01-نوفمبر-2018

تحاول السعودية غسل جرائمها في اليمن من خلال التمويل المشروط (أ.ف.ب)

 تظهر وثائق مسربة، لاتفاقيات بين المملكة العربية السعودية ومنظمات أممية في اليمن، أن الرياض اشترطت على هذه المنظمات أن تروج لها، مقابل الحصول على تمويل. ويبين هذا التقرير المترجم عن صحيفة الغارديان البريطانية، استنادًا إلى هذه الوثائق، أن كلًا من السعودية والإمارات، اللتين تسببتا بالمجاعة والدمار بشكل أساسي في اليمن، تقدمان تمويًلا للمنظمات الأممية والمدنية، مع اشتراطات مسبقة بأن يتم تحسين سمعتهما في وسائل الإعلام، وإعادة تقديم صورتهما كمنقذ لليمن، عوضًا عن كونهما السبب الأساسي في المجاعة التي تحدث هناك.


طلبت المملكة العربية السعودية، حسب ما تظهر وثائق مسربة، بضرورة توفير وكالات الإغاثة العاملة في اليمن قدرًا جيدًا من الدعاية الإيجابية لدور الرياض في توفير 930 مليون دولار (ما يعادل 725 مليون جنيه استرليني) من المساعدات الإنسانية، حسب ما كشفت وثيقة داخلية للأمم المتحدة. ومع أن العديد من الجهات المانحة تسعى إلى الدعاية مقابل المساعدات التي تقدمها، إلا أن مقدار ومدى المطالبات السعودية غير معتاد، وغريب إلى حد كبير.

طالبت السعودية من المنظمات الأممية تحسين صورتها في اليمن مقابل من مخصصاتها من التمويل 

حيث تضمنت الوثيقة التي جاءت بعنوان "خطة الرؤية"، شروط ميزانية العمل الإنساني في اليمن لعام 2018، وتظهر حجم الضغط الذي مورس على وكالة أوشا (Ocha) التابعة للأمم المتحدة -وهو مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة- من أجل القبول بأغراض العلاقات العامة المرتبطة بالأموال المقدمة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وتجدر الإشارة إلى أن الدولتين وحدهما مولا ما يقرب من ثلث إجمالي ميزانية الأمم المتحدة للأعمال الإنسانية في اليمن خلال هذا العام.

مع ذلك، يُعد التدخل العسكري السعودي في الحرب الأهلية اليمنية الممتدة منذ ثلاث سنوات السبب الرئيسي في الكارثة الإنسانية هناك، والتي خلفت 10 آلاف قتيل من المدنيين، وتركت الملايين يواجهون خطر المجاعة. حيث تدخلت المملكة العربية السعودية في اليمن بهدف تمكين الحكومة المُعترف بها من قبل الأمم المتحدة، وصد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

وأشارت الوثيقة إلى ضرورة ربط المساعدات المستقبلية التي توزعها أوشا على الجهات والوكالات اليمنية، بحجم الدعاية العامة التي يُراد أن تحصل عليها المملكة العربية السعودية. كما طالبت الوثيقة وكالة أوشا أيضًا بتوفير دعاية مناسبة حول الجهود الإنسانية التي تبذلها السعودية في اليمن في عدد من الصحف، مثل نيويورك تايمز والغارديان.

اقرأ/ي أيضًا: غراميات السعودية والقاعدة في اليمن.. حنين إلى مظلة بريجنسكي

فيما حددت الوثيقة أيضًا كيف يجب على جميع الوكالات التي تتلقى المساعدات السعودية أن تنشر ملخصًا دعائيًا حول حجم التمويل الذي تحصل عليه. تقول الاتفاقية في هذا السياق: "نرى أنه من المهم للغاية التأكيد على علم أصدقائنا اليمنيين الأعزاء بتبرعاتنا. وينبغي التركيز بشكل أكبر على تعزيز خطة الرؤية المحلية من خلال إشراك وسائل الإعلام المحلية.. حتى يحصل المانحون على اعتراف مُستحق، ولا يطغى ظهور اسم الوكالات المستفيدة على ظهور الجهة المانحة".

ومن المقرر حسب الخطة الموضوعة، أن تعقد الأمم المتحدة عددًا من الفعاليات في مقرها الرئيسي، تركز فيها على الاستجابة الإنسانية في اليمن، وأثر التمويل الذي قدمته جميع الجهات المانحة. وستعترف هذه الفعاليات بأدوار جميع الجهات المانحة، بما فيها المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة.

كما تُلزم الاتفاقية الوكالات المتلقية للمساعدات بتوثيق الأنشطة المدعومة سعوديًا وإماراتيًا في اليمن بالصور والمواد الفيلمية. حيث حددت الوثيقة 48 إجراءً خاصًا وافقت الوكالات التابعة للأمم المتحدة على تنفيذها هذا العام للتعريف بالنشاط السعودي، الذي شمل خمس وكالات إغاثة مختلفة تابعة للأمم المتحدة، منها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وأوشا، ومنظمة الصحة العالمية، واليونيسيف.

بينما تُظهر الوثائق المسربة أيضًا حجم الضغط التي مارسته الدولتان على الأمم المتحدة لإبراز مكانتهما كجهات مانحة خيرية. وكما ينص أحد المطالب: "نتوقع من وكالة أوشا، أو أي وكالة متلقية، أن تنشر مقالات في صحف يومية بارزة، مثل نيويورك تايمز أو الغارديان، وتسلط الضوء على مساهماتنا".

 تُظهر الوثائق المسربة أيضًا حجم الضغط التي مارسته السعودية والإمارات على الأمم المتحدة لإبراز مكانتهما كجهات مانحة خيرية

على الرغم من إظهار الوثائق أن وكالة أوشا قد تصدت لبعض مطالبات المملكة العربية السعودية، إلا أن الوكالة وافقت على طلب سعودي بأن "تُعين وكالة أوشا شخصًا متخصصًا كمحور تنسيق وجهة اتصال، لضمان تنفيذ الخطة من قبل جميع الوكالات المتلقية وتوحيد التقارير".

وصرحت الوكالة في بيان لها: "معظم المانحين في اليمن وفي أي مكان آخر لديهم متطلبات ورؤية يُتفق عليها بشكل ثنائي مع الجهة المانحة وحدها. ولأنها اتفاقيات ثنائية، لا يحق لنا مناقشة تفاصيل الاتفاق الفردي على الملأ.. طوال فترة الصراع في اليمن، كانت الأمم المتحدة صريحة ومتسقة وعلنية في دعوتها جميع أطراف الصراع للوفاء بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك الالتزام بحماية المدنيين، والبنية التحتية المدنية. سوف نواصل القيام بذلك".

 

اقرأ/ي أيضًا:

صعدة ليست الأولى.. أبرز مجازر السعودية بحق الأطفال في اليمن

حرب اليمن المنسية.. البطش السعودي مستمر