22-مارس-2022
لوحة لـ ماتفي فديسبرغ/ اوكرانيا

لوحة لـ ماتفي فديسبرغ/ اوكرانيا

وصيّة

 

لا تتركِ النافذةَ مفتوحةً

الذكرياتُ التائهةُ التي دفنتها

في الحديقة

ستتسلّلُ إلى حلمك

وستمتزجُ بدموعكَ المُقبلة.

 

أوراق الخريف

 

صديقي الخريف

لا داعي لأن نتشاجر

لنا متسعٌ منَ المساحات

كي نُسقطَ كلّ الأوراقَ الذابلة

على الأرصفة والسّطوح

والدروب الصغيرة.

 

حارسُ المدينة

 

سأتكلّفُ بتجميع كلّ الأمنيات الميتة

في القصائد وسأتركَ لكَ كاملَ الحريّة

لتنثرَها على شعراءِ المقبرة القريبة

لنكُن متحضّرين في خطواتنا

لدينا ما يكفي من الحُزن

لنؤسّس عواصفَ جديدةً

وما يكفي من اليأس

لقتل العنكبوت الذي يطاردنا.

لا داعي لأن نرتدي هزيمةً

وننتحبَ تحتَ الجِسر

كلّما طعنَنا حارسُ المدينةِ

بنظرةٍ حاقدة.

 

برعُم القصائد

 

مثلَ حارسِ المنارة الوحيد

تطعمُ النجومَ بشهيقكَ

وتغنّي للقمر بصوتٍ بهيج

تراقصُ الأضواءَ المبهمة بحركاتٍ مدروسَةٍ بعناية.

كقائدِ أوركسترا بشعرٍ منكوش

وجسدٍ نحيلٍ وطويلْ

أنتَ المطرُ القادمُ من سماءٍ مدسوسة

في لوحة زيتية

تنثرُ الكلمات لتتفتّحَ القصائد عاريةً

ومشبعةً بالأرق.

 

المدينة ليلًا

 

تتنفسُ في شوارعها أصواتٌ

سقطتْ منذُ الهزيعِ الأخير لأناسٍ ضائعينَ

سلّموا دموعهم ليرقة وحيدة

وانصرفوا.

تلك المدينة

ترزحُ تحتَ أنقاضِها وصايا الأوّلين

وتتنزه كسائحةٍ تبحثُ عن اللّذة

في كلّ مكانٍ

تصاحبُ الأسوار والأرصفة.

 

أعيش برأس فائض بالفراغ

برفشٍ صدئ أحفرُ في مقبرة

تجرحها الليالي الباردة ّ

تتجمّعُ ديدانٌ ضخمةٌ حولَ جثّة الوحدة

لتلتهم أطرافها

تتراقصُ أمامي أطيافُ الخريف

لا يهمّني ما سيحدُث لاحقًا في الحياة

ولم أعد أكترث لنفاق القطيع

متسلقًا خيطَ دخانٍ ومدثرًا بالمسافة العذريّة

سأوقظ الوحوش الرابضة في عتبة غرفتي

وسأطبخُ لها طبقَ حزني

ربما ستومض في بخارها رغبات القصيدة.

 

جنون

 

أتسكع من دون رأس

حتى لا تقصفني عيون الآخرين

وبخطوات سريعة أتخطى أغصانًا محروقة

وجثة حيوان مشوهة

أصل إليّ

لأجدني كما تركتُني البارحة معلقًا

على سطح منزل مهجور

بجانبي صناديق عامرة بقصائد مذبوحة

وقنينة عطر مكسرة وذئبتي الأليفة التي تحرسني مني

 في الطريق، تتساقط من ظهري كلمات يابسة وصور عتيقة

تجتاحني رغبات مرعبة ونظرات قاتمة وشفاهك الملتهبة

 

جوع

 

في الصباح أستيقظ كذئب جائع

أرتدي قلقي ومعطفًا قاتمًا

أصاحب الريح وأترك خطواتي خلفي

حقيبتي الرمادية مليئة بمسودّات قصائد تؤلمني

أتأمل الرصيف الذي يلفظ تأوهات تركها شاعر سيئ السمعة

وأمضي نحو جنوني.

أراقب الأطفال وهم يرتعشون من البرد والجوع

مقبلين على دروس حول منافع التغذية السليمة.

على جسر خشبي أجلس وأدخن بصمت

أمزق المسودات وأرميها في الهواء ضاحكًا

أتكلم مع كائنات وهمية

حتى أستعد جيدًا لأواجه يومي المسور بالقضبان.

 

مراوغة

 

مثل قط متشرد يمقت البيوت الضيقة والنظافة اليومية

أداعب قنينة توجعها الخطوات

 لا أبالي بحالة الطقس وأخبار الحروب

أؤسس مملكتي الفسيحة بمخالب لا تتعب

وأظل ممتنًا لما تجود به أهواء الحياة

في الليل أستحم مع النجوم في مزهرية النار

أسرف في البحث عن لغة جديدة..

أضطر أحيانًا لقتل بعض الحروف الخبيثة

وردم النايات المبحوحة في الحديقة

ألحس بلساني ما تبقى من جثث البارحة

هكذا فقط..

أراوغ الأشباح التي تطاردني

وأرقص وحيدًا ومنتشيًا في قمامة عامرة بالهدايا.