07-سبتمبر-2021

الوالدان هما خط الأمان والدفاع الأساسي للأطفال للحماية من المتطفلين على الإنترنت (Getty)

يزداد قلق أولياء الأمور على أطفالهم، ليس في الشارع أو المدرسة وحسب، بل صار القلق الهاجس بشكل يوميًا يتعلق بما قد يتعرض له الطفل أثناء تعامله مع الأداة التي يمضي معها وقتًا أكثر من أي عنصر آخر، الهواتف والأجهزة اللوحية. حيث يخشى الآباء والأمهات من تعرض الأطفال لأشكال سامّة من المحتوى الموجود على الشبكة، والذي قد ينعكس سلبًا على سلوكياتهم أو حالتهم النفسية. كما يخشون أيضًا في سنّ معينة، من تطفّل الآخرين عليهم على الشبكة، عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، أو عبر الألعاب على الإنترنت وغيرها من الوسائل الرقمية التي تتيح المجال لبعض شذّاذ الأفق بالتحرش الجنسي الرقمي بالأطفال واستغلالهم جنسيًا وتحويلهم إلى ضحايا.

يتعرض عدد متزايد من الأطفال في مختلف دول العالم إلى أشكال متعددة من الترهيب والابتزاز بمختلف أشكاله، بما في ذلك الابتزاز الجنسي

إذ يتعرض عدد متزايد من الأطفال في مختلف دول العالم إلى أشكال متعددة من الترهيب والابتزاز بمختلف أشكاله، بما في ذلك الابتزاز الجنسي، حيث يرغم الأطفال على مشاركة صور فاضحة لأنفسهم للشخص الذي يعمل على ابتزازهم.

فكيف يمكن حماية الأطفال من هذه الانتهاكات؟

يرى خبراء التربية والخبراء في مجال "الاستغلال الجنسي" للأطفال إن أي نقاش حول أمن الإنترنت على الأطفال يجب أن يفترض بداية قدرة الآباء والأمهات على تحديد وفرض قواعد لاستخدام الإنترنت والأجهزة المحمولة على أطفالهم إن كانوا راغبين حقًا بالتدخل المبكر والمساهمة في عدم تعرّض أطفالهم لمثل هذه المشاكل، حيث ينتهي بهم الأمر ضحايا لاستغلال جنسي أو مادي قد يترك آثارًا بعيدة المدى عليهم. فمن المهم بحسب الدكتور شارون كوبر، مختص علم الأطفال الجنائي في جامعة نورث كارولينا الأمريكية والخبير في مجال الاستغلال الجنسي، أن يعرف الآباء أن لديهم قدرة على التحكم بما يتعرض له الأطفال على الإنترنت، وأن يكونوا على قناعة بقدرتهم على ممارسة هذا الدور الضابط والوقائي. فبحسب نيويورك تايمز، أظهرت الأبحاث أن للوالدين الذين يتدخلون في ضبط سلوك الأبناء على الإنترنت دور في تنشئة أطفال أكثر وعيًا بمزالق الشبكة والتطبيقات. هذا الضبط يتعلق بالوقت الذي يمكن للأطفال قضاؤه على الإنترنت وحدهم، بحيث يقتصر على ساعة محددة خلال اليوم، إضافة إلى المحتوى، بحيث يكون مناسبًا لأعمارهم وملائمًا اجتماعيًا. كما أنه من الجيد أن يتم التعامل مع الوقت على الإنترنت على أساس أنّه "منحة" و"تنازل" من الوالدين، وليس حقًا مفترضًا للطفل.

 

كم من الوقت تقضي مع أطفالك؟

السؤال المحرج الذي يتعرض له الكثير من الآباء والأمهات يتعلق بالوقت الذي يقضونه مع أبنائهم، سواء في ممارسة ألعاب الفيديو أو اللعب على الإنترنت أو مشاهدة الأفلام أو استكشاف بعض التطبيقات. هذه التجارب المشتركة تحيّد بعض المخاطر، كما أنها تساعد في بناء الثقة والخوض في حوارات غير صدامية مع الأبناء حول المحتوى والسلوك الرقمي. وهنالك العديد من التطبيقات والألعاب التي يمكن أن تكون نقطة بداية لبناء علاقة بين الأطفال وأولياء الأمور عبر الأجهزة المحمولة. هذه الفترة، التي يجب أن تكون عنصرًا يوميًا ثابتًا في التواصل مع الطفل والتشابك معه، هي فرصة كذلك لتغرس عادات وأفكار إيجابية في الطفل، تساعد مثلًا على تنشئة طفل يحب القراءة، أو يمارس الرياضة، أو يساعد في أعمال المنزل. 

تحدثوا مع الأطفال وأصغوا إليهم

من المهم أن يعرف الطفل منذ عمر مبكّر حقوقه ومسؤولياته على الإنترنت، وخارج الإنترنت. فمن المهم أن يدرك الطفل أن عليه التعامل بشكل لائق، فهذا واجب عليه، كما أن له حقًا في أن يتم التعامل معه من قبل الآخرين بالشكل اللائق. بعد ذلك حاول أن تعرف من الطفل ما هي المواقف التي شعر فيها أنه غير آمن على الإنترنت، أو أنه يتعرض للخطر أو الاستدراج، عبر وقائع مريبة أو مستهجنة، شعر فيها الطفل بالارتباك ولم يعرف ماذا يفعل حيالها. عندها يجب توضيح القواعد، على نحو معقول وقابل للتطبيق، بحسب عمر الطفل ووعيه، مع تذكّر أهميّة الحفاظ على خط تواصل مفتوح لكي لا يتردد في حال حصل أي موقف في المستقبل ورغب في الحديث عنه بصراحة. فهنالك الكثير من الأطفال الذي يسكتون عن الاعتداءات عليهم والاستغلال الجنسي بحقهم، خشية من إثارة غضب الوالدين في حال تحدثوا معهم عن ذلك، لانتهاكهم القواعد التي فرضت عليهم، لكن يجب أن نتذكّر دومًا أن العديد من المجرمين الذي يستهدفون الأطفال على الإنترنت، يعتمدون على هذه المعضلة، وأن الأطفال في كثير من الأحيان، يفضلون البقاء صامتين، تجنبًا لغضب الأهل وردة فعلهم.

كيف تكشف عن محاولات الاستغلال الجنسي على الإنترنت

هنالك أنماط سلوكية رقمية على الإنترنت تميّز أغراض الأشخاص الذين يتواصلون مع الأطفال بهدف استغلالهم جنسيًا منها:

  • تحذير الطفل من الإفشاء عن سر العلاقة
  • طلب الكثير من المعلومات الشخصية
  • الوعد بالهدايا والعروض المغرية
  • التواصل مع الطفل عبر عدة منصات
  • التطرق لمواضيع حساسة تتعلق بمظهر الطفل وشكله
  • اقتراح اللقاء في مكان ما

يجب أن يعرف الطفل أن هذه علامات ومؤشرات تدل على أن الشخص يتواصل معه لأغراض مريبة، وأنه يجب أن يرفض منحه أي معلومات أو صور. كما يجب تحذير الطفل بشكل قاطع من إرسال أي صورة عارية له على الإنترنت، لأي طرف كان، وعدم فتح الكاميرا بتلك الوضعية، وعدم قبول أن يتم دفعه إلى القيام بشيء لا يرغب بالقيام به أو يجد أنه غير لائق أو فاضح.

ذكّر طفلك بخيار "الحظر" على الإنترنت

يجب أن يعرف الطفل أن لديه سلاح "الحظر" و"التبيلغ" عن المستخدم الذي يشعر أنه يشكل تهديدًا له أو للآخرين على الإنترنت. شجّع طفلك على استخدام هذا الخيار في حال تلقيه أي رسالة من شخص غير مرغوب به أو غير معروف، أو التواصل مع الشرطة أو الهيئات المختصة في حال استمرت محاولات التطفل والمضايقة.

لا توجّه اللوم والتأنيب للطفل

في حال اكتشاف أي مشكلة تتعلق بتعرض الطفل للاستغلال الجنسي، احرص على بث الطمأنينة لديه بأنه لن يتعرض لعقوبة تضاعف عليه المعضلة التي تورّط بها، وتذكّر أن المتحرشين بالأطفال على الإنترنت، يعتمدون على شعور الطفل بالعار والخجل والخوف من الحديث عما حصل معه وطلب المساعدة من الوالدين، خاصة إذا علم أنه سيقع في مشكلة أخرى بسبب ذلك.

اقرأ/ي أيضًا: شيفرة الثقة.. كيف نربي فتيات واثقات بأنفسهن؟

تجنب كذلك مضاعفة الحرج والشعور بالعار على الطفل، واحرص على خلق مساحة آمنة يمكن للطفل أن يلجأ إليها لمناقشة المشكلة التي حصلت معه، وتذكر أيضًا أنه من الصعب عادة أن يلجأ الطفل إلى الوالدين للحديث عن الجنس أو المشاكل ذات العلاقة بالجنس.

الوالدان هما خطّ الأمان الأساسي لأطفالهم أثناء نموّهم وخوضهم في العالم الرقمي المليء بالمشاكل والمتطفلين والمتحرشين والمغتصبين الافتراضيين

الوالدان هما خطّ الأمان الأساسي لأطفالهم أثناء نموّهم وخوضهم في العالم الرقمي المليء بالمشاكل والمتطفلين والمتحرشين والمغتصبين الافتراضيين، وبما أن عالم التقنية لا يوفّر البيئة التقنية الآمنة للأطفال ولا يبادر ببذل المطلوب في مواجهة الاعتداءات التي يتعرض لها الأطفال على الإنترنت، فإنه يلزم على الوالدين المبادرة إلى حماية الأطفال واتخاذ ما يلزم لوقايتهم وتمكينهم تقنيًا ونفسيًا للتعامل مع أية مشكلة تعرض لهم على الإنترنت، فكما يجب أن يكون لديك دليلك الشامل لمساعدة طفلك على مواجهة التنمر، من الضروري أن يكون لديك الدليل الشامل لمساعدة الطفل على النموّ في الفضاء الرقمي بشكل آمن. 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

5 نصائح مجربة لتربية طفل يحب القراءة

دليلك الشامل لمساعدة طفلك على مواجهة التنمر

باختصار: كيف ولماذا ستقيّد الصين فترات لعب الأطفال على الإنترنت؟