29-نوفمبر-2017

معمار مدينة الحمامات التونسية خاص ومميز (Getty)

من المرجح أن تكون المجتمعات التي تصمم مبانيها بنفسها أكثر صحةً وسعادة، هذا أبرز استنتاجات هذه المقالة، المترجمة بتصرف عن الرابط التالي، والتي تُوضح كيف تساهم الهندسة المعمارية في تشكيل مدننا ومحيطنا وبالتالي كيف تنعكس على عوالمنا الخاصة، وكيف يستطيع الفرد، عبر مساهمته في تصميم محيطه، توفير مكان أفضل لاحتياجاته وميولاته.


"نحن نُشكِّل مبانينا، وهذه المباني بعد ذلك تشكّلنا"، هكذا قال ونستون تشرشل ذات مرة. وأعتقد أنه كان على حق تمامًا؛ جمال البيئة المحيطة بنا يمكن أن يجعلنا أكثر صحةً، أقل عُرضةً للانخراط في الفوضى، يعزز الجمال حولنا ونشر البهجة، ويقلل شعورنا بالألم ويمكننا من حل مشاكلنا بسرعةٍ أكبر.

جمال البيئة المحيطة بنا يمكن أن يجعلنا أكثر صحةً، أقل عُرضةً للانخراط في الفوضى، يعزز الجمال حولنا ونشر البهجة ويمكننا من حل مشاكلنا بسرعة أكبر

نحن نحب المساحات التي تداعبُنا: مواقع معقدةٌ وغامضة. في حين أن تخطيطات منظمة مثل، شبكات الشوارع الأمريكية، من السهل الانتقال عبرها، إلا أننا نُفضِل الشوارع المنحنية البعيدة عن الأنظار، والتي تقودنا إلى تلميح مُغري عما يكمُن وراءها. نحن نحب البيئات التي تُثير فضولنا، ولكن أيضًا تُشبِع شهيتنا.

اقرأ/ي أيضًا: شوارع بغداد.. خراب وفوضى

تعتبر البيئة "واضحة" إذا كان من السهل استعراضها وتشكيل خريطة معرفية لها. القدرة على رؤية/ تبين المسافة، هو جزءٌ من هذا. ولكي تكون مقروءة تمامًا، يجب أن توجد عناصر تساعدنا على العثور على طريقنا.

نحب أغلب المناظر الطبيعية التي يكون فيها التوازن مع الغموض، والتماسك مع التعقيد. وتتميز بالانكسار، مع وصفة محددة من النظام والتعقيد. تمتلك هذه الأنماط المفتاح لفهم الرفاهية في المباني، من تفاصيل إطارات النوافذ إلى القباب المتتالية، من المعابد الهندوسية وبُنية شوارع لندن.

نشأ شكل الهياكل والمستوطنات من التعقيد المنظم في عقولنا وأجسادنا، العمليات العصبية البشرية تُعبر عن خصائص كسورية، وكذلك الخصائص الحيوية في الخلايا والرئتين. وقد تطورت المباني في الماضي بطريقة شبه عضوية، باستخدام المواد الطبيعية مثل الخشب والحجر. ثم نمت الأماكن ببطء واتبعت الطرق الخطوط الخارجية للأرض.

اقرأ/ي أيضًا: الخيمة تزاحم المباني في موريتانيا

ولكن فُقد الكثير من هذا الجمال على نطاقٍ واسع ووتيرةٍ سريعة بسبب الحياة في القرن الواحد والعشرين. تفشل العديد من المساحات في حياتنا اليومية في دعم الرفاهية والمجتمع والإبداع. إذًا كيف يمكننا إعادة إنشاء العالم الذي يُعرفنا؟ كما يقول ألاستير بارفين، العضو المؤسس في ويكيهاوس (Wikihouse)، وهي منصة مفتوحة المصدر لتصميم وبناء المنازل بأسعارٍ معقولة: "ما يعتبره معظم الناس تصميمًا سيئًا لا يعتبر في الحقيقة تصميمًا سيئًا، إنه بالفعل تصميم جيد لمجموعة مختلفة تمامًا من النتائج الاقتصادية، والتي تنتج العقارات".

عندما يشارك الناس في ابتكار وتعزيز بيئاتهم الخاصة، ينمو لديهم حس الإرادة، والمشاركة الاجتماعية، والفخر

لخلق شيء أكثر ملاءمةً لاحتياجات البشر، تحتاج إلى إعطاء الناس الأدوات اللازمة لابتكار منازلهم وشوارعهم ومساحات عملهم. عندما يشارك الناس في ابتكار وتعزيز بيئاتهم الخاصة، ينمو لديهم حس الإرادة، والمشاركة الاجتماعية، والفخر، تلك الصفة تعرف باسم "الفعالية الجماعية". وعندما تتمتع المجتمعات بمعدلاتٍ عالية من الفعالية الجماعية، فإنها تميل إلى وجود نسب أقل من القمامة والتخريب والجريمة العنيفة.

من المنازل التشيلية الذكية، المعروفة بـ"المنازل النصفية"، إلى المزارعين في ديترويت في المناطق الحضرية وصولًا إلى فناني الشارع في مدينة برستل في إنجلترا، حيث تتواجد الفعالية الجماعية والتعقيد المنظم الذي تخلقه، نرى أماكن صحيةً ونابضةً بالحياة. ومن أجل بناء مستقبل قادر على الصمود، يجب أن نؤدي دورًا نشطًا في تشكيل بيئاتنا، والتي بدورها ستُشكلنا.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

مباني بيروت التراثية.. ذاكرة للنسيان!

"عشوائيات بيروت"... وجه المدينة الخفي