16-سبتمبر-2016

رسم توضيحي لتجربة ماكدوجال

"لروح الإنسان وزن محدد يمكن معرفته عند خروجها من الجسد" 
دنكن ماكدوجال- 10 آذار/مارس، بوسطن

الكثير من الأشياء التي تحدث بحياتنا يوجد بينها فواصل لا تكاد تُرى، "شعرة" من الممكن أن تقلب موازين الأمور، شعرة كالتي بين الحب والتعود، بين السرقة والاختلاس، بين الخيط الأبيض والخيط الأسود عند مطلع الفجر، بين ما هو حقيقة وما هو خيال أو خبل، حيث نتحدث اليوم عن تجربة عالم فيزياء اتهم بالخبل على الرغم من أنه يعد رئيس المجتمع البحثي الذي يشرف على إجراء العديد من التجارب المعملية بـ"هافرهيل"، وبرفقته فريق بحثي مكون من أربعة فيزيائيين.

اتهم "دنكن ماكدوجال" بالخبل بسبب تجربته التي قام بها أوائل القرن العشرين والتي تعمد إلى معرفة "وزن روح الأحياء" بشكل مادي

اتُّهم عالم الفيزياء "دنكن ماكدوجال" بالخبل بسبب تجربته التي قام بها أوائل القرن العشرين والتي تعمد إلى معرفة "وزن روح الأحياء" بشكل مادي. قام ماكدوجال بإجراء تجربته وتوثيقها في صحيفة "النيويورك تايمز" عام 1907، وأثارت هذه التجربة جدلًا واسعًا حول مصداقيتها وإمكانية تطبيقها لأنها لا تُجرى إلا على المحتضرين. 

اقرأ/ي أيضًا: يارو ماموت يتحرر من العبودية

عمدت تجربة ماكدوجال إلى معرفة ما إذا كان هناك وسيلة فيزيائية لقياس وزن الروح عند الخروج من الجسد، وإذا كان هناك وسيلة فمهمتها تتلخص في تحديد وزن جسد المحتضر قبل وبعد الوفاة. لذلك استخدم ماكدوجال أسرة متصلة بميزان ذى كفتين حساستين، -صنعت خصيصًا من أجل هذه التجربة- يوضع المحتضر على الكفة التي بها الفراش وتوضع كتلة معادلة لوزن المريض في الكفة الأخرى لتحقيق التوازن. تم صُنع هذه الموازين بدقة بالغة لتصبح حساسة بشكل كافٍ لاستشعار أقل خسارة في الوزن ولو كانت أجزاء عشرية، وعند سقوط الكفة التي تحوي الكتلة المعادلة، تشير الأرقام إلى أى تضاؤل في وزن المتوفي، وقد وثَّق ماكدوجال نتائج تجاربه كالتالي: 

"قام أربعة فيزيائيين بمباشرة أول تجربة أُجريت على مريض مصاب بمرض السل؛ وهو مواطن أمريكي من النوع العادي الذي يتسم بالحساسية البالغة لاسيما التوتر. تم نقل المريض قبل الوفاة بساعات قليلة إلى السرير الذي يقبع في إحدى كفتي الميزان، والذي قمت بإعداده حتى يصبح في حالة توازن كاملة. وبعد أربع ساعات من نقله توفي المريض في حضور خمسة أطباء، حينها توقفت الحياة لبرهة، وكانت لحظة مذهلة حين سقطت الكفة ذات الكتلة المعادلة المقابلة لكفة المريض، وكأن شيئًا غادر جسد المتوفى. بعد وفاة المريض تم طرح جميع الاستنتاجات الفيزيائية لخسارة الوزن، واكتُشف أن هناك أونصة -وحدة قياس للأوزان تعادل 28.35 غرام- كاملة فقدت من وزنه.

أُجريت التجربة مرة أخرى على مريض تتشبه حالته إلى حد كبير المريض السابق وهو مصاب بنفس المرض (السل)، وحصلت على نفس النتائج عند وفاة هذا المريض أيضًا؛ فعندما توقف قلبه عن الخفق حدث نفس التضاؤل في الوزن.

بعد هاتين التجربتين وضع كل فيزيائي تصوره عن سبب خسارة الوزن، وأثناء المناقشة تم مقارنة هذه الاستنتاجات. أًجريت التجربة الثالثة على رجل خامل ذي بنية جسدية أقوى من الحالتين السابقتين، واستمر ظهور الخسارة غير المحسوبة في الوزن ولكن على استحياء هذه المرة، فلم تكن ملاحظة كالحالتين السابقتين.

لم تكن تجارب ماكدوجال ذات قيمة ولم يعبأ بها الكثيرون، ولكنها ترسخت في الوعي والثقافة الغربية

اقرأ/ي أيضًا: كارمن لافوريت: سأبقى وحيدة!

بعد وفاة هذه الحالة والجسد مازال مسجى على الفراش ذي الميزان الحساس، مرت دقيقة كاملة لم يحدث خلالها أي علامة تدل على التغيير في الوزن. في هذه اللحظة الفارقة نظر كل منا إلى الآخر وهو على قناعة تامة بأن التجربة قد فشلت. حدث بعد ذلك تغير لا يكاد يذكر في الوزن، وحينها آمنت أن روح الرجل الذي يتسم بالهدوء وبطء الفعل والتفكير تظل معلقة داخل جسده بعد موته، وخلال الدقيقة التي تلي موته، والتي يفقد فيها شعوره وحريته. بعد هذه التجارب الثلاث كان هناك بعض المحاولات الأخرى لوزن الروح، أجريت إحدى هذه التجارب على امرأة فقدت حوالي من نصف إلى أونصة كاملة في الوزن".

ما لم يطلعنا عليه دانكن ماكدوجال 

هذا ما ذكره ماكدوجال في صحيفة "النيويورك تايمز" عام 1907، ولكن ما لم يخبرنا إياه أنه أجرى هذا التجارب على ست حالات، أربعة مرضى بالدرن واثنين مرضى بالسل. لم يقم ماكدوجال بإجراء تجربته على الإنسان فقط، بل أجراها على الكلاب أيضًا، ولم يلحظ في أي من الكلاب التي أجرى التجارب عليها أي تغير في الوزن قبل أو بعد الوفاة، لذلك قرر ماكدوجال أن الكلاب كائنات لا روح لها. اعتقد البعض أن نقص الوزن في تجارب ماكدوجال يرجع إلى مستوى البخر عبر الجلد وإلى توقف الشهيق والزفير. قرر ماكدوجال بعد فشل تجربته أن يجري تجارب يقوم فيها بتصوير الروح! ولا يعلم أحد ما إذا قام بهذه التجارب أم لا. توفي ماكدوجال عام 1920 وهو لم يضف للعلم شيئًا على الإطلاق، فلم تكن تجاربه ذات قيمة ولم يعبأ بها الكثيرون، ولكنها ترسخت في الوعي والثقافة الغربية وأُنتج فيلم يحمل اسم "21 Grams" وهي الغرامات التي ظن "دانكن ماكدوجال" أنها تمثل وزن الروح. 

المقالة ترجمة لمقال في New York Times

مصدر الجزء الخاص بما لم يطلعنا عليه ماكدوجال

اقرأ/ي أيضًا:

من يكتب عن كتّابنا المزيفين؟

هل استطاع مارتن لوثر كينج تحقيق حلم حياته؟