27-يونيو-2019
Rear View Of Man Relaxing Against Wall

لعقدة النقص آثار سلبية خطيرة نفسيًا واجتماعيًا (Pixabay)

الإحساس بالدونية أو عقدة النقص، هي حالة أكثر خطورة وأشد تأثيرًا من مجرد امتلاك بعض المشاعر العرضية التي تنتاب المرء حول قصوره في جانب ما، والشعور بالنقص الذي يشعر به الجميع في بعض مراحل الحياة.

الأشخاص الذين يعانون من عقدة النقص عادة لا يشعرون بالراحة الكافية ويعبرون عن حساسية شديدة تجاه التواجد في المواقف الاجتماعية

إنها حالة مرضية من الشعور بعدم كفاية حقيقية أو متخيلة، مما يتسبب في أن يكون الفرد أقل ثقة بنفسه، وميالًا لانتقاد نفسه بشكل مفرط، بما يؤثر على علاقاته الاجتماعية وحالته النفسية ونجاحه في الحياة. هنا، نوضح ما قد لا يعرفه كثيرون عن اضطراب عقدة النقص، نقلًا بتصرف عن موقع "Thrivetalk".

عقدة النقص.. عودة للتعريف

الشعور بالنقص يعني الشعور بأنك دون الآخرين من حيث الصفات الاجتماعية أو الجسدية أو الفكرية أو النفسية. على سبيل المثال، قد يشعر الطالب بالنقص عن الآخرين الذين يعتبرهم مميزين في فصله بسبب ضعف أدائه.

عقدة النقص
الأشخاص الذين يعانون من عقدة النقص عادة لا يشعرون بالراحة الكافية

والشعور بالنقص ينبع من مقارنة النفس بالآخرين ممن يتخيل أنهم أفضل على مقياس ما، من القوة أو الجمال أو الذكاء أو النجاح أو ما سوى ذلك.

في حين أن الجميع، في مرحلة ما من الحياة، لا بد وأنهم شعروا بالدونية حيال شخص آخر فيما يتعلق بمعرفة موضوع ما، مثل القدرة مثلًا على تذوق الفنون أو اللعب بالكرة أو استخدام لغة أجنبية، وما إلى ذلك، فإن عقدة النقص هي شعور أوسع بكثير وطويل الأمد من عدم الكفاءة الذي ينبع من الطفولة ويصيب تقريبًا جميع جوانب حياة الفرد.

الأشخاص الذين يعانون من عقدة النقص عادة لا يشعرون بالراحة الكافية ويعبرون عن حساسية شديدة تجاه التواجد في المواقف الاجتماعية والتفاعل مع الناس وفهم أنفسهم بطريقة سليمة.

يقسم علماء النفس عادة عقدة النقص إلى نوعين:

1. أولية: تحدث عقدة النقص الأولية في الطفولة مع استمرار المشاعر في مرحلة البلوغ. غالبًا ما يكون سبب الدونية الأساسية هو ضغوط الطفولة مثل إهمال الوالدين وإساءة معاملة الوالدين وعدم كفاية الدعم العاطفي وضعف الأداء الأكاديمي. غالبًا ما تتفاقم هذه الدونية عند مقارنة النفس بالأشقاء والأصدقاء والكبار.

2. ثانوية: تبدأ عقد النقص الثانوية في مرحلة البلوغ، وتنتج عن عجز الشخص البالغ عن تحقيق الأهداف الموضوعة للتعويض عن مشاعر النقص التي بدأت معه في طفولته الأصلية.

ووفقًا لعلماء النفس فإن الجميع يشعرون بالنقص بطريقة معينة من حين إلى آخر، وهذا طبيعي تمامًا. وهذا الشعور هو المنشط لعملية التنمية الصحية الطبيعية للإنسان.

وما يميزه عن عقدة النقص أن الحالة الأخيرة هي حالة مرضية حيث يهيمن شعور الدونية على الفرد ويؤدي إلى شعوره بالاكتئاب ويكون بسببه غير قادر على تحقيق التقدم وتجاوز العقبات حتى لو كانت سهلة وبسيطة.

كيف تنشأ عقدة النقص؟

تنشأ عقدة النقص أو الدونية من شعور حقيقي أو متخيل بعدم كفاية ذاتية ودونية عن الآخرين. بعض هذه العوامل التي تسبب عقدة النقص ما يلي:

  • التنشئة الأسرية: الأطفال الذين يتم تربيتهم من قبل والدين يعارضون وينتقدون دائمًا أفعال أطفالهم وأدائهم، معرضون لخطر كبير بتطوير عقدة النقص وضعف الثقة بالنفس والدونية عن الآخرين.
  • التمييز الاجتماعي: قد يؤدي التمييز ضد الفرد بناءً على العرق والجنس والحالة الاجتماعية والاقتصادية والمستوى التعليمي والدين والتوجه الجنسي إلى تعريضه لمخاطر الإصابة بحالة عقدة النقص.
  • العيوب الجسدية:  بعض العيوب في المظهر، مثل مشاكل الوزن، والعيوب البصرية، والأمراض الجلدية، وجروح الحروق، قد تثير مشاعر الشك بالذات وتدني احترام الذات لدى بعض الأفراد. قد تؤدي السمات الفيزيائية الأخرى مثل عيوب النطق بما في ذلك التأتأة أيضًا إلى الشعور بمشاعر النقص.
عقدة النقص
الذي يعاني عقدة النقص يشعر دائمًا أن الآخرين ينظرون له بدونية

أعراض الإصابة بعقدة النقص

من المهم التعرف على أعراض وعلامات عقدة النقص كي يتمكن الناس من فهم أنفسهم بشكل أفضل، وطلب المساعدة من المختصين للتعامل مع هذه الحالة بالشكل الأفضل. وبعض أعراض عقدة النقص الأبرز هي:

  • الانسحاب الاجتماعي:

عادةً ما يشعر الأشخاص الذين يعانون من عقدة النقص بعدم الارتياح حول الآخرين، خاصة في الأماكن المزدحمة. هذا بسبب اعتقاد متخيل بأن الآخرين سوف يكتشفون أنهم لا يتناسبون مع المجموعة، مما يجعلهم يشعرون بالحرج.

غالبًا ما يواجه الأشخاص الذين يعانون من عقدة النقص مشكلة في تكوين صداقات جديدة أو الحفاظ على الأصدقاء لديهم، لأنهم يشعرون أنهم ليسوا جيدين بما يكفي وأن الأصدقاء قد لا يحبونهم ولا يفضلون تواجدهم معهم.

  • تتبع الأخطاء والعثرات لدى الآخرين:

من العلامات الرئيسية على عقدة النقص هي الرغبة في جعل الآخرين يشعرون بالنقص وعدم الكفاءة أيضًا. لا يتحرك الفرد الذي يعاني من عقدة النقص لانتقاد الآخرين بسبب الرغبة في المساعدة وتحقيق النجاح في شيء ما، وبالتالي، فإنه لا يقوم بتدريب نفسه على إدراك الصفات الإيجابية في الآخرين وتكميلها.

وللشعور بالراحة تجاه أنفسهم، يميل هؤلاء الأفراد إلى جعل الآخرين يشعرون بالسوء تجاه أنفسهم أيضًا من خلال تتبع الأخطاء والإشارة إلى جوانب النقص الموجودة في لآخرين. كما أنهم لا يتحملون مسؤولية إخفاقاتهم وأخطائهم، ويلقون باللوم على الآخرين.

  • قلق الأداء:

يشعر الشخص المصاب بعقدة النقص بالفعل بأنه لا يمكنه تحقيق ما يفعله الآخرون في مهمة معينة، وبالتالي، إذا وضعوا في موقف يتعين عليهم فيه إكمال المهمة، فقد يشعرون بالقلق الشديد.

قد تجد نفسك تشعر بالقلق الشديد عند مطالبتك بغناء أغنية أو تشغيل جهاز، على سبيل المثال. يحدث هذا بسبب الخوف من الفشل أو الخوف من الضحك أو الانتقاد، نتيجة لشعورك بعدم كفاية واعتقادك بأنه لا يمكنك القيام بالمهمة.

  • السعي لكسب الانتباه:

للفرد الذي يعاني من عقدة النقص حاجة قوية إلى أن يشعر بكونه محبوبًا والتحقق من ذلك. عقدة النقس تسلب من الفرد الشعور السليم بالذات والشعور بالقيمة، لذلك يسعى في مقابلة ذلك إلى التحقق بشكل هوسي من نظرة الآخرين إليه.

عقدة النقص
عقدة النقص تجعل الشخص منعزلًا

هؤلاء الناس عادة ما يحتاجون بشكل مزمن إلى الإطراء ويحتاجون ذلك للشعور بالسعادة، وقد يتظاهر بأنه مريض أو غير سعيد للحصول على الاهتمام أو التشجيع من الآخرين.

  • الحساسية المفرطة:

الأشخاص الذين يعانون من عقدة النقص لديهم حساسية شديدة تجاه ما يفعله الآخرون أمامهم أو يفكرون به تجاههم أو يقولونه عنهم، فهم لا يأخذون المجاملات على محمل الجد ولا يقبلون الانتقادات ويحملونها أكثر مما تحتمل، وقد يصبحون عدوانيين بشكل مفرط عندما يتعرضون لأي انتقاد ولو كان بسيطًا.

عقدة النقس تسلب من الفرد الشعور السليم بالذات والشعور بالقيمة، لذلك يسعى إلى التحقق بشكل هوسي من نظرة الآخرين إليه

يحدث هذا لأن مثل هذه التعليقات النقدية عنهم تعزز أفكارهم الدونية عن أنفسهم وعجزهم عن فهمها باعتبارها ناجمة عن علاقات سليمة مع الآخرين.