23-ديسمبر-2020

في أحد أسواق بيروت (حسين شبارو/الأناضول/Getty)

بات السؤال الأساسي هذه السنة "هل نلتقي أو لا نلتقي؟" بسبب تفاقم انتشار فيروس كورونا حول العالم. هذه هي المعضلة التي يحاول كثيرون إيجاد الحلول لها وهم يضعون خطط عيد الميلاد وعيد رأس السنة. ربما تكون الرغبة في لقاء الأحبة والأقارب وأفراد العائلة أقوى من  الإجراءات الوقائية، نظرًا لأن العديد من الأشخاص قد أصابهم الكسل والملل وخارت عزيمتهم في مواجهة فيروس كورونا، وباتوا يفضلون متابعة حياتهم دون الالتفات إلى المخاطر المحدقة التي يمكن أن يسببها كوفيد-19.

في العادة ما ينتظر كثيرون فترة عيد الميلاد ورأس السنة لقضاء أوقات العطلات مع عائلاتهم في الاحتفال أو السفر والأنشطة الترفيهية، لكن مع إجراءات الوقاية من فيروس كورونا ووقف الرحلات الجوية بين كثير من العواصم لا يبدو أن مخططات قضاء العطلة ستسير كالسابق

عن هذه المعضلة قالت المغتربة اللبنانية إلسي جبرا، في حديثها لألترا صوت "لم أسافر إلى لبنان منذ شهور عدة، ولم أجتمع بعائلتي، وأنا في وضع متعب جدًا وأشعر بالضياع والخوف، فالعديد من الدول الخليجية قد أصدرت قرارات بمنع السفر وإيقاف رحلات الطيران مما سيحرمني من تمضية العيد مع أهلي في بيروت". وأضافت أنها في المرة الماضية حين زارت بيروت، في بداية ظهور كوفيد-19، اضطررت للبقاء فيها لمدة شهرين بسبب إغلاق المطارات ومنع الرحلات الجوية، واضطررت للتغيب عن عملها في الخليج مما سبب لها قلق من خسارة عملها في ظل هذه الظروف الصعبة.

اقرأ/ي أيضًا: "الكريسماس" في زمن كورونا.. إجراءات إضافية خوفًا من الأسوأ

أما علي ربيع، وهو مغترب لبناني أيضًا يعمل في دولة خليجية. فقال في حديثه لألترا صوت "لم أعانق أطفالي منذ ثلاثة أشهر، وأنا مشتاق لمنزلي وأولادي وزوجتي وأفراد عائلتي، وقد وضعنا خططًا للأعياد في الكريسماس ورأس السنة، للتلاقي مع العائلة ومع الأصحاب، وفوجئت بإغلاق المطارات مجددًا، مما سيحرمني من تمضية الأعياد مع أحبائي".

 وكانت اللجنة المختصة بإجراءات مواجهة كورونا في لبنان  قد أصدرت توصية بإيقاف الرحلات الجوية من لندن إلى بيروت مؤخرًا، مما حرم الكثير من اللبنانيين وكذلك الفلسطينيين اللاجئين في لبنان والمهاجرين إلى لندن منذ سنوات من فرصة زيارة عائلاتهم في موسم العطلات. ملكة غريب، إمرأة فلسطينية تعيش في لندن منذ قرابة 19 سنة كانت على موعد مع زيارة لبنان وفق مخططها، وقد سبقتها ابنتها قبل أسابيع رفقة والدها إلى لبنان، وكان الاتفاق بين هذه العائلة أن تسافر ملكة لاحقًا، لكن هذا المخطط تعطل لاحقًا بعد توصيات قرارات منع السفر من لندن باتجاه لبنان.

تقول ملكة في حديثها لألترا صوت "ابنتي في بيروت وأنا في لندن، لقد علقنا وانقسمنا"، وتضيف "والدتي أصيبت بفيروس كورونا في مخيم عين الحلوة في لبنان، وهي كبيرة في السن، وحالتها الصحية حرجة، وفي كل دقيقة أفكر في الأسوأ وفي عجزي عن الوقوف إلى جانبها في هذه اللحظات العصيبة". وأشارت إلى أن والدتها كانت تمني نفسها برؤية ابنتها وعائلتها للمرة الأولى منذ سنوات، لكن ذلك لن يحصل في عيدي الميلاد ورأس السنة لهذا العام.

ويحل عيد الميلاد ورأس السنة في ظل إجراءات صارمة، فها هي وزارة الصحة اللبنانية تضيف إجراءات جديدة إلى لائحة الممنوعات في ظل تزايد أعداد المصابين، مثل ضرورة أخذ موافقة مسبقة من أجل الاحتفال الجماعي. وقد أثار قرار وزير الداخلية ولجنة كورونا الوزارية سخرية البعض عبر منصات السوشيال ميديا لناحية السماح بالسهر في المطاعم والمقاهي لكن مع منع الدبكة والرقص. وعلق وزير الداخلية العميد محمد فهمي على القرار بالقول "قرار منع الرقص يعود إلى أنه عندما يرقص الشخص يتعب ويلهث ما سيؤدي إلى انتشار العدوى بشكل أكبر".

تعمل العديد من الحكومات الغربية على وضع معايير للتوفيق بين متطلبات الأعياد وإجراءات الوقاية من فيروس كورونا بشكل يسمح بتخفيف المخاطر إلى أدنى الدرجات

أمام كل هذه الإجراءات والقيود المفروضة تأتي فترة الأعياد على اللبنانيين خصوصًا والعرب عمومًا في ظل صعوبة في الالتقاء والسهر والتجمع مع الأحباب والأصحاب في المطاعم والحدائق المنزلية وداخل البيوت، وسط جدال بين من يقللون من شأن مخاطر  كوفيد-19 وبين من يدعون للتقيد بالإجراءات على اعتبار أنها ممارسة أخلاقية ووطنية.

اقرأ/ي أيضًا: "تفادي ضياع جيل الكورونا".. تقرير لليونيسف يرصد أوضاع الأطفال في وقت الجائحة

في المقابل يضيق كوفيد-19 الخناق بشدة على كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة، ولطالما كانت احتفالات الميلاد في لبنان مناسبة للتجمع حول الجدات والأجداد والأباء والأمهات. لكن هذه التجمعات العائلية باتت تشكل خطرًا وتزيد فرصة الإصابة بفيروس كورونا وتهدد سلامة كبار السن، ما أخل بعادات عائلات كثيرة.

في ذات الوقت يعيش أغلب الناس في أوروبا والعالم حالة ضيق من عدم الاختلاط ومرور فترات طويلة من العيش في عزلة، ويتطلعون إلى أن تكون عطلة الميلاد ورأس السنة مناسبة للمتعة والاسترخاء وقضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء وسط مخاوف متزايدة من السفر والتنقل في الأعياد. وتعمل العديد من الحكومات الغربية على وضع معايير للتوفيق بين متطلبات الأعياد وإجراءات الوقاية من فيروس كورونا بشكل يسمح بتخفيف المخاطر إلى أدنى الدرجات، ففي فرنسا مثلًا سمحت السلطات باستقبال الزائرين في العيد شرط أن لا يزيد العدد عن ستة أشخاص وبشكل استثنائي بسبب الأعياد. لكن تبقى فترة الأعياد مثار قلق بخصوص توقع ارتفاع الإصابات وتوسع انتشار فيروس كورونا بعدها، كما حصل بعد عيد الشكر في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

بين التجاهل والاستعراض الإعلامي.. أمثلة على تعاطي قادة دول مع إصابتهم بكورونا

القطاع السياحي العربي أسير جائحة كورونا لعام 2020