22-يونيو-2018

تعد هذه الانتخابات الأولى في تركيا بعد التعديلات الدستورية (Getty)

ستعقد يوم الأحد القادم، الرابع والعشرين من حزيران/يونيو الجاري، الانتخابات البرلمانية والرئاسية التركية، التي تحظى باهتمام مضاعف، وقد ترتبط بمستقبل تركيا على المدى القريب، إذ إنها الانتخابات الأولى بعد التعديلات الدستورية التي سعى الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إلى إقرارها ونجح في ذلك بالفعل. في هذا التقرير المترجم عن صحيفة "الغارديان" البريطانية، ما يحتاج القارئ إلى معرفته عن هذه الانتخابات.


ما الذي يحدث في تركيا؟

ستشهد البلاد انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 حزيران/يونيو. وإذا لم يفز أي مرشح بأغلبية مطلقة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، فستُعقد جولة انتخابية ثانية في 8 تموز/يوليو بين أكثر مرشحين حصلا على أصوات في الجولة الأولى.

كان يُفترض أن تُجرى الانتخابات في تشرين الثاني/نوفمبر 2019. لكنَّ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان دعا في نيسان/إبريل الماضي إلى إجراء انتخابات مبكرة

ولماذا تُعقد هذه الانتخابات الآن؟

كان يُفترض أن تُجرى الانتخابات في تشرين الثاني/نوفمبر 2019. لكنَّ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان دعا في نيسان/إبريل الماضي إلى إجراء انتخابات مبكرة. وقال إنَّ تركيا بحاجة إلى "التغلب على حالة عدم اليقين" في هذه الفترة المضطربة التي تشهدها المنطقة، وسط عمليات تركيا العسكرية في سوريا والعراق.

اقرأ/ي أيضًا: اللاجئون السوريون يقودون أردوغان إلى النصر

لكنَّ النقاد يقولون إنَّ السبب في تبكير موعد الانتخابات هو الأزمة التي تشهدها العملة التركية والاقتصاد التركي، وأنَّ الرئيس يرغب في استغلال هذا الاتجاه العام نحو الهبوط لصالحه قبل أن يفعل ذلك معارضوه. وربما يأمل في الاستفادة من ارتفاع العواطف القومية بعد النصر العسكري الذي حققه الجيش في سوريا، حيث انتصرت قوات المعارضة المدعومة من تركيا على الميليشيات الكردية بالقرب من الحدود التركية، في مدينة عفرين.

ولماذا تُعدّ هذه الانتخابات مهمة؟

يمكن القول إنَّ هذه هي أهمّ انتخابات في تاريخ تركيا الحديث. وسوف يشغل الرئيس الجديد منصبًا يحظى بسلطات تنفيذية كبيرة، وافق الناخبون عليها بصعوبة في الاستفتاء الدستوري الذي أجري السنة الماضية. تشمل هذه السلطات، صلاحية إصدار مراسيمٍ لها قوة القانون، وتعيين الوزراء ونواب الرئيس وقضاة المحاكم العليا. ما يعني أن إردوغان سوف يستمر في تشكيل تركيا ومجتمعها لسنوات قادمة، إذا فاز في هذه الانتخابات.

من سيخوض الانتخابات الرئاسية؟

إردوغان بالطبع، فهو لا يزال الزعيم السياسي الأكثر شعبية في تركيا. لكنَّه يواجه عددًا من الخصوم الخطيرين قدموا أداءً جيدًا حتى الآن في حملاتهم الانتخابية بشكل غير متوقع. ونتيجةً لذلك، ستتمخض الجولة الأولى من الانتخابات على الأرجح عن جولة ثانية.

هناك محرم إينجه، أستاذ الفيزياء صاحب الشخصية الكاريزمية، المرشح عن أهم حزب معارض: حزب الشعب الجمهوري CHP، بالإضافة إلى ميرال أكشينار، الملقبة بـ "المرأة الذئب". وهي زعيمة حزب الخير القومي الجديد وتحظى بشعبية بين الشباب الأتراك، بالإضافة إلى الطبقة العاملة التركية.

كما أنَّ تمل كاراملا أوغلو، زعيم حزب السعادة الإسلامي، مرشح للانتخابات، وهو السياسي الذي برز كمنتقد رئيس لإردوغان، على الرغم من أنَّ الحزبين يشتركان في الجذور الأيديولوجية ذاتها. بالإضافة إلى صلاح الدين دميرطاش، السياسي صاحب الشخصية الكاريزمية الذي لُقب في الماضي بـ "أوباما الكردي"، والذي يقود الحزب اليساري الكردي حزب الشعوب الديمقراطي HDP الذي يركّز على القضايا الكردية، وهو مرشح للرئاسة من زنزانته في مدينة أدرنة، حيث ينتظر أن يُحاكم بتهم الإرهاب التي وجهت له.

ما الذي يحدث في البرلمان؟

يوجد تحالفان رئيسيان يديران البرلمان التركي. يشمل التحالف الأول حزب العدالة والتنمية AKP الحاكم الذي يرأسه إردوغان، والقوميين.

يمكن القول إنَّ هذه هي أهمّ انتخابات في تاريخ تركيا الحديث

أما التحالف المقابل، فيشمل العلمانيين من حزب الشعب الجمهوري، والقوميّين المنشقين الممثلين في حزب الخير، والإسلاميين من حزب السعادة. وهم يشكّلون تحالفًا غريبًا في نظام سياسيّ كانت العادة فيه أن يكون العلمانيون والإسلاميين في حالة عداء شديد، لكنَّ أهمية هذه الانتخابات كبيرة إلى حد أنَّ هؤلاء الأعداء السابقين قد اجتمعوا للإطاحة بالرئيس وحاشيته. في حين يخوض حزب الشعوب الديمقراطي الانتخابات بمفرده.

ينصّ الدستور التركي على أنَّه يتوجب على الأحزاب أن تحصل على ما لا يقل عن 10% من الأصوات لدخول البرلمان، وهو قانون يخدم الأحزاب الكبيرة. وسمح مشروع قانونٍ نشر مؤخرًا بتشكيل تحالفات انتخابية مثل المذكورة أعلاه، ما سيسمح للأحزاب الأصغر مثل حزب السعادة بالحصول على بعض المقاعد في البرلمان، إذا تجاوز مجمل ما حصل عليه التحالف من أصوات عتبة الـ 10%.

اقرأ/ي أيضًا: كيف خسر أردوغان الليبراليين؟

وإذا ما أدى التحالف المعارض في الانتخابات كما هو متوقع، وحصل حزب الشعوب الديمقراطي على ما يزيد من 10% من أصوات الناخبين، فقد يفقد حزب العدالة والتنمية أغلبيته في البرلمان.

إذن، من الذي سوف يفوز؟

كان إردوغان يأمل في مفاجأة منافسيه عندما دعى إلى الانتخابات، غير أنَّ الأعداد التي حضرت مسيرات الحزب الحاكم كانت قليلة، ولا يبدو أنَّ إردوغان يؤدي جيدًا. كما تسبب الاقتصاد بالمشكلات، فقد انخفضت قيمة الليرة التركية مقابل الدولار، بالإضافة إلى تزايد القلق حول سلامة الاقتصاد على المدى الطويل، والمخاوف الدائرة حول استقلال البنك المركزي.

لكن إردوغان لا يزال أكثر السياسيين الأتراك شعبية، ويرجح أن يفوز في الانتخابات الرئاسية. كما أنَّ استطلاعات الرأي السابقة للانتخابات لا يعول عليها في تركيا، لكن يبدو الآن أنَّه سيفوز بسهولة بالجولة الأولى، غير أنَّه لن يحظى بأغلبية مطلقة. وتبقى الجولة الثانية ضدّ إنجه أو أكشينار في صالح الرئيس، لكن يبدو بشكل متزايد أنَّه لا يمكن التنبؤ بالنتيجة. وسوف يعتمد الأمر على قدرة المعارضة على جذب الناخبين المتدينين والقوميين، بالإضافة إلى الناخبين الكرد الغاضبين من تحالف إردوغان مع القوميين.

أيضًا هناك احتمالية كبيرة لفوز إردوغان بالرئاسة وفي الوقت نفسه خسارته البرلمان لصالح المعارضة، التي وعدت بالتراجع عن التعديلات الدستورية التي أُقرَّت السنة الماضية. غير أنَّه وباستخدام هذه التعديلات نفسها، يمكن للرئيس حلّ البرلمان، ويُمكن للبرلمان في المقابل أن يدعو إلى إجراء انتخابات رئاسية ردًا على ذلك. ووفقًا لأقوال بعض المسؤولين في الحزب الحاكم، هذا هو بالضبط ما قد يفعله إردوغان، ما سيمنح حزبه فرصة إجراء الانتخابات مرة أخرى، لكنَّه سيغرق تركيا في حالة من عدم اليقين.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

7 استفتاءات دستورية في تاريخ تركيا الحديث.. ماذا تعرف عنها؟

4 نقاط تشلّ حركة إدارة أردوغان