07-يناير-2025
ترودو وترامب

من لقاء جاستن ترودو ودونالد ترامب في بالم مار إيه لاغو في نوفمبر الماضي (تروث سوشيال)

أثار الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، المزيد من التساؤلات مجددًا بشأن علاقة الولايات المتحدة مع كندا، بعدما طرح فكرة الاندماج بين الدولتين الجارتين، وذلك بعيد ساعات من إعلان رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، استقالته. واعتبر ترامب أن هذا الاندماج سيعفي كندا من زيادة الضريبة الجمركية على البضائع الكندية، التي لوّح بفرضها في وقت سابق من العام الجاري.

وكان ترامب قد تعهّد بفرض ضريبة جمركية بنسبة 25% على البضائع المستوردة من المكسيك وكندا، مرجعًا ذلك إلى مسؤوليتهما المزعومة عن توافد المهاجرين وتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة، وهو ما تسبب بأزمة لرئيس الوزراء الكندي، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تواجهها بلاده.

حكومة ترودو تدخل مرحلة "البطة العرجاء"

وقال ترامب في منشور على منصته الخاصة للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال"، أمس الاثنين: "إذا اندمجت كندا مع الولايات المتحدة، فلن تكون هناك تعرفات جمركية، وستنخفض الضرائب بشكل كبير، وستكون كندا آمنة تمامًا من تهديد السفن الروسية والصينية التي تحيط بها باستمرار"، واصفًا كندا بـ"الولاية الـ51".

قرار ترودو آثار المزيد من التساؤلات حول كيفية تعامل الحكومة الكندية مع أي مفاوضات مستقبلية مع إدارة ترامب

وقبيل نشر ترامب لمنشوره، أعرب ترودو في مؤتمر صحفي عن عزمه تقديم استقالته من منصبه "كرئيس للحزب والحكومة بمجرد أن يختار الحزب رئيسه المقبل". ومن المتوقع أن يستمر ترودو في منصبه لتسيير أعمال الحكومة حتى يتمكن الحزب الليبرالي الوطني من اختيار زعيم جديد. وفي الوقت نفسه، تم الإعلان عن تعليق عمل البرلمان الكندي حتى 24 آذار/مارس المقبل.

وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فإن قرار ترودو أثار المزيد من التساؤلات حول كيفية تعامل الحكومة الكندية مع أي مفاوضات مستقبلية مع إدارة ترامب، خاصة أن حكومته دخلت مرحلة "البطة العرجاء"، وهي المرحلة التي تجعلها عاجزة عن اتخاذ قرارات حاسمة، مما يضعف موقف البلاد في أي مفاوضات مع واحدة من الدول التي كانت تُعتبر أقرب الحلفاء لكندا.

التعريفات الجمركية التي يعتزم ترامب فرضها على الواردات الكندية قد تدفع بالاقتصاد الكندي إلى الركود، فضلًا عن احتمال خرقها لاتفاقية التجارة لأميركا الشمالية، بالإضافة إلى تأثيرها السلبي على الاقتصاد الأميركي، حيث يُنظر إلى الدولتين كأكبر شريكين تجاريين.

القصة الكاملة لن تكتب في ثلاثة أشهر

ورأى كبير الباحثين في معهد كندا التابع لمركز ويلسون، زافييه ديلجادو، أن استقالة ترودو في هذا التوقيت تعني أنه "من الصعب عليه أن يحمل أي تفويض ذي معنى للتفاوض مع الولايات المتحدة". وأشار إلى أن "الوقت ليس مناسبًا لكندا لتكون في هذا الوضع"، في إشارة إلى تراجع الليبراليين أمام المحافظين في استطلاعات الرأي، حيث يرى المحللون أن زعيم المحافظين، بيير بوليفير، هو الخيار الأمثل للتعامل مع ترامب.

وكان ترامب قد اشتكى مرارًا من مشكلة أمن الحدود، بالإضافة إلى سياسات الإنفاق واختلال التوازن التجاري مع كندا. لكن ديلجادو يرى أن كندا ستكون "أقوى في التعامل مع الولايات المتحدة إذا تمكنت من توحيد الجهود حول رسالة واضحة وموجّهة".

من جانبه، قلّل المستشار السابق لترودو، جيرالد بوتس، من أهمية التحديات التي قد تواجه كندا في التعامل مع ترامب، موضحًا: "لن يحدث شيء سيئ لا يمكن إصلاحه في الأشهر الثلاثة المقبلة"، مضيفًا: "سوف يكون لدينا ترامب لمدة أربع سنوات، مما يعني أن القصة الكاملة لن تُكتب في الأشهر الثلاثة المقبلة فقط".

لكن المديرة التنفيذية لتحالف الحدود المستقبلية، لورا داوسون، ترى أن استقالة ترودو "لم تكن لتأتي في وقت أسوأ للعلاقات بين الولايات المتحدة وكندا". وأضافت مديرة المنظمة، التي تضم رجال أعمال من كلا البلدين، أن "الحكومة في وضع تصريف الأعمال الآن، ولا يمكن للعلاقة مع الولايات المتحدة أن تتحمل الانتظار بهذا الشكل".

وقالت داوسون في حديثها لموقع "سي بي سي نيوز" الكندي إنها "غير متأكدة مما إذا كانت استقالة ترودو ستضع ترامب في موقف تفاوضي أقوى بشأن التعريفات الجمركية"، معتبرة أن كندا تفتقر الآن إلى القدرة على الاستجابة السريعة لأي قضايا جديدة يثيرها ترامب.

وكان ترودو قد التقى ترامب ومساعديه في مقر إقامته بمنتجع مار إيه لاغو في بالم بيتش في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، والذي وصفه ترامب بأنه "مثمر للغاية". وعقب اللقاء، سارع ترامب إلى نشر منشور على منصة "تروث سوشيال"، قال فيه: "لقد كان من دواعي سروري تناول العشاء الليلة الماضية مع الحاكم جاستن ترودو من ولاية كندا العظيمة"، مما تسبب بأزمة سياسية لترودو أدت في النهاية إلى الإطاحة بحكومته بعد 11 عامًا من توليه المنصب.