09-ديسمبر-2020

ملصق ترويجي للمسلسل

كان من المفترض أن يعرض مسلسل الهيبة في جزئه الرابع خلال شهر رمضان الماضي، كما جرت العادة في الأجزاء الثلاثة الماضية، إلا أن انتشار فيروس كورونا حال دون إتمام تصوير العمل في الموعد المحدد. وكان القيّمون على العمل قد أعلنوا في شهر أيلول/سبتمبر 2020، أن المسلسل سيُعرض في شهر تشرين الثاني/نوفمبر2020.

أثار مسلسل الهيبة، في كل جزء منه، حفيظة أهالي البقاع اللبناني لما يقدمه من صورة مشوهة عن واقعهم وحتى لهجتهم وعاداتهم 

تدور أحداث الأجزاء الأربعة في قرية مفترضة في سهل البقاع اللبناني. وبالرغم من تحقيق المسلسل لنسب مشاهدات مرتفعة، فإنّ انتقادات كثيرة طالته في الشكل والمضمون. 

اقرأ/ي أيضًا: "الهيبة العودة".. هل تكون آلة الزمن طوق نجاة الـ"ما بعد أكشن"؟

على رأس قائمة الانتقادات كان أهالي منطقة البقاع، الذين اعترضوا مرارًا على ما اعتبروه تقليدًا سيئًا لـ" اللهجة البعلبكية "، كما انتقدوا بشدة ما وصفوه تنميطًا لأهالي المنطقة، وتصويرهم على أنّهم مجموعات من الخارجين على القانون، تتمحور حياتهم حول تجارة المخدرات والأسلحة.

استفزاز واقعي بحجج افتراضية

وبالرغم من أن "جنريك" الأجزاء الأربعة تبدأ بالتأكيد على أن أحداث المسلسل خيالية ولا تمت للواقع بصلة، وبأن قرية الهيبة هي قرية افتراضية، إلا أن أهالي البقاع شعروا أن المسلسل يهاجمهم بشكل مباشر. ورفضت أصوات بقاعية عديدة تناولَ قضية الفارين من العدالة بالطريقة التي تناولها بها الهيبة.

حمل الجزء الرابع من مسلسل الهيبة عنوان "الهيبة – الرد". وكما حال الأجزاء السابقة، كتب نصّه هوزان عكو، فيما قام سامر البرقاوي بإخراجه. وتزامن عرض الجزء الرابع، الذي وصل إلى حلقاته الأخيرة هذه الأيام، مع الأزمة الاقتصادية – الاجتماعية الخانقة التي يعيشها لبنان، والتي ازدادت معها حوادث السرقة والخطف وما إلى ذلك.

وفي ظل غياب الأمن الاجتماعي، يشعر قسم من اللبنانيين أن "الهيبة – الرد"، يروّج من ضمن ما يروج له، لصورة المجرم – البطل الذي يحبه الفقراء ويتعاطفون معه، فيصبح الخروج عن القانون بطولة، فجبل شيخ الجبل بطل الهيبة، والذي يؤدي دوره الممثل السوري تيم حسن، هو المهرّب الوسيم الذي يتمتع بكاريزما عالية، والذي تقع في غرامه أجمل الفتيات، حيث تشارك تيم حسن بطولة كل من الأجزاء الأربعة، مع أشهر الوجوه الدرامية النسائية في هذه الفترة.

كما يقدم الهيبة شخصية جبل شيخ الجبل إذًا كالبطل الذي تنشدّ إليه المشاهِدات، والذي يرى فيه الصبية والناشئة صورة البطل والمثل الأعلى الذي يساعد الفقراء. قبل فترة قام تاجر المخدرات والحشيشة المعروف في لبنان نوح زعيتر، والذي تعجز أو تتخاذل الدولة اللبنانية في إلقاء القبض عليه، بالرغم من وجود عشرات مذكّرات التوقيف بحقه، بتقديم سيارة جديدة وبشكل علني، لرجل سٌرقت سيارته خلال عملية هروب مساجين من سجن بعبدا. التماثل موجود بين شخصيات مسلسل الهيبة الافتراضية، وبين نوح زعيتر "البطل" الذي يقدّم المساعدات للفقراء، فينظرون إليه بإعجاب، متعامين عن الخطر الذي يشكّله في المجتمع. صورة تشبه صورة أبطال الهيبة، لا نقول أن الهيبة يروج لهذه الأفكار أو يتبناها، لكنه، على الأقل من حيث لا يدري، يجعلها أكثر شعبية.

روتين فائض القوة ضمن دراما "عائلية"

 وانتقد المشاهدون العنف المفرط المستخدم في الجزء الرابع، وترويجه لمنطق "القبضايات" والـ"الفتوّات" فيصبح معها ضرب الطرف الأضعف وإذلاله قيمة وميزة، الأمر الذي يترك أثرًا سلبيًا في المجتمع بحسب رأي  بعض المغردين، على اعتبار أن الحديث يدور حول مسلسل يفترض أنه عائلي وموجّه لكل أفراد الأسرة. 

اقرأ/ي أيضًا: لبنان.. دولة الظّلال

استعان معدّو العمل بالفنان اللبناني عادل كرم الذي شارك في بطولة الجزء الرابع، في محاولة إضفاء نكهة جديدة إلى العمل، ومحاولة من كاتب المسلسل لكسر الروتين بعدما استهلك حضور تيم حسن الكثير من ألقه وجاذبيته بسبب التكرار واستهلاك الأفكار نفسها التي خيمت على الأجزاء السابقة. خلق المخرج ثنائية جبل – نمر، وضع تيم حسن في مواجهة عادل كرم، لكلّ منهما جمهوره. نمر هو الشاب العائد إلى الهيبة للانتقام، يمثّل وجهًا آخر للفتوة، الشاب القوي الذي يهدد ويتوعد، صورة "الفتوّة" التي دارت حولها كل أجزاء المسلسل، ولم ينجح العمل في الخروج من هذه الشرنقة. 

كما يرى متابعون أن "الهيبة – الرد" لا يقول شيئًا جديدًا، يمكن اختصار الحلقات الثلاثين بفيلم مدته ساعة ونصف، فيلم لن يكون جيدًا بالضرورة.

وبالعودة إلى عادل كرم، فإن دوره لم يقنع الكثير من المتابعين، فانتقدوا مبالغته في إظهار  فائض القوة، وابتذاله للألفاظ النابية والجارحة، فبدا بنظرهم كأنه يؤدي دور " القبضاي" في مشهد كوميدي في أحد برامج "التوك شو" التي اشتهر فيها في السابق.

يبدو أن الإنتاج الدرامي في عالمنا العربي يلجأ اليوم إلى إصدار مواسم إضافية من مسلسلات موجودة أصلًا، على حساب صناعة وخلق أعمال جديدة مبتكرة. بما في ذلك من استفادة من جماهيرية الأجزاء السابقة، على حساب الجودة والنوعية، وبالنتيجة الخاسر الأكبر هنا الدراما نفسها. ميزانيات ضخمة وتقنيات حديثة في التصوير والإخراج تخصّص لإنتاج أجزاء جديدة لأعمال لم يعد لديها أي جديد لتقدمه، فتقع في فخ الرتابة والتكرار والخواء، حتى وإن قدّمت بطريقة عصرية مبهرة بصريًا. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

عيد الجيش اللبناني.. إعلانات لتسويق "الهيبة "

أمة فيها "جبل شيخ الجبل" لن تهزم!