09-يناير-2021

عاملة تنظيف في باريس (سباستيان بوزون/Getty)

أعلنت وزيرة المواطنة الفرنسية مارلين شيابا في أيلول/سبتمبر 2020، عن تعميم يهدف إلى "تسريع وتسهيل" إعطاء الجنسية الفرنسية للأجانب الذين كانوا على الخط الأمامي في مواجهة فيروس كورونا. وقالت شيابا وقتها أن "الأجانب الذين عملوا في الخطوط الأمامية أثناء الحجر الصحي سيتم تجنيسهم بشكل أسرع تقديرًا لالتزامهم". وبعد ثلاثة أشهر على هذا الإعلان، أشار مكتب مارلين شيابا في 22 كانون الأول/ديسمبر 2020، إلى أنه تم تقديم ما يقارب 3 آلاف ملف تجنيس من هذا النوع. ووفق سجلات الوزارة  فقد "حصل 74 شخصًا على الجنسية الفرنسية حتى الآن، وهناك 693 في طور الحصول عليها".

أعادت العديد من الدول الأوروبية النظر في سياساتها تجاه المهاجرين والأقليات، خاصة العمال في المجال الصحي، في ظل جائحة كوفيد 19

كما خفضت فرنسا المدة القانونية للحصول على الجنسية للعاملين في خط مواجهة كورونا من خمس سنوات إلى سنتين، وحددت الحكومة الفرنسية قطاعات المواجهة بـ17 قطاع، مما يسمح لهؤلاء بمعالجة ملفاتهم بشكل متسارع وسهل كمكافأة على المخاطرة التي يتكبدونها في مجابهة فيروس كورونا، وتكريمًا لجهودهم. وتتضارب المعلومات حول عدد الأجانب غير النظاميين في فرنسا وفق تقديرات شاسعة تشير إلى ما بين 100 ألف ونصف مليون شخص.

اقرأ/ي أيضًا: الطبيب السوري بشار الحنا.. لجوء من حرب نظام الأسد إلى الحرب على كورونا

تعترف جمعية "لا سيماد" أن هذا الإجراء الحكومي "إيجابي لمن يمكنه الاستفادة منه"، وتقول ليز فارون المسؤولة في الجمعية "من الجيد أن يتم إعطاء الأوراق لبعض الأشخاص، الذين وصل عددهم إلى نحو 700 شخص" بحسب ما جاء في بيان عبر صفحتها الرسمية الإلكترونية، وأضاف البيان إلى أن هذا الإجراء "يغفل التحديات الرئيسية في الوصول إلى الحقوق للمقيمين من الأجانب في فرنسا من غير العاملين في تقديم الخدمات الصحية وفي خطوط المواجهة المباشرة مع فيروس كورونا".

وحث بيان الجمعية الحقوقية على وجوب البحث الحكومي عن تدابير أعمق من أجل تبسيط الإجراءات الإدارية للتجنيس لجميع المقيمين الأجانب غير المسجلين قانونيًا في فرنسا. وقال أحد المهاجرين، كما جاء في تقرير منشور على موقع فرانس 24، "خلال (وباء) كوفيد-19 نحن من نقوم بكل الأعمال، وقمنا بتنظيف المستشفيات بينما ينعم الذين لديهم عمل بوقت قصير بالدفء في بيوتهم. فالحكومة نسيتنا".

ونشر النائب الفرنسي فرانسوا ميشيل لامبرت في رسالة على صفحته في فايسبوك دعوة من أجل "تقنين" أوضاع المهاجرين غير النظاميين خلال جائحة كوفيد-19، وقد وافقه 69 من النواب وأعضاء مجلس الشيوخ من عدة مكونات سياسية. وأشار لامبرت إلى أنه "أصبح من الضروري إيجاد حلول لهذه المسألة في الوقت الراهن لأنها أصبحت مسألة حياة أو موت". وتابع القول "هؤلاء النساء والرجال والأطفال دخلوا بلدنا بشكل غير قانوني. واليوم يشكل فيروس كورونا خطرًا كبيرًا على صحتهم وصحة الآخرين. ووضعهم الراهن لا يسمح لهم بالخضوع للعلاج في المستشفيات الفرنسية، لذا عليهم الاختباء دون أن تعرف الحكومة أين يذهبون ويتجولون".

اقرأ/ي أيضًا: الفرنسيون يحجمون عن لقاحات كورونا والحكومة بطيئة في توزيعها

وكانت البرتغال قد سبقت فرنسا في هذا الصدد، حين أعلنت أن كل المهاجرين الذين تقدموا بطلبات للحصول على الجنسية سيتم منحهم حقوق المواطنة. وأشاد ريتشارد دانزيجر، المدير الإقليمي للهجرة في منظمة الأمم المتحدة، بقرار البرتغال مغردًا عبر تويتر "يجب ألا يحرم الناس من حقوقهم في الصحة والخدمات العامة لمجرد أن طلباتهم لم تتم تسويتها والبت فيها بعد".

يبقى العداء للهجرة والمهاجرين من أبرز سمات خطاب اليمين المتشدد في أوروبا، رغم إسهام جائحة كوفيد 19 بإيضاح أهمية الهجرة للمجتمعات المضيفة

ومع انتشار وباء كورونا، أعادت العديد من الدول النظر في سياساتها تجاه المهاجرين والأقليات، وخاصة العمال في المجال الصحي. وانتشرت العديد من الدعوات من أجل المساهمة في مواجهة الوباء، ففي فرنسا يجول رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون على المستشفيات ليلتقي الكوادر الطبية، ويفتح معهم حوارات ويسأل عن أوضاعهم. 

بينما في ألمانيا، حيث تتصف إجراءاتها بالمشددة تجاه المهاجرين وبخصوص منح الجنسية، وبعد أن كانت الحكومة لا تمنح التراخيص للكوادر الطبية الأجنبية من غير المسجلين أو الحاملين للجنسية، فها هي تعدل عن رأيها وتناديهم من أجل مد يد العون للمستشفيات. وفي بريطانيا هناك الكثيرين ممن لقوا حتفهم نتيجة كوفيد-19 من الكوادر الطبية في المستشفيات وهم من الأقليات أو الأجانب المهاجرين غير الحاملين للجنسية البريطانية حتى. لكن كل ذلك لا يعني أن الأوساط اليمينية المتطرفة المعادية للهجرة والمهاجرين، ستدعم  مثل هذه الإجراءات، إذ هناك أصوات دائمة في الجهة المقابلة من أجل ترحيل المهاجرين سواء شعبيًا أو داخل البرلمان. وحتى على الضفة الأخرى من الأطلسي كانت الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد انتشار الوباء، بدأت  بتقديم تسهيلات لدخول عمال الصحة إلى البلاد، ومنحت تأشيرات للراغبين في الالتحاق بالعمل في المستشفيات الأمريكية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

السوريون العاملون في "الصحة" بلبنان.. حصار مركب!

أطفال المكسيك في حرب المخدرات.. جنود وضحايا