كوريا الشمالية تستعرض صاروخًا باليستيًا جديدًا قادرًا على بلوغ البر الأميركي
11 أكتوبر 2025
نظّمت كوريا الشمالية، المسلحة نوويًا، عرضًا عسكريًا ضخمًا حضره الزعيم كيم جونغ أون إلى جانب الرئيس الروسي السابق دميتري مدفيدف، ورئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، ورئيس الحزب الشيوعي الفيتنامي تو لام.
واستغلت بيونغ يانغ المناسبة لاستعراض أحدث صواريخها الباليستية العابرة للقارات والقادرة على حمل رؤوس نووية. ويأتي هذا العرض بعد أقل من أربعين يومًا على استعراض مماثل للقوة العسكرية أجرته الصين، في مشهد يعكس تصاعد التنافس الاستراتيجي في آسيا.
ويحمل العرضان — الكوري الشمالي والصيني — مع الحضور الروسي رفيع المستوى، رسالة واضحة إلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي مفادها أن التحالف العسكري بين هذه القوى الثلاث يترسّخ تدريجيًا، ليشكّل معادلًا نوعيًا للتحالف الغربي بما يمتلكه من ترسانة متطورة قادرة على الردع والمواجهة.
وفي هذا السياق، مثّل إرسال بيونغ يانغ عناصر عسكرية لدعم المجهود الحربي الروسي في أوكرانيا في آذار/مارس 2024 — بحسب تقارير غربية — سابقة من نوعها، تُوّجت بتوقيع البلدين نهاية العام المنصرم معاهدةً للدفاع المشترك.
ورغم الخسائر البشرية الكبيرة التي تكبّدتها تلك القوات، فإنها ساهمت، وفق المصادر ذاتها، في استعادة منطقة كورسك الروسية التي كانت القوات الأوكرانية قد سيطرت عليها لعدة أشهر، قبل أن تُستعاد لتتحول إلى ورقة تفاوض جديدة في مسار الحرب.
صاروخ هواسونغ 20 هو الأكثر تطورًا من نوعه في صواريخ كوريا الشمالية الباليستية العابرة للقارات
صاروخ هواسونغ 20 العابر للقارات
يُعدّ هذا الصاروخ الأكثر تطورًا ضمن ترسانة كوريا الشمالية من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وقد وصفته وكالة الأنباء المركزية الكورية بأنه "أقوى نظام سلاح نووي استراتيجي في البلاد".
ووفقًا لوكالة "رويترز"، تمنح منظومة "هواسونغ-20" بيونغ يانغ القدرة على استهداف أي موقع داخل البرّ الرئيسي للولايات المتحدة. وتشير المعلومات المتاحة حول الطراز الجديد إلى أنه صُمّم لاختراق أنظمة الدفاع الصاروخي الحديثة بفضل قدرته على حمل رؤوس حربية متعددة، على غرار تلك التي استخدمتها إيران في المواجهة الأخيرة مع إسرائيل.
ويعمل الصاروخ بالوقود الصلب، وصُنّع محركه من ألياف الكربون، ما يجعله — بحسب الخبراء — "أسرع في الإطلاق وأصعب في الرصد من الصواريخ السابقة العاملة بالوقود السائل"، كما يُعزّز ذلك قدرته على الوصول إلى أهداف بعيدة جغرافيًا.
وقد جرى عرض صاروخ "هواسونغ-20" خلال الاستعراض العسكري بمناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس حزب العمال الحاكم في كوريا الشمالية، على متن شاحنة إطلاق ضخمة ذات 11 عجلة.
ومع ذلك، ذكرت "رويترز" أن بعض الخبراء يثيرون تساؤلات حول مدى تطور نظام التوجيه في الصواريخ الباليستية الكورية الشمالية ودقته في إصابة الأهداف، إضافة إلى قدرة الرؤوس الحربية على تحمّل العودة إلى الغلاف الجوي.
إلى جانب "هواسونغ-20"، عرضت بيونغ يانغ مجموعة أخرى من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى وصواريخ كروز ومنظومات فرط صوتية، تؤكد أنها قادرة على حمل رؤوس نووية وضرب أهداف بدقة داخل كوريا الجنوبية التي تستضيف عددًا من القواعد الأميركية وأكثر من 20 ألف جندي أميركي.
ويربط محللون بين تسارع تطوير الترسانتين الصاروخيتين لكوريا الشمالية وإيران وبين مشروع "القبة الذهبية" الأميركية الذي أطلقته إدارة ترامب، باعتباره دافعًا رئيسيًا لدول خصمة للولايات المتحدة لتحديث قدراتها الهجومية في مواجهة التفوق الدفاعي الغربي.
جرى عرض صاروخ "هواسونغ-20" خلال الاستعراض العسكري بمناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس حزب العمال الحاكم في كوريا الشمالية
رسائل كيم جونغ أون
حمل خطاب الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، الذي ألقاه خلال العرض العسكري في الذكرى الثمانين لتأسيس حزب العمال الحاكم، مجموعة من الرسائل الواضحة إلى واشنطن وسيول وحلفاء بيونغ يانغ.
وأكد كيم أن التهديدات التي تواجهها بلاده تفرض عليها "الاستمرار في دعم نمو الجيش ليصبح كيانًا لا يُقهر قادرًا على تدمير كل التهديدات".
ومع إصرار كوريا الشمالية على توسيع قدراتها العسكرية، وزيادة إنتاج الصواريخ الباليستية وتعزيز ترسانتها النووية، يُستبعد أن تستأنف محادثاتها النووية مع الولايات المتحدة، وهي مفاوضات توقفت منذ الولاية الأولى للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب رغم عقد ثلاث قمم بين الجانبين.
وتُصرّ واشنطن على نزع السلاح النووي الكوري الشمالي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية وإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية بين البلدين.
أما في ما يخص الرسائل الموجّهة إلى الحلفاء، فقد حرص كيم على توجيه "تشجيع حار" لوحدة العمليات الخارجية في الجيش الكوري الشمالي، واصفًا إياها بأنها "وحدة لا تُقهر"، وذلك بعد الدور الذي أدته في دعم المجهود الحربي الروسي ضد أوكرانيا.
وكان كيم جونغ أون قد عقد، يوم الجمعة، لقاءً مع رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديمتري مدفيدف، أعقبه تصريح للضيف الروسي قال فيه إنّ "تضحيات الجنود الكوريين الشماليين الذين يقاتلون إلى جانب روسيا في حملتها العسكرية في أوكرانيا، أثبتت متانة الثقة بين البلدين".
من جانبه، عبّر كيم، بحسب وكالة الأنباء الرسمية الكورية، عن أمله في تعزيز التعاون بين بيونغ يانغ وموسكو لتحقيق أهدافهما "المشتركة".