15-أغسطس-2018

لا يثق اللاجئون السوريون بالضمانات الروسية (Getty)

ألترا صوت – فريق التحرير

بدأت موسكو خلال الشهر الفائت مسارًا جديدًا على الساحة الدولية من خلال دعوتها اللاجئين السوريين للعودة إلى سوريا، بعدما تمكن نظام الأسد بدعمٍ من القوات الروسية، والميليشيات الأجنبية الممولة من إيران استعادة السيطرة على ما يقدر بـ90% من المساحة التي كان خسرها حتى منتصف 2016.

كان النظام السوري تعهّد للجان التفاوض في المناطق الخارجة عن سيطرته بعدم التعرض لمن يرفضون الخروج إلى الشمال السوري، لكنه سرعان ما شن حملة اعتقالات ضدهم

وبحسب مركز استقبال وتوزيع اللاجئين في سوريا الذي تسلّمت موسكو مهام الإشراف عليه، فإن ما يقدر بـ1.7 مليون لاجئ "عبروا عن رغبتهم بالعودة إلى الوطن"، لكن هذه الأرقام كما يراها مراقبون تبدو غير دقيقة كون النسبة الأكبر من السوريين الموزعين بين دول الشتات ترفض العودة طالما لا يزال رئيس النظام السوري بشار الأسد في السلطة.

يقدم ألترا صوت في هذا التقرير آراء متنوعة لسوريين يقيمون في تركيا وفرنسا تحدثوا عن سبب رفضهم العودة إلى سوريا في ظل التطورات السياسية الحالية التي طرأت على الملف السوري دوليًا.

إهانة للعدالة وحقوق الإنسان

إن أكثر إهانة للشعب السوري هي دعوة اللاجئين العودة إلى "حضن الوطن"، هكذا عبّر صقر علي الخضر عن رأيه فيما يتعلق بالدعوة الروسية، مرجعًا ذلك إلى عدم حدوث أي "تغيير إيجابي من قبل نظام الأسد"، بالإضافة لقيام النظام السوري "باعتقال وقتل أشخاص ثوار مؤثرين لأنهم وثقوا بعهود النظام بعدم التعرض لهم في حال قبلوا بالمصالحة".

اقرأ/ي أيضًا: حين أصبح بشار الأسد أيقونةً لليمين المتطرف في الولايات المتحدة

وكان النظام السوري تعهّد للجان التفاوض في المناطق الخارجة عن سيطرته بعدم التعرض لمن يرفضون الخروج إلى الشمال السوري، لكنه سرعان ما شن حملة اعتقالات استهدف فيها الشبان المتخلفين عن الخدمة الإلزامية بهدف سوقهم إلى جبهات القتال، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عدد الشبان الذين تم تجنيدهم إجباريًا بلغ 19 ألف شاب من مناطق دمشق وريفها.

ويُذكر الخضر خلال حديثه لـ"ألترا صوت" أن "الثورة السورية بدأت من أجل حقوق وحريات وكرامة الإنسان"،  ويضيف متسائلًا "هل يكون حل هذه المشاكل بالنسبة لروسيا والنظام السوري بسلب الناس كل حقوقهم.. وإعطائهم حق بديهي (العودة لبلدهم وأملاكهم) ويظهر بمظهر المنتصر؟"، ويضيف مجيبًا على السؤال عينه: "إني أرى ذلك قمة في إهانة العدالة وتلبية حقوق الناس".

ويعتبر صقر أن عدم عمل النظام السوري والجيش الروسي "على ترميم الشروخ بالمجتمع السوري التي أبعدت الناس عن بعضهم أكثر"، سببًا إضافيًا لعدم ضمان مثل هذه الدعوات، مشددًا على أنه لا يسكن في بلد "يأخذ جاره الذي اغتصب امرأة معاقة عقليًا منصبًا وقوة بفضل النظام الذي اعتمد على المجرمين في بناء هيكلية الشبيحة".

لا يمكن لأي ضمان روسي أن يكون صادقًا

أما ريم فاضل، فتؤكد في بداية حديثها لـ"ألترا صوت" على "استحالة عودة اللاجئين السياسيين إلى سوريا وفق ضمانات روسية"، مرجعة ذلك لسببين، الأول أن "الخلاف مع  الأسد لا يندرج ضمن قضية اختلاف رأي سياسي، وهجرة طوعية من البلاد"، وأن بشار الأسد "مجرم حرب، والمسؤول الأول عن تدمير المدن ومجازر الإبادة والتغيير الديمغرافي والهجرة القسرية للشعب السوري".

وتشدد فاضل في معرض حديثها على أنه "لا يمكن لأي ضمان من روسيا، التي هي شريك في الدمار السوري، أن يكون صادقًا ما دامت البلاد تحت سطوة الأسد ومؤسساته الإجرامية". وكانت وزارة الدفاع الروسية قالت منتصف تموز/يوليو الفائت إنها بالتعاون مع النظام السوري أنشأت في سوريا مركزًا لمساعدة اللاجئين على العودة من الخارج.

وتساءلت فاضل عن كيفية "عودة اللاجئين المطلوبين أمنيًا فيما أعلنت سلطة الأسد عن قتل أكثر من ثمانية آلاف معتقل تحت التعذيب في سجونها من دون أي تبرير أو تسليم الجثث لذويها"، مشيرًة إلى إدراك الجميع أن "هذه الخطوة لم تكن لتتم دون الموافقة الروسية".

وقبل أيام قالت وكالة رويترز إن مذكرة للولايات المتحدة جاء فيها تلقيها اقتراحًا من موسكو للتعاون في "إعادة إعمار سوريا، وعودة اللاجئين"، وأشارت إلى أن واشنطن استقبلت المذكرة "استقبالًا فاترًا"، وانتقدت المذكرة الدور الذي لعبه الدبلوماسيون الروس للترويج لفكرة أن المقترح كان من نتائج قمة هلسنكي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي دونالد ترامب.

حاليًا.. لا أنصح أحد بالعودة إلي سوريا

"لا أفكر بالعودة إلى سوريا"، هكذا افتتح شاكر المصري حديثه، قبل أن يضيف بأنه لا يوجد ما يشجعه "على الأقل في الوقت الحالي"، ومثل الكثيرين من السوريين الذين كانوا ينتظرون سقوط رئيس النظام السوري بشار الأسد ليتمكنوا من العودة، فإنه كان مثلهم يأمل "بسقوط النظام" حتى يتمكن من العودة إلى مدينته حمص التي أُطلق عليها أيام الاحتجاجات السلمية "عاصمة الثورة"، والذي لا يرى له فيها "بصيص أمل في ظل التطورات العسكرية الجارية على الأرض".

قالت  وزارة الدفاع الروسية منتصف تموز/ يوليو الفائت إنها بالتعاون مع النظام السوري أنشأت في سوريا مركزًا لمساعدة اللاجئين على العودة من الخارج

ويضاف إلى ذلك أن اسم المصري مدرج على قائمة المطلوبين "لعدة أفرع أمنية"، والتي يقول إنها بسبب "مشاركتي في المظاهرات ومساهمتي في توثيق الأحداث وعملي مع بعض القنوات التلفزيونية خلال سنوات الثورة الأربعة الأولى"، إضافة لـ"وجود التشبيح والسرقة"، وجميعها تمنعه من التفكير بالعودة إلى سوريا.

اقرأ/ي أيضًا: خيارات السوريين: الموت أو الباصات الخضراء

كذلك يرفض العودة للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية بسبب "عدم وجود الأمن والأمان واستمرار القصف على بعض المناطق، ووجود السيارات المفخخة في مناطق أخرى"، ويشدد على أنه لا يمكنه القيام "بتلك المغامرة بعد أن أصبح لدي عائلة انضم إليها قبل مدة قصيرة طفل صغير أرى الأمل والنور في عينيه".

يتضح من حديث المصري أنه بدأ التأسيس لحياة جديدة بعيدًا عن حمص، فهو يعيش الآن في مدينة إسطنبول التركية، ويملك عملًا، لذلك قرر "الاستقرار فيها، وأسعى للحصول على الجنسية، وأن يكون لدي عملي الخاص فيما بعد"، منهيًا حديثه لـ"ألترا صوت" بالقول: "لا أرى نفسي في سوريا قريبًا، كما لا أنصح أحد بالعودة إليها في الوقت الحالي".

أما ياسمين بنشي فقد أكدت على أنها لن تعود إلى سوريا في ظل "وجود نظام الأسد بالسلطة مهما كان الضامن، حتى لو اجتمعت دول العالم كلها على تأمين الحماية وتوقيع ضمانات فلن أعود"، مؤكدة على عدم ثقتها بـ"نظام فاشي"، وأضافت "بالنسبة لي لا أثق بمن قتل وعذب إخوتي تعذيبًا وحشيًا انتقاميًا داخل المعتقلات، وهذا سبب كافٍ لا نقاش حوله".

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل ستعمل ألمانيا على إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم؟

"طلبكم مرفوض".. هل انتهى ربيع اللاجئين في أوروبا؟