23-مايو-2023
مسلسل على الدنيا السلام

من مسلسل على الدنيا السلام

تأثير الحركة الثقافية الكويتية في المشهد الثقافي الخليجي خصوصًا، والعربي عمومًا، هو تأثير لا يمكن الحديث من دونه عن هوية وطابع الحركة الثقافية الخليجية والعربية، ومبكرًا استشعرت دولة الكويت أهمية الثقافة والفنون في الإسهام الاجتماعي والسياسي بما يتجاوز حدودها الجغرافية، وهي البلد الصغير في مساحته، الكبير والممتد في تأثيره الثقافي، خاصة على مستوى الأدب والصحافة الثقافية والكتاب والمسرح.

ولا عجب أن يكون التأريخ لأول نشاط مسرحي في الكويت منذ العام 1921، لتستمر بعدها التجارب بتوليد حركة مسرحية أخذت بالتمدد بسرعة وشكلت ذروة الفعل في المشهد الثقافي الكويتي، ليتوج هذا النشاط بتأسيس المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت عام 1973، بعد أن تشكلت بيئة أدبية وثقافية ناضجة وصارت حافزًا دفع بأفراد كثر من المجتمع الكويتي للانتساب لهذا المعهد.

فضلًا عن إثراء المكتبة العربية بسلسلة "من المسرح العالمي" الكويتية التي انطلقت في ستينيات القرن العشرين بإشراف مباشر من وزارة الإرشاد والإعلام، لتعج الكويت بعشرات الفرق المسرحية الرسمية والخاصة، ومن بينها فرقة مسرح الخليج العربي وفرقة مسرح الكويت – فرقة مسرح الشباب – وفرق مسرح الفنون – والكوميدي الخاصة.

كل هذا الإرث الادبي والثقافي والمسرحي، ساهم في ظهور دراما تلفزيونية ناضجة ومتماسكة لناحية النص والتمثيل والسياق الفكري الحامل للعمل الدرامي التلفزيوني. وقدمت هذه الدراما التلفزيونية نفسها للمشاهد الخليجي والعربي بثقة وقوة، وبتماسك أكاديمي دون استلاب للتجربة الفنية الأوروبية، بل بإخلاص للبيئة وخصوصيتها الاجتماعية، فعاشت تلك المسلسلات طويلًا في الذاكرة الخليجية والعربية ولا تزال. وإليكم مجموعة من تلك الأعمال التلفزيونية التي تعد علامات فارقة في كلاسيكيات الدراما الكويتية.  


1- خالتي قماشة

قدم مسلسل "خالتي قماشة" الفنانة المخضرمة حياة الفهد، القادمة من مسارح الكويت، كنجمة كوميدية تلفزيونية، وهي التي تمرست في المسرح الكويتي وتجاربه الكوميدية. فالمسلسل من بطولة الفهد التي قدمت شخصية أم عجوز تكبرها بسنوات وظهرت الشخصية في سياق كوميدي اجتماعي، تلاحق فيه هذه الأم أبناءها وزوجاتهم في محاولة منها لاستمرارية السيطرة عليهم، وبين محاولاتها للسيطرة ومحاولة زوجات أبنائها الإفلات من قبضتها ونزعتها التحكمية، تنشأ مجموعة من الصراعات والمواقف الكوميدية.

قدم هذا المسلسل الفنانة حياة الفهد كواحدة من أهم ممثلات الكويت إن كان في المسرح أو التلفزيون.  



2- مذكرات بو عليوي

يؤرخ الكويتيون لبداية الدراما التلفزيونية الكويتية ابتداء من مسلسل "مذكرات بو عليوي". إذ بدأ الفنان عبد الحسين عبد الرضا بهذه الدراما كدراما إذاعية، وبسبب النجاح الكبير لها تم إعادة انتاج السلسلة كمسلسل تلفزيوني من بطولته، حيث لعب شخصية بو عليوي إلى جانب الفنان عبد العزيز النمش، الذي لعب شخصية أم عليوي كأول ممثل كويتي يتصدى لأداء شخصية نسائية.

مذكرات بوعليوي كوميديا اجتماعية ناقدة تعلق على الواقع الاجتماعي في الكويت من خلال المفارقات التي يتعرض لها أبو عليوي عندما يقرر أن يكتب مذكراته بمساعدة زوجته، ويحاول أن يكتشف عبر الكتابة أي أخطأ وأين أصاب في حياته، مستعيدًا تلك المواقف لمحاكمتها.

يعد هذا المسلسل قيمة معتبرة في فن الممثل على مستوى الكويت، من خلال البراعة والحضور المسرحي القوي لكل من عبد الرضا والنمش في هذه الثنائية، والتي أسست لما سمي بعد ذلك بفن الثنائيات، التي جمعت الاثنين في أكثر من عمل وجمعت عبد الحسين عبد الرضا بممثلات وممثلين كويتيين آخرين.  



3- على الدنيا السلام 

مع التأسيس لفن الثنائيات من خلال الشراكات الفنية بين الممثلين، خاصة في الأعمال الكوميدية، ظهرت ثنائيات نسائية اشتهرت فيها كل من سعاد عبد الله وحياة الفهد، إذ جمعت بينهما العديد من التجارب الدرامية التي تقوم على مبدأ الثنائيات الدرامية منها: "خرج ولم يعد" و"رقية وسبيكة".

أما مسلسل "على الدنيا السلام"، فربما كان الأكثر حضورًا واستمرارية في الذاكرة التلفزيونية الخليجية عمومًا، والكويتية بشكل خاص، وهو أيضًا أحد أهم كلاسيكيات الدراما الكويتية. 

تدور أحداث المسلسل حول الشقيقتين محظوظة (حياة الفهد) ومبروكة (سعاد عبد الله) اللتين تتيتمان وتعيشان مع عمهما، فتذوق الفتاتان شتى أنواع المعاملة السيئة والحرمان من زوجة عمهما، وبضغط منها يدبر لهما العم مكيدة تودي بهما إلى مستشفى الأمراض العقلية، وهناك تحدث المفارقات الكوميدية وتتصاعد في فضاء المستشفى عبر محاولة الأختين الهرب. تنجحان في الهرب وتحاولان استعادة حقهما، لكنهما تواجهان قسوة وظلم الحياة وانعدام الرحمة فتقرران العودة بنفسيهما إلى المستشفى.