18-أبريل-2018

ديل كارمن، خبير متفجرات سابق، ومدرب عواطف حالي (EFE)

لدى صحيفة إلبايس الإسبانية قصة مثيرة عن السر وراء نجاح أحد أبرز نجوم رياضة الغولف في إسبانيا، إنه جون رام، اللاعب صاحب الهياج العاطفي والمزاج المتقلب، في لعبة ترتكز أساسًا على التركيز والثبات الانفعالي. لكن ما هو السر؟ إنه خبير في تفكيك المتفجرات! والمزيد من التفاصيل في السطور التالية حيث ترجمة القصة.


على ملعب الغولف، يفيض الإسباني جون رام بالطاقة، فهو يشبه قنبلة موقوتة، وإن كان لحس الحظ، نادرًا ما تنفجر، مما يطمئن كثيرًا وسط العالم الرياضي، ويهدئ نفوس معجبيه، الذين يعتبرونه النسخة الجديدة من لاعب الغولف المحترف سيفي بايستيروس، والعبقري القادم في عالم الغولف.

جون رام، أحد أبرز لاعبي الغولف في إسبانيا، يتلقى تدريبات في التحكم بأعصابه من خبير سابق في تفكيك المتفجرات

قد يبدو الأمر كناية مجازية مفرطة، لكنها مناسبة كون أن مدربه هو جوزيبا ديل كارمن، ضابط سابق في مجال تفكيك القنابل، وعمل في قوة الشرطة الإقليمية في إقليم الباسك.

اقرأ/ي أيضًا: كيف تدخل أي رياضة في الألعاب الأولمبية؟

لكن هذه كانت إحدى وظائفه السابقة، إذ يقول ديل كارمن: "لقد كنت لاعب كرة سلة، ورجل أعمال مختص في الديون، ولاعب غولف محترف، وفني قنابل"، وقبل 10 سنوات بدأ العمل كمدرب، أو كما يصف وظيفته: "مدرب معنوي، مختص في التوجيه العاطفي للاعبين، أو أيًا كان الاسم الذي يطلقونه على هذه المهمة".

وأضاف ديل كارمن: "لقد عملت مع لاعبين من فريق ديبورتيفو ألافيس لكرة القدم، وفريق ساسكي باسكونيا لكرة السلة، ومع رؤساء تنفيذيين وقادة أعمال، وعملت مع جون رام لمدة أربع سنوات".

يتلقى جون رام تدريبات في هدوء الأعصاب والثبات الانفعالي (رويترز)
يتلقى جون رام تدريبات في هدوء الأعصاب والثبات الانفعالي (رويترز)

وبصفته مدربًا لرام، يساعد ديل كارمن على تهدئة لاعب الغولف "الملتهب". مع أنه يفضل استعمال تعبير "توجيه مسار" في وصف دوره مع جون رام.

ومثله مثل سيفي، يمتلك جون رام البالغ من العمر 23 عامًا، شخصيةً مزاجيةً متقلبة، ويواجه صعوبة في السيطرة على مشاعر الإحباط. وقد تسببت هذه المشكلة في إقصاء لاعب الغولف الشاب من بعض البطولات، وتحمل نتيجة لذلك إجراءات عقابية.

يقول ديل كارمن الذي تمكن من النجاة بعد قضائه 14 عامًا في تعطيل مفعول القنابل بفضل ما يتميز به من السيطرة العاطفية والثبات الانفعالي: "لكن العاطفة شعورٌ بسيطٌ، تشكل نوعًا من الرادار، وهي بمثابة نظام تحديد المواقع (GPS) الذي يخبرك أين يجب عليك التوجه، وكلما حاولتَ احتواءه، تسبب في ضررٍ أكبرٍ". 

وأضاف: "عليك أن تترك صمام الأمان، وسبيلًا للتنفيس؛ هذا ما نفعله مع جون رام"، مُشيرًا إلى أنّ رام أصبح "قليل الاهتياج بشكل مطرد، لأننا نتدرب على ذلك". مع ذلك لا ينكر ديل كارمن أن هذه العاطفة من رام هي التي دفعته لمراكز متقدمة في الغولف: "هذه العاطفة هي التي جلبته إلى هنا. لا يمكننا أن ننسى من نحن أو من أين أتينا. إن رام مختلف، مثل سيفي".

خبير المتفجرات ديل كارمن: في كل مرة تقوم فيها بشيء ما، عليك التفاعل بشكل مختلف، وإن بدا أنه نفس الشيء

لكن ديل كارمن لم يكن دائمًا يتميز برباطة الجأش، ففي مهمته الأولى لتفكيك قنبلة، أدرك أن الإنسان عمومًا يشبه المتفجرات التي حاول تفكيكها، أي أنه مفعم بطاقة داخلية هائلة تسمى العواطف، وعندما حان الوقت لتفكيك أول جهاز متفجر، واجه قدرًا كبيرًا من الارتباك وعدم اليقين للمرة الأولى في حياته.

اقرأ/ي أيضًا: تبذل مجهودًا شاقًا في العمل بلا نتيجة؟.. إليك 3 مفاتيح للعمل بذكاء

وعندما سُئِل عن السبب في قراره العمل في مجال المتفجرات، قال ديل كارمن إنه قد اجتذبته فكرة عدم إمكانية التنبؤ بهذه المواد، مضيفًا: "لقد أصبحت خبيرًا في المتفجرات لأنه كان هناك وظيفة شاغرة، وقلت في نفسي: سأجربها. كنت أعشق كثيرًا مزيج الكيمياء والفيزياء والكهرباء، وقد استحوذت على اهتمامي كثيرًا، ويعزو السبب في ذلك إلى أنني اكتشفتُ أن لا شيء يبقى دائمًا على حاله أبدًا، وهذا الأمر شبيه إلى حدٍ كبيرٍ بما أفعله اليوم؛ لا يوجد جهاز يشبه الآخر تمامًا".

"لا يمكنك أبدًا التفاعل بنفس الطريقة"، يقول ديل كارمن، موضحًا: "في كل مرة تقوم فيها بشيء ما، حتى وإن بدا هو نفسه، يجب عليك التصرف بشكلٍ مختلفٍ. وأينما ذهبت، حتى لو ذهبت إلى ذلك المكان كل يومٍ، علي أن أتصور كما لو أنني لم أذهب إليه من قبل". ويطبق ديل كارمن هذه الطريقة في مجال الرياضة وفي التدريبات التي يقدمها في لعبة الغولف. 

ويعتبر الخبير المختص في تفكيك القنابل والمتفجرات، أكثر بكثير من مجرد دمن الأدرينالين الذي يظهر في أفلام الإثارة، في تلك الصورة النمطية، بقطرة عرق تتدلى من أنفه وهو يتخذ قرار أي سلك عليه قطعه في أقل من ثوانٍ معدودة. بل هو أشبه بالجراح؛ بارد الأعصاب، يستعمل بدقة متناهية أدواته الدقيقة، والروبوت، والأشعة السينية.

"لم يكن الدافع وراء هذا العمل، هو البحث عن جرعة أدرينالين. لم يكن السبب هو شيء ما أبحث عنه"، يقول ديل كارمن. لكن ما دافعه إذن للاستمرار في العمل الذي ذهب إليه لأنه وجد فيه وظيفة شاغرة؟ يقول: "كنت ببساطة أحب هذا العمل، وقد أضفت لنفسي أشياء جديدة في كل يوم: العواطف التي تعيشها أثناء العمل، من عدم يقين، و خوف".

بعد ذلك، تمكن من الحفاظ على مستوى "مذهل" من الهدوء. استطاع ديل كارمن التفكير بوضوح أكبر، وتمكّن من التحكم في أنفاسه. "كنت أمارس التأمل. وقد فعلت ذلك بنفسي بشكل طبيعي".

بعد أن ترك تفكيك المتفجرات، امتهن ديل كارمن تدريب العواطف (إلبايس)
بعد أن ترك تفكيك المتفجرات، امتهن ديل كارمن تدريب العواطف (إلبايس)

أما جون رام، فقد شارك بعد أسبوعٍ من احتلاله المركز الرابع في بطولة الماسترز في أوغوستا بولاية جورجيا -الذي يحتل المرتبة الرابعة في التصنيف الدولي وكاد أن يحتل المرتبة الأولى- في مسابقة بطولة إسبانيا المفتوحة، التي عقدت في مدريد.

ديل كارمن: يشبه الإنسان المتفجرات التي يحاول تفكيكها، أي أنه مفعم بطاقة داخلية هائلة تسمى العواطف

وقد يعني الرضوخ لمشاعر الإحباط في هذه المنافسة الصعبة، الهزيمة. لكن لاعب الغولف الشاب لم يكن لوحده، بل كان إلى جانبه ديل كارمن، ونصائحه التي يسترشد بها: "يواجه الإنسان الانفعال بنفس الطريقة التي يواجه بها الكرة أو القنبلة. الخوف شعور داخلي. اقفز إذن، وتأرجح"، وهكذا فاز جون رام في المسابقة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كايلا إتسينز.. تعرّف على الروتين اليومي لأشهر مدرّبات الرشاقة على الإطلاق!

تعرّف إلى "ماوكلي" الإسباني!.. رجل ربّته الذئاب ويشتكي قسوة البشر