذا جزئيًا بكيفية حصول كييف على أكبر قدر ممكن من طائرات F-16، وتقول المعلومات المتوفرة حسب الغارديان "أن القوات الجوية الأوكرانية طلبت بجرأة 200 طائرة وهو رقم قد يتردد حتى الغرب السخي في تقديمه".

يتعين على أوكرانيا أولاً إقناع الغرب بمنحها بعض طائرات F-16 ، لكن الرئيس الأمريكي جو بايدن قال لا، على الأقل في الوقت الحالي

وأشار تقرير الغارديان إلى تحذير المحلل الجوي بمركز الأبحاث الروسي جاستن برونك من أن قوة الدفاعات الجوية الروسية تعني أن الدعم الجوي التقليدي - قصف مواقع العدو - يصعب تحقيقه لأن الطائرات تضطر إلى التحليق على ارتفاع منخفض لتجنب الاكتشاف. ونتيجة لذلك ، فإن مزاياها من حيث الأسلحة والرادار قد تكون محدودة.