21-سبتمبر-2018

لم يكن لبرنامج توب جير أي رؤية واضحة أو إعداد جيد أو حتى فائدة تعليمية (BBC)

من عملاق تلفزيوني يجذب أكثر من 350 مليون مشاهد من حول العالم، تحول برنامج توب جير، إلى ما يشبه السيارة الخردة في سنتيه الأخيرتين حتى إيقافه تمامًا. ما سر هذا التحول، أو بالأحرى الانحدار الكبير الذي عرفه البرنامج؟ هذا ما يجيب عليه مقال بصحيفة الغارديان البريطانية، ننقله لكم مترجمًا فيما يلي.


يحق لك أن تقول -وكثيرون سيفعلون بالتأكيد- إن أبطال برنامج "توب جير" (TOP Gear) لم يفشلوا ابدًا. فبعد اختيار فريق العمل الثلاثي الذي يشمل جيرمي كلاركسون وريتشارد هاموند وجيمس ماي في عام 2003، ببساطة حدث ما حدث؛ كانوا ثلاثة رجال كبار في السن يعرفون ما يكفي عن السيارات أكثر ربما من الآخرين.

في الجزء الثالث وصل برنامج توب جير لأفضل لحظاته، وبلغ عدد مشاهديه في جميع أنحاء العالم 350 مليون مُشاهد

منذ البداية، كان كلاركسون متوهمًا الشعور بالأهمية -مثل شخصية "ماري التيفودية"- على أبناء الطبقة المتوسطة في بريطانيا. كان عبارة عن 50٪ من الهراء الفاخر و50٪ من محتويات أعمال المغني ليو ساير التي ذهبت هباءً.

اقرأ/ي أيضًا: "بي بي سي" تضطر للكشف عن رواتب كبار موظفيها.. ارستقراطية بأموال الضرائب!

أما هاموند فقد لعب دور خادم كلاركسون الوديع، الذي يدعمه بكل إخلاص وينفجر ضحكًا على كل مزحة يلقيها مثله الأعلى، مثل جروٍ لزج ينافق متنمر المدرسة، لكي يحمي نفسه من الإهانات خلال فترات الراحة. وماذا عن جيمس ماي؟ في الواقع كان مناسبًا نوعًا ما. كان مثل كلب عجوز مكمم غير ضار يحوم حول المنزل، وأكبر إسهاماته في العالم هو إطلاق الريح الدافئ.

وصل "توب جير" إلى أفضل لحظاته في الجزء الثالث، حيث كان المستضيفون يشعرون وقتها بالارتياح بما فيه الكفاية، في جوار بعضهم البعض، بما يسمح لهم للدخول في ديوراما متلفزة من الصبيانية العقيمة. وساعد التفاهم السلس بينهم على إنجاح "توب جير"، حيث بلغ عدد المشاهدين في جميع أنحاء العالم 350 مليون مشاهد، واستطاع هذا النجاح تحويل برنامج منوعات هزلي، إلى برنامج عالمي يناسب العائلات.

كان الأمر سخيفًا وممتعًا ولا عقلاني؛ حيث الرحلات عبر بوتسوانا وفيتنام، وزيارة للقطب الشمالي، وسيارات برمائية، بينما جيرمي يصرخ: "خرج مني بعض الغائط!"، وجيمس يهتف بسبة! بينما يضحك ريتشارد على كل ذلك مثل تلميذ تحققت أحلامه في قيادة السيارات من أجل كسب لقمة العيش. لم يكن للبرنامج رؤية واضحة، ولا إعداد جيد، ولا حتى فائدة تعليمية، ولو عن طريق الصدفة. لقد كان ببساطة "توب جير".

مقدمي برنامج توب جير: جيرمي كلاركسون (وسط) وريتشارد هاموند (يسار) وجيمس ماي (يمين)
مقدمي برنامج توب جير: جيرمي كلاركسون (وسط) وريتشارد هاموند (يسار) وجيمس ماي (يمين)

لم يبدأ البرنامج تراجعه حتى عام 2013. كان من المفترض أن يقوم الثلاثي بتحويل سيارة "ترانزيت" إلى حوامة، ومن ثم يأخذونها للاختبار. واستمرت حماقاتهم المضحكة. وفي أثناء نقاشاتهم عديمة الجدوى، تسببت الحوامة في تطاير المياه على أحد المطاعم على ضفاف النهر، وتسببت في قلب الطاولات، وأحدثت فوضى عارمة وسط حالة من الحيرة والذهول.

لكن، المفاجأة هي أن كل ما حدث كان مدبرًا له مسبقًا. "إنها مجرد خدعة مزيفة أخرى في توب جير"، كما وصفتها صحيفة "ديلي ميل". وعمومًا فإن كل فقرات البرنامج لم تكن عفوية. وجميعنا يعرف ذلك. لكن المشكلة، بعد هذه الحادثة التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة، كان الأمر أكبر بكثير من إعادة الأمور إلى ما كانت عليه مرة أخرى. وأصبح بإمكانهم التخلي عن أي تظاهر بالواقعية، لأن "توب جير" لم يعد يحتاج للتظاهر بالتظاهر أكثر من ذلك. وهكذا بدأ البرنامج انحدارًا مضطربًا.

أصبح مستوى كتابة الحلقات لا يطاق. وبدأت عبارات التعصب تظهر في البرنامج بانتظام ينذر بالخطر. كل جزء من البرنامج -جرت العادة أن يخرج ساحرًا في إعداده- صار الإعداد له على عجل، مثل أفلام "إدغار رايت".

بداية من 2013 وحتى إنهاء برنامج توب جير، بدأ البرنامج في الانحدار بشكل مذهل، وقد أصبح مستوى كتابة الحلقات لا يطاق، والتقديم ضعيف

وحتى اختبارات السيارات المتواضعة، أصبحت خالية من المتعة والمغامرة. وإذا قمت بزيارة قصيرة لمركز آفون، ستكتشف أن عملاق "بي بي سي" تحول إلى ما يشبه السيارة الخردة. وعندما أوقف كلاركسون البرنامج في عام 2015، لم يكن هذا بمثابة النهاية السعيدة للقصة، بل كان بمثابة إعلان لُفّ حول عمود إنارة، من قبل شخص سكير.

 

اقرأ/ي أيضًا:

انتفاضة إعلاميات "بي بي سي": لا للتمييز الجندري بعد اليوم

"BBC" الحريصة على رضا إسرائيل.. ما يطلبه المستعمرون!