24-أغسطس-2022
تويتر ماسك

قد تكون تسريبات زاتكو في صالح إيلون ماسك (Getty)

تواجه شركة تويتر عاصفة جديدة من الجدل بعد اتهامات لها بشأن خروقات أمنية واسعة النطاق داخلها، وإهمال بشأن ضبط وتحديد نسبة الحسابات الآلية والزائفة على منصتها، واحتمال اختراقها من قبل موظفين لهم ارتباطات بكيانات خارج الولايات المتحدة، وهو ما اعتبره معلقون تطورًا لافتًا قد يصبّ في صالح الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، في معركته القضائية مع تويتر التي يسعى للانسحاب من صفقة ضخمة للاستحواذ عليها. 

من الصعب التكهّن حاليًا بالأثر الذي قد يكون لشكوى زاتكو على القضية بين إيلون ماسك وتويتر 

وكانت شبكة سي أن أن الأمريكية قد استعرضت يوم الثلاثاء، 23 آب/أغسطس، تسريبات ضخمة قدمها رئيس أمن المعلومات السابق في شركة تويتر، بيتر زاتكو، وهو ناشط ومقرصن "أخلاقي" سابق ومبلغ عن المخالفات، وكان من بين عديد المزاعم الصادمة بحق شركة تويتر في التسريبات، قسم كامل متعلق بنشاط الحسابات الآلية والزائفة على منصة تويتر. فقد ادعى زاتكو أن الشركة لم تول اهتمامًا كافيًا لضبط نشاط هذه الحسابات ومراقبة نموّها، وأنها كانت معنية بشكل أساسي بتضخيم قاعدة المستخدمين في المنصّة وأعدادهم، دون اعتبار للمشكلات الأمنية التي قد تترتب على ذلك. كما قال زاتكو أن الشركة لم تمتلك أية خطط للتعامل مع قضايا أساسية تتعلق بأمن المعلومات، وأن نصف خوادم الشركة متقادمة وتعمل على برمجيات لا توفّر القدر الكافي من الأمان. 

تأتي هذه المزاعم ضد تويتر، التي وردت في ملف يشتمل بحسب ما أوضحت شبكة سي أن أن التي حصلت على نسخة مسرّبة منه على وثائق وأدلة، تأتي في سياق نزاع قضائي بين الشركة وإيلون ماسك، الذي يملك حصّة معتبرة في الشركة ويعتبر صاحب أحد أهم الحسابات على منصتها. إذ تلاحق تويتر الملياردير الأمريكي، والرئيس التنفيذي لشركة تيسلا وغيرها، وذلك لإرغامه على إتمام صفقة الاستحواذ عليها مقابل 44 مليار دولار أمريكي، وهو ما يحاول ماسك التنصّل منه رغم توقيعه على اتفاقية ملزمة في نيسان/أبريل الماضي. 

بوما أن الحجّة التي يتذرّع بها إيلون ماسك للانسحاب من الصفقة تتعلق بموضوع الحسابات الزائفة والآلية على المنصّة، وعدم دقّة الأرقام التي قدمتها الشركة إليه بهذا الخصوص، فإن التسريبات التي جمعها زاتكو قد تعزّز من موقف ماسك، وتقوّض فرص شركة تويتر في الحصول على حكمٍ قضائي لصالحها في قضية الإخلال التعاقدي المرفوعة ضدّه. 

زاتكو مادج
بيتر زاتكو "مادج" 

يؤكد ذلك أنات ألون بيك، أستاذ القانون في جامعة "كيس ويسترن ريزيرف" في الولايات المتحدة، والذي قال في حديث مع الغارديان البريطانية إن توقيت هذه التسريبات "مذهل" بالنسبة إلى قضية تويتر-ماسك، رغم أنه ليس من الواضح بعد كيف سيوظّف فريق ماسك القانوني هذه التسريبات لصالحهم في القضية. فلكي يتم إعفاء ماسك من الشرط الجزائي للانسحاب من الصفقة، وهو مليار دولار أمريكي، فإنه لا بدّ من حصول المحكمة على إثبات قاطع بوجود ما يعرف قانونيًا باسم  "الأثر السلبي الملموس" (Material Adverse Effect)، وهو بند يتطلب حدوث أمر من شأنه أن يقوّض من قيمة ومنفعة صفقة الاستحواذ. 

فمن المعروف أن إيلون ماسك قد اعتمد بشكل أساسي على جزئية الحسابات الزائفة والآلية على المنصّة، إذ يتهم الشركة بأنها لم تقدّم تقديرًا صحيحًا لنسبة هذه الحسابات من مجموع المستخدمين، وتدّعي أنه لا يتجاوز 5 بالمئة، في حين أن هذه النسبة قد تكون أعلى من ذلك بكثير بحسب ماسك. في المقابل، أصرّت شركة تويتر على موقفها، وأوضحت في بيان لها بأن ماسك يتقصّد تضخيم هذه المسألة، كي يتنصّل من التزاماته التعاقدية بموجب الاتفاق بين الطرفين. 

إلا أن الادعاءات التي عرضها بييتر زاتكو، المعروف بلقب "مادج"، وقدمها على شكل شكوى للجهات التنظيمية المختصة في الولايات المتحدة والكونغرس الأمريكي، فتمنح لدعوى ماسك أبعادًا جديدة، إذ إنها تتضمن اتهامًا مباشرًا لشركة تويتر في الإخفاق عن الإفصاح عن نقاط الضعف في نظم أمن المعلومات وخصوصية البيانات لديها، وقد يعدّ ذلك أساسي مختلفًا للاحتيال من طرف الشركة، وذلك بحسب آن ليبتون، الأستاذة في كلية تولين للقانون في الولايات المتحدة. 

تويتر تراجع ادعاءات زاتكو 

تواصل باراج أغراوال، الرئيس التنفيذي في تويتر، مع موظفي الشركة عبر مذكرة داخلية، وأوضح لهم أن إدارة الشركة العليا بصدد مراجعة كافة الادعاءات التي اشتملت عليها التسريبات، إلا أنّه أكّد على أن "ما رأيناه حتى الآن محض اختلاقات مليئة بالتناقضات وعدم الدقة". وبحسب الغارديان، فقد قالت ريبيكا هان، نائبة الرئيس لشؤون الاتصالات في تويتر، إن ادعاءات مادج تفقتر إلى توضيح السياق على النحو اللازم في مثل هذه الحالات، وأشارت في تصريح للغارديان إلى أن "مزاعم السيد زاتكو بالتوقيت الانتهازي الذي اختاره تشي بأنه مهتم بجذب الانتباه وإلحاق الضرر بتويتر وعملاء الشركة والمساهمين فيها". وأوضحت هان بأن "الأمان والخصوصية لطالما كانا من أولويات الشركة، وسيظلان كذلك على الدوام"، وفق تعبيرها. 

أما إريك تالي،  الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا، فقد أوضح للغارديان أنه لا يمكن تحديد أثر هذه التسريبات على القضية بين إيلون ماسك وتويتر إلا بعد عرضها على المحكمة، إلا أنّه أكّد على أن مزاعم بهذا القدر من الحساسية لا بدّ وأن تلقي بظلالها على القضيّة، حتى لو لم تغيّر مسارها بشكل حاسم. 

من المزمع أن تبدأ المحكمة الخاصة بصفقة الاستحواذ على تويتر في 17 تشرين الأول/أكتوبر المقبل

ومن المزمع أن تبدأ المحكمة الخاصة بصفقة الاستحواذ على تويتر في 17 تشرين الأول/أكتوبر المقبل، حيث يواصل كلا الطرفين عمليات جمع الأدلة والحجج القانونية. وكان ماسك قد طلب مؤخرًا استدعاء الرئيس التنفيذي السابق لشركة تويتر، جاك دورسي، لطلب معلومات إضافية منه. أما الشركة فقد استدعت عددًا من الشهود البارزين، من بينهم رجل الأعمال مارك أندرسن، ورئيس العمليات في شركة "باي بال" ديفيد ساكس.