13-أبريل-2021

مسجد هند حجازي في صيدا (Getty)

يستقبل اللبنانيون شهر رمضان هذا العام، في الوقت الذي تمرّ فيه البلاد بأسوأ أزماتها الاقتصادية والاجتماعية منذ إعلان دولة لبنان الكبير في العام 1920. ويمكن للمراقب أن يُلاحظ أن التحضير لشهر رمضان في هذه السنة جاء مختلفًا في الشكل وفي المضمون عمّا اعتاده اللبنانيون، بداية من غياب الزينة الرمضانية واليافطات المرحّبة بالشهر الفضيل، التي كانت تزدان بها الشوارع والساحات في العادة، بسبب ارتفاع تكلفتها المادية، مرورًا باختفاء مظاهر الفرح والاحتفاء بالشهر وتبادل المعايدات، بسبب انشغال المواطن اللبناني بتأمين ربطة الخبز والتفكير بالهموم الكبيرة المحيطة به، والبحث عن طريقة  للحصول على مادة البنزين لتعبئة خزان وقود سيارته. وفي الوقت الذي بلغت فيه ساعات تقنين الكهرباء أرقامًا غير مسبوقة، وارتفعت معدّلات البطالة لتجدّ آلاف الأسر نفسها بلا معيل، على أبواب شهر ترتفع فيه المصاريف عدّة أضعاف في العادة، كما ترتفع الأسعار، التي شهدت زيادات كبيرة منذ انهيار الليرة اللبنانية الأخير.

حاولت الأحزاب اللبنانية لعب دور المنقذ على أبواب رمضان، من خلال تقديم بطاقات المساعدة والإعانات، مستفيدةً من الفقر والعوز الذي يعيشه السواد الأعظم من اللبنانيين، خاصة مع الحديث عن اقتراب الانتخابات

تواصلَ ألترا صوت مع بعض العائلات اللبنانية للوقوف على طبيعة استعداداتها لاستقبال شهر رمضان، فقالت أم علي المصري، ربّة أسرة مؤلفة من ستة أفراد، إنهم سيضطرون في هذا العام إلى الاستغناء عن الكثير من مواد المائدة الرمضانية، في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار، وأشارت إلى أن تكلفة طبق الفتوش، وهو واحد من الأطباق الأساسية الرمضانية في لبنان، زادت بنسبة أربعة أضعاف، فيما تحلّق أسعار اللّحوم والدجاج في السماء، ومع ذلك فإن الحصول على اللحوم أصبح في غاية الصعوبة في ظل انقطاعها المتواصل، ما دفع بالكثير من الجزّارين إلى إغلاق محلّاتهم مؤقتًا. وتحدّثت أيضًّا عن أسعار الحلوى الرمضانية التي بلغت أرقامًا خيالية، وقالت إن مائدة الإفطار ستتقلص إلى الحد الأدنى لدى الكثير من الأسر بسبب الفاقة.

اقرأ/ي أيضًا: كيف يصوم المسلمون في الدول الإسكندنافية؟

من جهتها، أشارت فاطمة حمدان،  وهي معلمة في إحدى المدارس الخاصة في بيروت، وأمّ لثلاثة أطفال، إلى صعوبة الحصول على المواد الغذائية الأساسية لشهر رمضان، في ظل خلو رفوف التعاونيات منها، بسبب جشع التجّار الكبار الذين يحتكرونها بهدف بيعها بأسعار أعلى لاحقًا، مع استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار، وبسبب تهافت المواطنين على تخزين كميّات كبيرة من المواد الغذائية في منازلهم خوفًا من انقطاعها. وذكرت حمدان أن شحّ مادة البنزين واضطرار المواطن إلى الانتظار في طوابير للحصول على كميات قليلة ومحدودة منه، يجعل عملية التسوّق والحصول على المواد الغذائية أكثر صعوبة، ناهيك عن أن بيع  الخبز بات مقتصرًا على الأفران بعد الأزمة بين وزارة الاقتصاد ونقابة الأفران.

كما كان لألترا صوت لقاء مع مصطفى ناصر، صاحب أحد المحال التجارية في قضاء بنت جبيل في الجنوب، الذي قال إن حركة البيع مختلفة عن الأعوام الماضية، حيث أن الزبائن باتوا يتوقفون لوقت طويل أمام أسعار السلع والمواد، ويستغنون عن الكثير منها بسبب السعر، كذلك الأمر بالنسبة للفواكه التي تضاعف سعرها ثلاث مرات عن شهر رمضان الماضي. ولاحظ  ناصر بشكل خاص انخفاض بيع التمور وعصير الجلاب والمواد الأولية لتحضير الحلويات الرمضانية، عمّا كان عليه الحال في الأعوام الماضية، ولم يكن الحال أفضل بالنسبة للأجبان والألبان التي تؤكل خلال وجبة السحور، والتي ارتفعت أسعارها بشكل كبير هي الأخرى،  وقد ختم حديثه بالقول "الله يساعد العالم". 

وفيما كانت الدولة اللبنانية الغائب الأكبر عن  الواجهة، مع إمعانها في التقاعس عن القيام بأدوارها لتأمين حاجات المواطنين، عملت الأحزاب اللبنانية المختلفة، وهي المسؤولة الأساسية عن تحلّل الدولة في لبنان ونهب خزينتها، على اختلاف توجّهاتها، على استغلال هذا الغياب، محاولةً لعب دور المنقذ، من خلال تقديم بطاقات المساعدة والإعاشات، مستفيدةً من الفقر والعوز الذي يعيشه السواد الأعظم من اللبنانيين، خاصة مع الحديث عن اقتراب الانتخابات، في الوقت الذي يؤدّي سوء إدارة هذه الأحزاب لشؤون الدولة ومواردها، والخلافات فيما بينها على المراكز والحصص، إلى تدمير حياة اللبنانيين وسدّ كل آفاق المستقبل أمامهم.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الدراما المصرية في رمضان 2021.. إرهابٌ وصراعُ أجيال (2-2)

هل يبطل لقاح كورونا الصوم في رمضان؟