21-مارس-2021

جامعة جورجتاون أقدم جامعة كاثوليكية في الولايات المتحدة (Getty)

رايتشل سوارنز، كاتبة مساهمة في صحيفة نيويورك تايمز، ومؤلفة كتاب "American Tapestry" الذي يتتبع شجرة نسب ميشيل أوباما، وتعلق فيه على مواضيع ذات صلة بالثقافة الشعبية للأمريكيين السود وتاريخهم في الولايات المتحدة الأمريكية. في العام 2016، تلقت إيميلًا تقول إنه أفقدها صوابها، فيه معلومات عن قيام آباء يسوعيين ببيع 272 شخصًا في القرن التاسع عشر، وتحديدًا في العام 1838، من أجل إنقاذ جامعة جورجتاون ونشلها من الديون التي كانت غارقة بها. تقول رايتشل إن بيع العبيد في تلك الفترة لم يكن أمرًا غير معلوم للمؤرخين، ولكن لم يكن ثمّة من يقدر مدى أهمية ذلك النشاط وحجمه وعلاقته بالجامعات وتأسيسها ونموّها، ومن بينها ذلك المعهد الكاثوليكي للتعليم العالي وقتها، والذي بات اليوم صرحًا يعرف باسم جامعة "جورجتاون"، إحدى أشهر جامعات العالم وأكثرها أهمية، وأقدم جامعة كاثوليكية في الولايات المتحدة. 

لم يكن بيع العبيد وشراؤهم غير شائع في تلك الفترة، لكن حجم الصفقة التي تورط بها آباء يسوعيون ظل سرًا لسنوات عديدة

ومع تصاعد موجة الاحتجاجات المناهضة للعنصرية البنيوية في أمريكا في السنوات الماضية، شرع عدد كبير من أساتذة وطلبة جامعة جورجتاون وخريجيها، بمحاولة معرفة تفاصيل ما جرى للمستعبدين البالغ عددهم 272 رجلًا وامرأة وطفلًا. وسنستخدم هنا لفظ "مستعبد" بدلًا من عبد، لما في اللفظ الأول دلالة على معنى الاستعباد، ولنبتعد عن معنى "العبودية" كصفة جوهرية، والذي قد يفهم من اللفظ الثاني، وهو ما قررته مؤخرًا بعض وكالات الأنباء العالمية باللغة الإنجليزية، مثل الأسوشيتد برس، والتي ألزمت محرريها باعتماد كلمة "enslaved" بدل "slave" من المنطلق ذاته. 

 

تقول القصة التي روتها رايتشل في النيويوك تايمز إن السؤال الذي أصر هؤلاء الناشطون في جورجتاون على طرحه هو معرفة ما تحمله القصّة من عبء أخلاقي على الجامعة التي باعت أولئك البشر في لحظة ما لتأمين مستقبل الجامعة المالي وضمان عدم الاضطرار لإغلاقها؟ فمن كان يعرف أن تاريخ جامعة مثل جورجتاون، أقدم جامعة كاثوليكية يسوعية، يشوبه هذا القدر من العنف واللاإنسانية.

لقد اعترفت العديد من الجامعات الأمريكية، ومن بينها جامعة براون والتي كانت أول من بادر بفتح هذا الملف عام 2003، وكولمبيا، وهارفارد، وفيرجينيا، بارتباط تاريخها بالاستبعاد وتجارته، لكن ما حصل في جورجتاون عام 1838 يظل قصّة كبرى، بالنظر إلى حجم الصفقة التي تمّت حينها.

لقد ارتبط النشاط الأكاديمي في جورجتاون بالاستعباد بشكل وثيق، واعتمدت الجامعة على مزارع يعمل فيها المستعبدون بالسخرة تابعة للآباء اليسوعيين "الجزويت" في ماريلاند، للمساعدة في تمويل أنشطتها وتأمين مصاريفها. أما صفقة العام 1838 والتي بيع فيها 272 إنسانًا، وبلغت قيمتها ما يعادل اليوم 3.3 مليون دولار أمريكي، فقد كانت بترتيب من اثنين من رؤساء جورجتاون الأوائل، وكلاهما من الآباء اليسوعيين.

وقد استخدم ذلك المال لتسديد ديون كانت على الجامعة وهددت مستقبلها، ما جعل مؤرخين مثل آدم روثمان، وهو أحد أساتذة التاريخ في الجامعة نفسها، يرون أنه ما كان لجورجتاون أن تستمر في الوجود لولا تلك العملية الضخمة لبيع المستعبدين السود.

أزمة في الجامعة الكاثوليكية

في آب/أغسطس عام 2016 وافقت الجامعة على إطلاق مجموعة عمل من أساتذة في الجامعة لبحث السبل والإجراءات التي يجدر اتخاذها من أجل الاعتذار عن هذه الصفحة السوداء في تاريخ الجامعة، وتحديد ما يمكن فعله للتكفير عن هذا الإرث الذي يربط تاريخ الجامعة وسبب وجودها اليوم بنشاط الاستعباد وتجارة البشر في القرن التاسع عشر.

ولم يكن تأسيس مجموعة العمل تلك مبادرة ذاتية من الجامعة، بل أتى ذلك بعد احتجاجات طلابية في الجامعة واعتصامات وحملات على وسائل التواصل الاجتماعي، دفعت الجامعة إلى التعجيل بإنشاء مجموعة العمل تلك، وبحث المسألة من جميع جوانبها واتخاذ الإجراءات العاجلة تحت ضغط الاحتجاجات المتصاعدة في الجامعة.

وكبادرة حسن نية من الجامعة، أقدمت الإدارة على تغيير اسم مبنيين في الجامعة يحملان اسم "توماس أف ماليدي"، و"ويليام ماكشيري" وهما رئيسا الجامعة اللذان تورطا في تلك الصفقة عام 1838.

لكن ثمة من قالوا إن ذلك غير كافٍ، وأنّه لا بدّ من وجود سبل أخرى لمعالجة المظلمة التي وقعت قبل قرنين من الزمان بطريقة أكثر جدّية.

أحد أولئك الذين تابعوا القضية من بعيد، كان ريتشارد تشيليني، وهو أحد خريجي الجامعة ويعمل مديرًا تنفيذيًا في شركة تقنية، وهو كاثوليكي ملتزم، وقد ساءه ما عرف عن تورّط الآباء اليسوعيين في صفقة قذرة ضخمة، كما ساءه أيضًا عدم سعي الكنيسة ولا مسؤولو الجامعة للبحث عن مصائر من بيعوا في تلك الصفقة ونسلهم، ومحاولة تعويضهم عمّا جرى لهم.

الغريب في السيد تشيليني هو أنّ من يراه للوهلة الأولى سيتعجب من كونه الرجل الذي أخذ هذه المهمّة على عاتقه وحارب من أجلها. فهو أمريكي أبيض، وقد اعترف بنفسه بأنه لم يسبق له أن فكّر أو اكترث كثيرًا بمسألة الاستبعاد أو تاريخ الأمريكيين من أصول أفريقية.

لكن تلك القصّة أقامت في عقله وضميره، ولم يستطع التوقف عن التفكير بالمستعبدين الذين بيعوا في ذلك العام في النصف الأول من القرن التاسع عشر، خاصة أنّ أسماءهم محفوظة ومسجّلة في أرشيف الجامعة منذ عقود. فهم ليسوا مجموعة مبهمة من البشر المنسيين، بل أناس حقيقيون لهم أسماء، ولا بدّ من أن يكون لهم عقب أخلفهم وتناسل منهم بشر موجودون حتى اليوم.

ولم يكد يمضي أسبوعان على الفكرة حتى أنشأ السيد تشيليني جمعية غير ربحية، أطلق عليها اسم "مشروع ذاكرة جورجتاون"، انضّم إليها ثمانية من علماء الأنساب وجمعت أكثر من 10 آلاف دولار أمريكي من خريجين سابقين من الجامعة لتمويل أبحاثهم. ثم انضمّت هذه المبادرة إلى مبادرة أخرى كان قد أطلقها الدكتور آدم روثمان، أستاذ التاريخ في جورجتاون، وسرعان ما شرع الفريقان بالعمل معًا في مهامّ تكمّل إحداها الأخرى وتضمن سرعة الإنجاز والتوصّل إلى نتائج عملية لكيفية معالجة تلك المظلمة التي مر عليها أكثر من 180 سنة. 

تفاصيل حقبة مظلمة

كشفت الأبحاث التي قام بها المختصون في هذه المبادرات المزيد من المعلومات عن تلك الحقبة المظلمة، والتي كان فيها القساوسة يأمرون بها المستعبدين بحضور الصلوات إن كانوا يريدون الخلاص، إلا أنّهم كانوا كذلك يتعرضون للجلد والتعذيب، كما كانوا سلعة تباع وتشترى. وقد وصفت الوثائق التي اطلع عليها الباحثون ظروف العمل القاسية وغير الآدمية التي تعرض لها السود في تلك الفترة، وهو ما وصفه بعض الآباء اليسوعيين أنفسهم، ممّن دوّنوا يومياتهم التي عبّروا فيها عن فظاعة المشاركة في نظام الاستعباد القسري.

عارض بعض القساوسة عملية البيع في البداية، رغم أن الكنيسة الكاثوليكية لم تكن تحرّم الاستعباد حتى ذلك الحين، وكان بيع وشراء العبيد أمرًا معمولًا به بين الآباء اليسوعيين، لكنّ حجم صفقة العام 1838 هو ما أثار الجدل وضرورة النقاش والتدخّل من أجل الموافقة على تمريرها.

فقد خشي بعض الآباء الكاثوليك أن يتحوّل العبيد الذين بيعوا عن إيمانهم الكاثوليكي، كما أنهم كانوا على علم بأن ظروف العمل والاستعباد أشدّ قسوة وفظاعة في الجنوب، وأنّ الأشخاص والأسر المشمولين في الصفقة سيواجهون مصيرًا مجهولًا، إذ سيتفرق شملهم ولن يسمح لهم بالبقاء معًا، كما أنهم قد يستخدمون في صفقات تجارية أخرى، ليعاد بيعهم وتوزيعهم على من يدفع أكثر.

كانت أمّة السود في أمريكا، أشبه بأشباح عابرة في هذا العالم كأنها لم تكن، أو هكذا أرادوا لها أن تكون

لكن تلك المعارضة الأولية سرعان ما تلاشت بعد جولات من الإقناع وتقديم مصلحة الكليّة ومستقبلها على أي تحفّظات أخلاقية على الصفقة، وبعد تعهدات من أطراف الصفقة بالسماح للمستعبدين بالاستمرار بممارسة دينهم، وعدم تشتيت شمل الأسر، وعدم تعريضهم للبيع من جديد.

إلا أن تلك الوعود كانت شكليّة وحسب، ولم يجر الالتزام بأي منها.

ثارت ثائرة البابا غريغوري السادس عشر، وأصدر أمرًا يحظر على الكاثوليكيين تلك الممارسة، "تحت أي مسوغ أو عذر". لكنّ غضب البابا حينها لم يتحدث بشكل مباشر عن الاستعباد وملكية البشر أو بيعهم وشراءهم في عقود خاصّة.

وواصل الباحثون النظر في الوثائق المؤرشفة من أجل تتبع مسير أولئك المستعبدين الذين بيعوا عام 1838، وانتقلوا من ماريلاند إلى نيوأورلينز، وكان الهدف من ذلك هو تحديد ما إذا كان من الممكن الوصول إلى أي من أعقابهم الذين ينحدرون من نسلهم. وبعد عدة أشهر من التقصّي، بدا أن إحدى الباحثات في الجمعية التي أسسها السيد تشيليني قد أمسكت بطرف خيط أوصلها إلى أسرة صبي بيع في تلك الصفقة، يدعى كورنيليوس هوكينز.

وثيقة البيع التي تعود إلى العام 1838 (نيويورك تايمز)

أسماء غائبة

لم يشغل الأمريكيون من أصول أفريقية حيّزًا يذكر في الوثائق التي تعود لتلك الفترة في القرن التاسع عشر. فهم مستعبدون ومهمشون وأميون رغمًا عنهم وبحكم القانون الذي حرمهم من تعلم القراءة والكتابة. كانت أمّة السود في أمريكا، أشبه بأشباح عابرة في هذا العالم كأنها لم تكن، أو هكذا أرادوا لها أن تكون.

بعد تلك الصفقة عام 1838، اختفى اسم كورنيليوس من الوثائق العامة حتى العام 1851، حيث ورد اسمه في سجلّ مزرعة للقطن قرب مدينة مارينغوين في ولاية لويزيانا. كانت قيمته في ذلك السجل "900 دولار"، وكان معروضًا للبيع ضمن إعلان في الصحيفة عام 1852 بعنوان "فرصة قيّمة: مزرعة وزنوج للبيع".

بيعت تلك المزرعة بدل المرّة مرات، بما فيها من زنوج وبغال وحيوانات، بحسب الوصف المرفق بإعلانات البيع، لكنّ أسرة كورنيليوس ظلّت متماسكة تدور معًا من يد مالك إلى آخر. وظلّت تلك حال كورنيليوس، حتى غدا زوجًا وأبًا، وإلى أن نال حريته أخيرًا وهو على أبواب العقد الخامس من العمر.

ما حفظ اسم كورنيليوس حتى اليوم، بالرغم من اختفائه المتكرر في الوثائق الرسمية بين فترات طويلة، كان إيمانه الراسخ والعملي بالكاثوليكية، وإقدامه بعد ثلاثين عامًا من إنجاب أول أطفاله على تجديد عهد زواجه في الكنيسة.

تحكي رايتشل سوارنز إن هذا الإيمان الذي انتقل إلى أولاده وأحفاده هو ما حفظ اسمه، وساعد الباحثين في الذين يعملون لدى السيد تشيليني على تتبع مسيرة العائلة عبر سجلات الزواج والميلاد والتعميد والدفن، ليهتدوا بعد عملية مضنية إلى سيدة تبلغ من العمر 69 عامًا تدعى ماكسين كرمب.

باتريشا بايون-جونسون، امرأة أخرى تنحدر من نسل أحد المستعبدين الذين باعهم اليسوعيون عام 1838 (نيويورك تايمز) 

لم تكن ماكسين كرمب تعرف الكثير عن تاريخ عائلتها، لكنها تعرف الاسم، كورنيليوس، وهو اسم متوارث انتقل من جيل إلى جيل في العائلة، لكنّها لم تكن تعرف أصله، ومن يكون كورنيليوس وماذا كانت قصة مأساته، وشعرت بأسى كبير وهي تردّد: "يا إلهي، يا إلهي، الآن عرفت من يكون كورنيليوس".

عملت السيدة كرمب مذيعة في التلفاز، وهي أول مذيعة من أصول أفريقية من مدينتها، وتدير حاليًا مؤسسة غير ربحية مهتمة بالنقاشات حول العنصرية في لويزيانا، وتوفر برامج تثقيفية حول العنصرية المؤسسية وطرق مواجهتها.

البحث عن الكفّارة  

ما يزال البحث جاريًا عن آلاف الأشخاص الذين تربطهم رابطة دم بأسلافهم المستعبدين الذين بيعوا بالجملة عام 1838 لصالح ما بات الآن واحدة من كبرى الجامعات العالمية وأعرقها، وأقدم جامعة كاثوليكية في الولايات المتحدة.

تعترف إدارة الجامعة بأنه لا أحد يعرف ما الذي يمكن فعله للتصالح مع تاريخ كهذا، وما الذي يمكن القيام به للتكفير عمّا حصل. وواصلت مجموعة العمل التي أسستها الجامعة نفسها لبحث هذه القضية والتحقيق فيها، وترددت كثيرًا قبل أن تعلن عن رأيها في ضرورة أن تقدم الجامعة اعتذارًا رسميًا عن انتفاعها من الاتجار بالبشر، أو أن تقيم نصبًا تذكاريًا يخلد اسم أولئك الذين بيعوا في تلك الصفقة، وتقديم منح دراسية لمن يتصل بهم من نسلهم.

لقد حازت القصّة التي كتبتها رايتشل سوارنز على أكثر من مليون قراءة على موقع النيويورك تايمز، حيث عاد القراء من جديد إلى حقيقة يبدو أنها جبلت في تاريخ الولايات المتحدة على مدى عقود طويلة، مفادها أن الاستعباد كان محركًا وراء النهضة التي حدثت في الجامعات والمصارف وحتى الكنائس.

لقد كانت الاستعباد والاتجار البشر محركًا يقف وراء النهضة التي حدثت في الجامعات والمصارف الأمريكية وحتى الكنائس 

  في نيسان/أبريل 2017، اعترفت الجامعة بتفاصيل تلك الواقعة، واعتذرت بشكل رسمي عن دورها في الصفقة التي جرت عام 1838 وبيع فيها أكثر من 279 رجلًا وامرأة وطفلًا من الأمريكيين السود لصالح الجامعة وتمويل أنشطتها وساد  كما تعهدت الجامعة بإنشاء معهد تابع للجامعة متخصص بدراسة تاريخ الاستعباد. كما أنشأت الجامعة نصبًا تذكاريًا بأسماء المستعبدين الذين بيعوا في ذلك العام. وتواصلت الضغوط على الجامعة لتخصيص مليار دولار أمريكي كتعويضات لمن تمّ التعرف عليهم من نسلهم، حتى أعلنت جورجتاون في عام 2019 أنها ستجمع 400 ألف دولار سنويًا لصالحهم، كما أعلنت الكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة قبل أيام عزمها على جمع 100 مليون دولار أمريكي لدعم من يتحدرون من نسل المستعبدين في تلك الصفقة، وتمويل مشاريع مجتمعية لمواجهة العنصرية.

إن حكاية الجامعة الأمريكية ونشأتها لا تنفصل عن حكاية الاستعباد والاقتصاد المرتبط بالاتجار بهم والقائم على استغلالهم. فقد ضمنت مزارع المستعبدين الذين يعملون بالسخرة لدى ملاكهم توفير التعليم المجاني للطلبة، وكان المستعبدون هم من يطبخون وينظفون في تلك الجامعات الكبرى الأولى، خاصة تلك التي أنشئت قبل الحرب الأهلية الأمريكية. واليوم، تدرك هذه الجامعات القيمة الأخلاقية والأهمية العملية في مواجهة هذا الماضي المظلم، إذ يمكن أن يسهم ذلك في نشأة أجيال جديدة واعية بالتاريخ وقادرة على الاستفادة منه لبناء مجتمعات أكثر ترابطًا تضمن مستقبلًا أفضل وأكثر عدلًا.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

ثمار الإعدام "الشعبي" الغريبة.. تاريخ الأفارقة الأمريكيين على المقصلة البيضاء

فيلم "The Birth of a Nation" العبودية أو الموت.. ماذا تختار؟