01-فبراير-2021

أينما وجدتَ الهوس بالكمال ستجد على الأغلب حالة من الإرجاء والمماطلة (HBR)

نحن أسرى التلكّؤ والإرجاء. ففي مطلع كل عام نأخذ على أنفسنا العهود بأننا سننحر هذا الوحش الذي ينهش أعمارنا قبل أن ينحرنا، فنهبّ إلى كتابة قوائم بما يتعيّن إنجازه، ونضع أمامنا الأجندة السنوية، ونجرب بعض التطبيقات الذكية، والنتيجة: سننتهي مثل كل عام في نفس الحلقة المكرورة من تضييع الوقت وقلّة الإنجاز، نؤجل أشياء وننسى أخرى، يومًا بعد يوم، إلى أن يدهمنا عام آخر. يستعرض هذا المقال المترجم بتصرّف عن موقع الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية (NPR) بعض الأفكار الجديدة حول أزمة التلكّؤ وبعض أسبابها وملابساتها النفسية والاجتماعية، كما يقترح بعض الطرق العملية لعلاجها. 


إن كنت ولا بدّ عازمًا حقًا على الخروج من دائرة المماطلة إلى مربّع الحزم، فلعلّك تنتفع لو عرفت أنّ لهذه البلوى أسرارًا لا تقف عند مجرّد تأخير المهامّ. فربما نكون أمام حالة مرضيّة من المماطلة المزمنة، والذي تعرّفه الطبيبة النفسية أناستاسيا لوكلين بأنه "الافتقار إلى القدرة على تنظيم المشاعر والانفعالات السلبية أو المسكونة بالخوف". كما أن الأبحاث تظهر بأن الناس عمومًا يميلون إلى تقديم حالتهم الشعورية الآنية وتحسينها، حتى لو كان ذلك على حساب الأهداف بعيدة المدى، إضافة إلى تفضيل تأجيل المهام التي لا تعود على صاحبها بالنتيجة الفورية. وكما تقول الدكتورة لوكلين، فإن النفس ترى القيمة في النتيجة العاجلة وتعجز عن رؤيتها في الأهداف الآجلة.

المماطلة صنو الهوس بالكمال

أينما وجدتَ الهوس بالكمال ستجد على الأغلب حالة من الإرجاء والمماطلة. فالمثاليّ بحسب ما يرى باحثون قد يعاني من شعور مرضيٍّ بالتقصير عن بلوغ معاييره الشخصية، الأمر الذي يرغمه على التلكّؤ في إنجاز مهامّه. فثمّة سرديّة تبريرية في ذهن كلّ شخص مثاليّ، إذ يقول لنفسه: "سأنتظر حتى تسنح الفرصة لأنجز هذه المهمّة على أتمّ وجه".

اقرأ/ي أيضًا: 9 إستراتيجيات للحفاظ على اللياقة البدنية رغم ضيق الوقت

ثمّ إن الثقافة السائدة قد تكون مسؤولة هي الأخرى عن بعض أشكال التلكّؤ في العمل. فالمرأة مثلًا تميل إلى تأجيل الأنشطة التي ترتبط بعنايتها بذاتها، كزيارة الطبيب أو ممارسة الرياضة، وذلك لأنها نشأت ضمن توجيهات وتوقّعات اجتماعية تحثّها على أن يكون الآخرون أولويتها، وإلا فإنها ستتّهم بالأنانية. كما أن المرأة قد تهمل بنفسها حتى لو كانت عاملة، ذلك أنّ عليها عادة أن تبذل جهدًا مضاعفًا في وظيفتها كي تحظى بالتقدير وتحرز التقدّم الذي تطمح إليه، في سياق ثقافة تجعل قيمة الرجل، والمرأة، مرتبطة بما ينتجه ويجنيه، وعادة ما يكون ذلك على حساب العناية بعافيتها الصحية والنفسية.

أينما وجدتَ الهوس بالكمال ستجد على الأغلب حالة من الإرجاء والمماطلة (NPR)

ما هي سبل محاربة التلكّؤ؟

إليك ما تنصح به الدكتورة لوكلين من إستراتيجيات للتخلص من إرجاء مهامّك وتأخير القيام بها أيًا كان حجمها.

1) حدد الأهداف الصغيرة. حدّد هدفًا للعمل على مهمّة ما لمدة قصيرة ثابتة من الوقت، ولتكن مثلًا 10 دقائق. وإذا كنت تبحث عن المزيد من التنظيم، فعليك أن تجرب طريقة "آيفي لي"، بأن تعدّ قائمة من ستة مهامّ كي تعمل عليها بذات الطريقة في اليوم التالي، ورتّبها حسب أهميتها، وكل ما عليّك فعله هو أن تنشغل بهذه المهام في غدك، وأن لا تنشغل بأي شيء سواها. ولا تنسَ أن تأخذ طبيعة نشاطك اليومي بعين الاعتبار، فإن كنت شخصًا صباحيًا، فأنجز المهامّ الأكثر أهمية في الصباح، وإن كان مستوى تركيزك يتراجع في منتصف النهار، فاستغل ذلك الوقت بتنظيم أفكارك وإعداد قائمة المهامّ التي يلزمك إنجازها لليوم التالي.

إن لم تتمكّن من مساعدة نفسك في الخروج من دوّامة إرجاء المهامّ والعجز عن مواجهتها، فيحسن بك استشارة الطبيب النفسي

2) تجنّب جلد الذات: ثمة دراسات تبيّن أثر التعاطف الذاتي الإيجابي في التعامل مع الضغط الناجم عن تأجيل إتمام المهام. تذكّر أن كل خطوة في الاتجاه الصحيح تعدّ نجاحًا. فإن كنت مثلًا تؤجل الاهتمام بعافيتك وتحرم نفسك من الاستفادة من أيام العطل، فعليك أن تضع خطة مسبقة بذلك وتوكّل بعض المهامّ لزملائك في العمل، فهذا سيساعدك على أن تتهيأ للإجازة وتضع نظامًا يدفعك للعمل وإنجاز ما عليك من مهامّ عالقة إلى حين استحقاقها.

3) استشر خبيرًا: إن لم تتمكّن من مساعدة نفسك في الخروج من دوّامة إرجاء المهامّ والعجز عن مواجهتها، فيحسن بك استشارة الطبيب النفسي، لدعمك عبر وسائل العلاج الإدراكي السلوكي التي تساعد في تحسين مهارات التكيّف وتحديد العوائق التي تمنعك عن العمل ومعالجتها.

 

 

اقرأ/ي أيضًا

9 إستراتيجيات للحفاظ على اللياقة البدنية رغم ضيق الوقت

منها النزاهة والضمير الحي.. 5 مكاسب حقيقية ستجنيها عند الاستيقاظ باكرًا

5 طرق للتعامل الفعّال مع ضغط العمل والدراسة!

"الاستثنائيون": أبجديات النجاح