10-أكتوبر-2016

الملك سلمان في زيارة سابقة للقاهرة منتهى 2015 (فايز نور الدين/أ.ف.ب)

يمكن اعتبار تغطيات صحيفة "اليوم السابع" المصريّة، وحلقة "خالد صلاح" عن "المخطط الشيعي" لاختراق مصر برعاية أمريكية مثالًا حيًا على محاولات النظام المصري وأذرعه الإعلامية في اللعب بملف خطب ود المملكة السعودية، خاصة بعد الانتقادات السعودية الاستنكارية والصريحة لموقف مصر في مجلس الأمن بشان المشروعين الفرنسي والروسي للحل في سوريا. إذ اختارت مصر انتهاج سلوك موقف اللاموقف خدمة منها لتحالفها مع بشار الأسد فأسهمت بتعطيل أي مشروع يشكل خطرًا عليه، ولم يأتِ تناولها لملف التشيع في مصر بجديد لناحية نهج الصحيفة، ونهج البرنامج التلفزيوني لرئيس تحريرها، المتواصل في نشر أي شيء عن أي شيء وبأي شكل وفق مخططات وأوامر الأجهزة الأمنية وأباطرة الإعلام من مصريين وغيرهم في القاهرة.

لا تقف "القاهرة"، التي تميل لدعم بقاء بشار الأسد في السلطة، مع الرياض على أرض واحدة في "حلب"، وهي أزمة تعكر علاقتهما

كان لافتًا أيضًا ما قاله خالد صلاح، رئيس تحرير "اليوم السابع"، ردًّا على اتهامه بالانحياز للسُنّة والبُعد عن المهنيّة.. فقال: "عشان أنا سني يخاف على بلاده من الانشقاق والتمزّق". يتماشى التقرير وردّ "صلاح" مع مقال للكاتب السعودي "جمال خاشقجي" منشور في صحيفة "الحياة" اللندنية، الذي ينظر إليه الكثيرون على أنه مقرَّب من الدوائر الملكية، بعنوان "دافع عن السنّة ولا تبالِ".

يدعو "خاشقجي" في مقاله إلى أنّ "حان الوقت لزعماء المنطقة السنة عربًا وتركًا، أن يتخلصوا من حرج الاتهام بالطائفية، ويدافعوا عن حقوق السنة بل ووجودهم ولا يبالوا، فالعالم من حولهم لم يعد يرى غير تلك الألوان الطائفية والعرقية، كأن هناك اتفاقًا على أنهم أذنبوا وظلموا من حولهم طوال 1400 سنة، وحان وقت التحرر من الزمن السنّي، حديثي غير مقنع للبعض، أعلم ذلك، أنهم قوم يتجملون بعبارات إنشائية مثل «العروبة تجمعنا»، والطائفية سرطان يدمر مناعتنا في وجه الأعداء، حتى المرشد الإيراني خامنئي يهاجم الطائفية، ولكن ميلشياته وحرسه الثوري الذي يباركها باسم الحسين كل صباح لا تقتل غير السنة، وما محرقة حلب الجارية إلا محرقة السنّة".

عبر اتباع نفس اللهجة، حاول خالد صلاح مداعبة السعودية عبر الحديث عن الخطر الشيعي على مصر، ولإيصال رسالة ضمنية أن النظام المصري لا يزال على تضامنه مع السعودية.

اقرأ/ي أيضًا: مهند..الشاب الذي واجه السجن واللوكيميا

ما الذي يجري على الأرض؟

انتقد سلمان الأنصاري، رئيس اللوبي السعودي في أمريكا "سابراك"، تصويت مصر لصالح مشروع القرار الروسي حول سوريا، خلال جلسة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مساء السبت، وقال على "تويتر": "عذرًا يا جمهورية مصر العربية، ولكن تصويتك لصالح مشروع قرار روسيا في مجلس الأمن يجعلني أشكك في أمومتك للعرب وللدنيا".

ووصف المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المُعلمي تصويت مندوب مصر لصالح مشروع القرار الروسي، بالمؤلم، قائلًا: "كان مؤلمًا أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب إلى الموقف التوافقي العربي من موقف المندوب العربي (المصري).. ولكن أعتقد أن السؤال يُوجه إلى مندوب مصر".

وجاء مشروع القرار الروسي، الذي وافقت عليه مصر، داعيًا إلى إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، وفصل قوات المعارضة السوريّة عن "جبهة فتح الشام" (النصرة سابقًا)، وقدَّمته روسيا ردًا على مشروع فرنسا، الذي أيّدته الولايات المتحدة والسعودية وبريطانيا وقطر.

لا تقف "القاهرة" مع الرياض على أرض واحدة في "حلب". طوال الأزمة السوريّة، حملت موقفًا مخالفًا لموقف السعودية، وهو "النقطة السوداء" التي تعطّل تطور علاقات القاهرة والرياض على طول الخط، إذ إن مصر تساند، بطبيعة الحال، الأنظمة المعادية للثورات، وعلى رأسها بشار الأسد في سوريا، وخليفة حفتر في ليبيا، بينما العاهل السعودي "سلمان" يحمل موقفًا مساندًا للثورة السورية، ليس من أرضية تضامنه مع الثورات، إنما من "الأرضية السنية" التي عبّر عنها "خاشقجي" في مقاله.

تقف سلطات مصر حائرة بين السعودية وروسيا، الأولى حليف سياسي، والثانية حليف استراتيجي، لتحاول مراضاة السعوية عبر الهجوم على إيران

ما الذي يدور في القاهرة؟

تقف سلطات مصر حائرة بين السعودية وروسيا، الأولى حليفها السياسي، والثانية حليفها الاستراتيجي، فلا بدّ من ردّ فعل مصريّ يعيد العلاقات إلى مجاريها، ويوجّه الأنظار إلى قضيّة أخرى تشتري بها مصر "ود" الرياض.

يقدّم خالد صلاح نفسه عرَّابًا للعلاقات المصرية السعودية، فبخلاف قربه من أحمد قطان، سفير الرياض بالقاهرة، يساند مشروعات الرياض في مصر منذ البداية كذراع إعلامية للنظام المصري، وبعد توتّر الأجواء لسببين، أولهما تصويت مصر للمشروع الروسيّ، والثاني إحالة قضية "تيران وصنافير" للمحاكم، وتعليق "استحواذ" السعودية عليها لحين انتهاء الإجراءات الدستورية والطعون على انتقال ملكيتها.

بعد الغضب الذي أبداه مسؤولون سعوديون، حاول النظام "مداواة" الجرح بتوجيه الرصاص إلى إيران، والشيعة، ومشروعهم في مصر، كأنه يقول: "ها نحن هنا، نقف معكم في جبهة واحدة بميدان الحرب على إيران، ندعمكم في اليمن ضد الحوثيين، ذراع إيران في صنعاء، ونصوِّب مدافعنا إلى الشيعة وطهران".

اقرأ/ي أيضًا: 

استراتيجيات الأمن المصري لمحاصرة الجمعيات الحقوقية

سخرية في مصر من "فقر" الملياردير حسين سالم