26-فبراير-2025
البيان الختامي

عضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري، هدى الأتاسي، تقرأ البيان الختامي في دمشق في 25 فبراير 2025 (سانا)

أثار البيان الختامي لمؤتمر الحوار الوطني جدلًا واسعًا بين السوريين على منصات التواصل الاجتماعي. فعلى الرغم من تأكيده على وحدة الأراضي السورية، وإصلاح المؤسسات، وإطلاق عجلة التنمية الاقتصادية، إلا أنه قوبل بآراء متباينة. وبينما شدد البعض على أهمية مرافقة الأقوال بالأفعال، رأى آخرون أنه لم يتضمن مفاهيم ديمقراطية واضحة أو جدولًا زمنيًا لتنفيذ الإصلاحات المقترحة.

تحديات التنفيذ والديمقراطية والعدالة الانتقالية

حدد البيان الختامي لمؤتمر الحوار الوطني الخطوط العريضة لخارطة طريق تحدد ملامح المرحلة الجديدة في سوريا. ركّز البيان على قضايا رئيسية فرضتها تطورات الأشهر الماضية، إذ أكد على وجوب الانسحاب الفوري لإسرائيل من الأراضي السورية، بالإضافة إلى وحدة الأراضي السورية، وضبط السلاح، وقضايا العدالة الانتقالية، والإصلاح الدستوري، والتنمية الاقتصادية.

وبينما أعرب البعض عن مخاوفهم من أن يكون مصير البيان الختامي مشابهًا لمصير البيانات السابقة، في إشارة إلى عدم تنفيذ مخرجاته، فإن آخرين طرحوا تساؤلات حول آليات التطبيق والجداول الزمنية، خاصة فيما يتعلق بملف العدالة الانتقالية.

وأشار البعض إلى عدم وجود آليات واضحة لتطبيق مخرجات البيان، كما لفت آخرون إلى غياب أي ذكر لمفهوم الديمقراطية أو آليات تداول السلطة، إضافة إلى افتقار البيان إلى خطوات عملية لتحقيق العدالة الانتقالية. وتثير هذه القضايا مخاوف السوريين من جمود تنفيذ المخرجات، لا سيما أن اللجنة التحضيرية أنهت عملها مع صدور البيان الختامي.

في المقابل، رأى البعض الآخر أنه إذا تمكنت الحكومة الانتقالية من ترجمة مخرجات البيان الختامي على أرض الواقع، فقد تتمكن من التأسيس لمرحلة انتقالية تقود إلى الاستقرار، لكن ذلك مرتبط بمجموعة تحديات، يأتي في مقدمتها تشجيع المجتمع الدولي والشركات الكبرى على المشاركة في عملية إعادة الإعمار، التي تُعد إحدى القضايا الرئيسية في سوريا. وتضع هذه التحديات الحكومة الانتقالية أمام اختبار قدرتها على تنفيذ مخرجات البيان الختامي.

آراء متباينة حول البيان الختامي

أحدث البيان الختامي للمؤتمر الوطني ردود فعل متباينة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من رأى ضرورة "مرافقة الأقوال بالأفعال"، وبين من اعتبر أن البيان لم يخرج بجديد عن البيانات السابقة.

وتعليقًا على البيان الختامي، قالت الكاتبة مي مشهدي في منشور على منصة "فيسبوك": نثمن أن قراءة البيان الختامي جاءت بصوت نسائي، وطبعًا لا يوجد شيء عبثي، لفتة جميلة أن تكون امرأة على المنصة، لكن يجب الانتباه إلى اللغة في المرة المقبلة." وتابعت: "أما البيان ومخرجاته، ففي حال طُبِّقت فنحن في الجنة دون أن نموت... لكن بقي أن ترافق الأفعال الأقوال، وألا نبقى أسرى الكلمات فقط، بل ننتظر النتائج على الأرض مع الكثير من الصبر، لمعرفتنا بواقع البلد المدمر".

من جانبه، رأى الباحث أحمد أبازيد في منشور على منصة "إكس" أن "جوهر البيان - وهدف المؤتمر نفسه - دعم الخطوات اللاحقة التي ستعلنها الرئاسة"، لكنه أضاف أن البيان الختامي لم يتضمن "مفردات ديمقراطية أو تداولًا للسلطة أو الانتخابات، ولا حديثًا عن مؤتمر وطني يعوّض نقص التمثيل والصلاحيات والوقت في الحوار".

أما الإعلامية لمى راجح فقد اعتبرت في منشور لها على "فيسبوك": أن "البلد في حالة انهيار اقتصادي كامل... والناس تعبت من الحرب والفقر... وفوق كل ذلك، الناس عاشوا طوال عمرهم في خوف وقهر وحرمان... وخطوة الإسراع بعقد مؤتمر وطني والخروج بتوصيات يمكن اعتبارها ضرورة إسعافية للبلد وللناس في هذه الفترة الصعبة من تاريخ سوريا".

وتابعت: "كثيرون انتقدوا المؤتمر وحتى التوصيات كانت موضع نقد وتحليل، وطُرحت تساؤلات حول كيفية تطبيقها من الناحية التقنية... لكن الإيجابية أن البلد اليوم بحاجة ماسة للعمل على مثل هذه التوصيات".

من جهته، تساءل الفنان مكسيم خليل في حديثه لـ"التلفزيون العربي" عما "إذا كان هذا الحوار أو النقاش سيفضي في النهاية إلى ما هو مفيد لجميع أطياف ومكونات الشعب السوري، بحيث تكون سوريا لكل السوريين".