1. رياضة

كيف تُدخل الأندية المال إلى خزائنها؟

19 يونيو 2025
اقتصاد كرة القدم
عمر محمودعمر محمود

يعتقد الكثيرون أن أندية كرة القدم لا تربح المال إلا من الفوز بالبطولات، ولو كان هذا هو المصدر الوحيد لها، لما كان هناك أكثر من 4400 فريق كرة قدم مسجل في اتحاد الفيفا، وبالتأكيد ليسوا جميعًا أبطالًا. فلديهم طرقٌ أخرى في جني المال، مكنتهم من البقاء على قيد الحياة حتى الآن.

يختلف أسلوب كل نادٍ في جني الربح، وكل الطرق المُتعارف عليها تساعده، ولكن هناك أندية تضع كل جهودها في استراتيجيات معينة تدرّ لها المال أكثر من غيرها. ويعتمد ذلك على خطة النادي؛ فهناك من يُعامله كشركة هدفها الربح، ومنهم من يريد أن يبني ناديًا يفوز بالألقاب كل عام، وكلاهما يسيران في الطريق الصحيح بالنسبة للقائمين عليهما.

حقوق البث: "راتب" الأندية الثابت

تظل حقوق البث هي الراتب الأساسي للأندية، وتُعتبر مصدر الدخل الثابت لها كلّها، والذي يُحافظ على تدفّق سليم للأموال في خزائنها. وكل ما يحتاجه النادي هو اللعب في بطولة تُبث عبر شاشات التلفاز. تبيع كل الدوريات والبطولات القارية حقوقها لشبكات التلفاز، مثل "بي إن سبورتس"، مقابل مبالغ مادية ضخمة، ويحصل كل نادٍ على العائد الخاص به من بيع هذه الحقوق.

يختلف أسلوب كل نادٍ في جني الربح، وكل الطرق المُتعارف عليها تساعده، ولكن هناك أندية تضع كل جهودها في استراتيجيات معينة تدرّ لها المال أكثر من غيرها

استطاع الدوري الإنجليزي الممتاز أن يحصل على عائدات وصلت إلى 7.11 مليار دولار أمريكي، وذلك في الفترة بين 2022 و2025، من خلال بيع هذه الحقوق لمعظم دول العالم. ومعظم العقود التي أبرمها الدوري عقود طويلة الأمد، أي أنها تضمن الأمان المادي لجميع الأندية المشاركة في البطولة.

تُوزَّع هذه الأموال حسب مركز الفريق في المُسابقة، فمانشستر سيتي، الفائز بمسابقة 2023–2024، استطاع أن يحصد 175.9 مليون جنيه إسترليني، بينما حصد شيفيلد يونايتد، متذيّل الترتيب وقتها، 109.7 مليونًا فقط. وتختلف الأرقام من دوري إلى آخر، وكلها تعتمد على مدى شعبية المُسابقة، وعلى قدرة تسويقها خارج البلاد.

سوق الانتقالات كنزٌ لبعض الأندية

يظل بيع اللاعبين أحد أهم نقاط القوة لبعض الفرق، والتي لا تمنحهم فرصة لتعزيز تشكيلتهم فقط، بل قد تتحول إلى نموذج عمل يتمحور حول شراء المواهب الصغيرة بأسعارٍ رخيصة، وبيعها في المستقبل بأضعاف ثمنها. وتنجح هذه الأندية، عادةً، بسبب قدراتها القوية في جذب المواهب الشابة، وأكاديمياتها التي تُحوّلهم إلى لاعبين محترفين في سنٍ صغيرة.

يظهر نادي بنفيكا البرتغالي كمثال حديث على هذه الاستراتيجية، إذ حصل على أكثر من مليار يورو في الأعوام العشرة الأخيرة، وذلك من خلال انتقالات لاعبين مثل جواو فيليكس بـ 126 مليون يورو إلى أتلتيكو مدريد، وإنزو فيرنانديز بـ 121 مليون يورو إلى تشيلسي، وداروين نونيز بـ 85 مليون يورو إلى ليفربول، واضعًا هذه الاستراتيجية كمصدر دخل أساسي، على عكس حقوق البث التي لا تُدرّ هذه المبالغ في البرتغال.

يتحوّل نموذج العمل هذا إلى نموذج أساسي لدى بعض الأندية، وبالذات الأندية الأضعف في دورياتها، والتي تبحث عن مصدر دخل يُساعدها على البقاء في المنافسة، سواء داخل دوريها المحلي أو في البطولات القارية، والتي، بالتبعية، تُدخل الأموال إلى خزائنها من خلال عرض المباريات أو الوصول إلى مراكز أفضل في المسابقات مثل دوري أبطال أوروبا.

عوائد المباريات والخدمات المرتبطة بها

تتربح الأندية من وراء المباريات على أرضية الملعب نفسه، ولا علاقة لهذه الجزئية بحقوق البث، وتُعتبر من المصادر الأساسية الدائمة لأي نادٍ، يستغل فيها ملعبه في المباريات التي تُقام على أرضه، أي لنصف الموسم بالكامل. وتعتمد هذه العوائد على حجم القاعدة الجماهيرية للنادي، وعدد الكراسي داخله، والخدمات التي يقدمها مثل الطعام والشراب.

يختلف كل نادٍ في تقديم خدماته، ويعتمد فيها على تقييم القوة الشرائية للمدينة، وعلى المزايا التي يستطيع أن يُقدّمها. ويُسعّر كل خدماته حسب هذه الدراسات، فلو كان في منطقة ذات متوسط دخل أقل من مدينة أخرى، فسيضطر إلى تحديد أسعار مناسبة للجماهير. وكلما زادت الخدمات المميزة التي يُقدّمها، زادت الأرباح التي يستطيع أن يجنيها منها.

يُؤخذ أرسنال كمثال، إذ استطاع أن يحصل على 127 مليون جنيه إسترليني من مبيعات التذاكر في موسم 2023–2024، وكان النادي صاحب الدخل الأكبر منها في الدوري الإنجليزي. وهذا طبيعي، لأن أسعار التذاكر تتماشى مع المعيشة في لندن، والتي تُعتبر رابع أغلى مدينة من حيث تكاليف المعيشة في عام 2025.

 

ويُقدّم النادي خدمات بسعر مرتفع، وذلك مع تجارب كبار الزوار التي يتجه لها السياح وأصحاب الدخل المرتفع، والتي تسمح لهم بزيارة غرفة الملابس، وغرفة الكؤوس، وبعض الأماكن المحظورة عن أصحاب التذكرة العادية. وهذه كفيلة بأن تُساهم بشكلٍ كبير في اقتصاد النادي، داعمةً الكثير من استثماراته الخاصة.

عقود الرعاية من أكبر المساهمين في دخل الأندية

تظل عقود الرعاية من أهم سُبل الدخل بالنسبة للأندية، وبالأخص مع كبرى العلامات التجارية العالمية. وتُعتبر البوابة التي تربط ملايين المتابعين لكرة القدم بعلامات قد لا تمتّ للكرة بصلة، خصوصًا عندما يتعاقد الراعي مع نادٍ كبير في دوري مثل الإسباني أو الإنجليزي.

تستغل الأندية الكبيرة شعبيتها في الحصول على عقود رعاية ذات قيمة مرتفعة، وتسعى دائمًا لأن تكون عقودًا طويلة الأمد، مثل عقد منصة سبوتيفاي للموسيقى مع نادي برشلونة، والذي يمتد إلى أربعة أعوام بقيمة 280 مليون يورو. ويشمل العقد وضع الشعار على واجهة القميص، وتسمية ملعب النادي بـ"سبوتيفاي كامب نو".

تختلف أشكال الرعاية التي يمكن للنادي التعاقد عليها؛ فقمصان الأندية يمكنها أن تستضيف أكثر من راعٍ، لكن أهمهم هو الراعي الذي يُوضَع شعاره على الواجهة، فيما توضع شعارات البقية على الأكمام وظهر القميص، بحسب قوانين كل دوري. كما يمكن التعاقد على وضع مساحة إعلانية داخل الملعب، أو حتى على منصات التواصل الاجتماعي، مثل عقد ليفربول مع هاتف "بيكسل" من جوجل، والذي يُركّز أكثر على ناحية الصور المنشورة على منصات النادي المختلفة، والتي يصل إليها الملايين من المتابعين.

مبيعات كل ما يتعلق بالنادي

تمتلك الأندية الكبيرة والمتوسطة متاجرها الخاصة، التي تبيع أنواعًا مختلفة من السلع المرتبطة بالنادي، والتي تحمل شعاره وهويته بشكل رسمي، وأهمها هو القميص. وقميص النادي عادةً ما يُصبح السلعة الأكثر مبيعًا في هذه المتاجر، ويُصنع من خلال علامة تجارية مثل "نايكي" مع ليفربول، التي تدفع المال مقابل تصنيع قميص الفريق، بل وتعطيه حصة تصل إلى 20% من مبيعاته طوال فترة التعاقد.

تبيع الأندية سلعًا مختلفة، مثل قمصان قديمة موقعة من أبرز اللاعبين، وقطع من الشباك في مباراة مهمة، وخطوط ملابس خاصة بها، أو حتى أغطية هواتف تحمل شعار النادي. وكل هذه المبيعات تصب مباشرةً في خزائن النادي، وتُعتبر مصدر دخل ثانويًا مهمًا بالنسبة له.

إدارة الأرباح هي مفتاح نمو أي فريق

تتعدّد طرق التربّح للأندية الرياضية، مما يفرض عليها أن تحافظ على نظام إدارة مُحكم لكل ما يدخل خزينتها. ولكل نادٍ طريقته وأسلوبه، وتحتاج هذه الأندية إلى الرجوع دائمًا إلى قواعد اللعب المالي النظيف، مما يُحتّم عليها دراسة كل استثمار تسعى وراءه بعناية. وفي عالم كرة القدم، هناك الكثير من الأمثلة التي سقطت بسبب سوء الإدارة والتركيز على الربح فقط، دون النظر إلى الاستدامة. لذلك، تبقى الأندية التي تُدير أموالها بكفاءة وعلى المدى الطويل صامدة حتى وقتنا هذا.

كلمات مفتاحية
لبنان

لماذا تحلّق كرة السلة اللبنانية عاليًا؟

ينسب الكثير من اللبنانيين الفضل في تألق السلة اللبنانية إلى الراحل "أنطوان شويري"، رجل الأعمال والإعلام الذي ترأس إدارة نادي الحكمة بين عامي 1992 و2003، وقدّم دعمًا ماليًا وإعلاميًا كبيرًا لهذه الرياضة

NBA

إنديانا ببيسرز يعلن غياب نجمه الأول عن الموسم المقبل في الـNBA

تعرض نجم إنديانا بيسرز الأول، تايريس هاليبورتون للإصابة خلال الربع الثاني من المباراة السابعة الفاصلة في نهائي الدوري أمام أوكلاهوما سيتي ثاندر

مبابي

من أجل تصفية الخلافات قبل المواجهة المرتقبة.. مبابي يسحب دعوى ضد ناديه السابق

القرار يأتي في وقت حساس، قبيل مواجهة مرتقبة بين مبابي وفريقه السابق في نصف نهائي كأس العالم للأندية

المهرجان الوطني للفنون الشعبية بالمغرب (وزارة الثقافة المغربية)
فنون

اختتام الدورة الـ 54 للمهرجان الوطني للفنون الشعبية بالمغرب

حضور ملفت للجمهور المغربي في ختام الدورة 54 للمهرجان الوطني للفنون الشعبية بالمغرب

دونالد ترامب
سياق متصل

صناعة السجون: لماذا تحرص الشركات الخاصة على إبقاء الزنازين ممتلئة؟

تتّجه الولايات المتحدة إلى زيادة عدد السجون وذلك تحت ضغط الأعداد المتزايدة للنزلاء، حيث ارتفعت أعداد المعتقلين بشكل قياسي منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض واستئناف سياسة مكافحة الهجرة

سد النهضة
سياق متصل

الانتهاء رسميًا من بناء "سد النهضة".. أي خيارات متاحة أمام القاهرة؟

في 29 حزيران/يونيو، أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي فشل مفاوضات "سد النهضة"، مؤكدًا تمسّك القاهرة بحصتها من مياه النيل واحتفاظها بحق الدفاع عن مصالحها المائية

الذكاء الاصطناعي
تكنولوجيا

من الغش إلى الفهم.. ميزة جديدة من ChatGPT قد تغيّر طريقة التعلم

ميزة "الدراسة معًا" لا تعتمد على تقديم الإجابات الجاهزة كما هو معتاد في ChatGPT، بل تقوم بطرح الأسئلة على المستخدم وتشجعه على التفكير والإجابة بنفسه