26-يناير-2021

كلب أمام أهرامات الجيزة (Getty)

حملات ممنهجة وشرسة تشهدها مصر تستهدف إبادة كلاب الشوارع عن طريق الطعام المخلوط بالسموم، أو قتلها بالرصاص والخرطوش، حتى وصلت القضية إلى أروقة المحاكم  من أجل اتخاذ قرار نهائي فيها لناحية التشريع أو المنع. لكن إجراءات المحاكم في هذا الملف تخضع لتأجيل مستمر، إذ تم تأجيل جلسة النطق بالحكم التي كانت مقررة  السبت 23 كانون الثاني/يناير حتى 13 شباط/فبراير 2021.

لا تعير الإستراتيجية الحكومية في مصر أي اهتمام للتوازن البيئي ولا تهتم بما تنص عليه المعاهدات الدولية التي انضمت إليها مصر بخصوص حظر تسميم الكلاب والقطط

وكانت هذه القضية مثار مد وجزر بين الحكومة ومنظمات الرفق بالحيوان منذ سنوات، واستمرت حتى اليوم بانتظار البت فيها من قبل القضاء المصري. وقد أعرب عدد من ممثلي جمعيات الرفق بالحيوان عن رفضهم الدعوات إلى قتل الكلاب في الشوارع بحجة أنها تنقل الأمراض، مؤكدين أن الترويج لوجود انفلونزا الكلاب، والزعم بأنها تنقل الأمراض إلى الإنسان، يهدف إلى إنهاء أو تخفيف معارضة المجتمع المدني لهذه السلوكيات. كما اعترض النشطاء على قتل الكلاب الضالة باستخدام سم "الإستركنين" المحرم دوليًا، خاصة أن مصر وقعت على اتفاقية دولية لمنع قتل الكلاب بسم الإستركنين.

اقرأ/ي أيضًا: الطلب على الحيوانات المنزلية خلال الحجر يرفع أسعارها وينشط الاتجار غير الشرعي

جذور أزمة كلاب الشوارع

هذه القضية مفتوحة منذ أعوام عدة، ففي عام 2011 أثارت قضية قتل الكلاب والقطط في إحدى المجمعات السياحية سخط منظمات الرفق بالحيوانات، وتم الحشد لحملة على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل "إيقاف مجزرة نادي الجزيرة" الذي تمت بداخله عمليات القتل، وتم تقديم شكوى رسمية لملاحقة الفاعلين وقتها.

كما تقدمت مجموعة من النواب في البرلمان بطلب لرئيس مجلس النواب لمساءلة رئيس الوزراء ووزيري الزراعة والصحة حول معلومات تفيد بالسماح بتصدير مئات الكلاب والقطط إلى دول مختلفة لتناول لحومها. حيث كانت النائبة مارجريت عازر، وكيل لجنة حقوق الإنسان في البرلمان المصري، قد اقترحت تصدير الكلاب إلى الدول التي تأكلها مثل كوريا، مما آثار موجة استياء من المقترح خاصة بعد موافقة وزارة الزراعة على تصدير مئات الكلاب والقطط.

لا يحمي القانون المصري الكلاب والقطط من عمليات القتل، ويعاقب فقط على قتل حيوانات الركوب والمواشي

لكن عازر عادت ونفت الخبر وقتها، قائلة أنها اقترحت تجميع الكلاب وتدريبها على الحراسة ومن ثم بيعها. وفي عام 2018 قال المتحدث باسم وزارة الزراعة حامد عبد الدايم، في مقابلة متلفزة  أنه "لا يوجد أي قانون أو معاهدات دولية ولا قرارات تمنع تصدير القطط لأي دولة من دول العالم". وتقول الحكومة المصرية أن "الكلاب تشكل خطرًا ويبلغ عددها 16 مليون كلب ضال" فيما يرد ممثلو منظمات الرفق بالحيوان بالقول "الحكومة لا تعرف عدد الأطفال المشردين، فكيف تعلم بعدد الكلاب الضالة!".

اقرأ/ي أيضًا: أفريقيا تتخطى المعدل العالمي للوفيات بفيروس كورونا

وفي في عام 2018 انتشرت دعوات على منصات التواصل الاجتماعي لحماية الكلاب، شارك فيها ممثلون وشخصيات عامة يدافعون فيها عن الكلاب والقطط وينتقدون تعاطي الحكومة مع هذه الظاهرة. وتصاعد الموقف حين دخل على خط المواجهة نجوم وشخصيات معروفة كلاعب كرة القدم محمد صلاح  الذي نشر  وقتها صورًا له مع قططه مؤكدًا دفاعه عنها.

جدل مستمر حول القضية

تنص المادة 45 من الدستور المصري بشكل واضح على "حماية النباتات والماشية ومصايد الأسماك، وحماية الأنواع المهددة بالإنقراض، ومنع القسوة على الحيوانات". وعلى الرغم من أن الدستور المصري ينص على حماية الحيوانات ورعايتها، إلا أنه لا يعاقب على قتل الكلاب أو القطط. أي أن أي مواطن يمكنه قتل أي كلب أو قطة في الشارع دون أي رادع قانوني. فالمادة 355 من قانون العقوبات المصري تنص على المعاقبة بالحبس مع الشغل لكل من قتل عمدًا بدون مقتضى حيوانًا من دواب الركوب أو الجر أو الحمل أو من أي نوع من أنواع المواشي أو أضر به ضررًا كبيرًا. وكل من سمم حيوانًا من الحيوانات المذكورة بالفقرة السابقة أو سمكًا من الأسماك الموجودة في نهر أو ترعة أو غدير أو مستنقع أو حوض. مستثنية بذلك القطط والكلاب وغيرها من الحيوانات بشكل واضح.

تعقيبًا على عودة قضية قتل الكلاب والقطط إلى الواجهة مجددًا قال المحامي مصطفى شعبان محمد لموقع المونيتور، "أن هذا الأمر لا يتم بصورة عشوائية بل بصورة ممنهجة وغير أخلاقية ومخالفة للدستور". وأضاف "هذا ينم عن منحى حكومي إلى إبادة هذه الأنواع من الحيوانات". وأشار إلى أن ذلك مخالف "للشرع والقانون وأحكام الشريعة الإسلامية". ويرى شعبان أن الخطورة تكمن أيضًا في فقدان التوازن البيئي. ليتضح أن الإستراتيجية الحكومية فيما خص هذه المسألة لا تعير أي اهتمام للتوازن البيئي ولا تهتم بما تنص عليه المعاهدات الدولية التي انضمت إليها مصر. وبذلك تستمر عمليات القتل بحق الحيوانات في الشوارع بانتظار عملية قضائية يسيطر عليها التأجيل المستمر.  

 

اقرأ/ي أيضًا:

أولويات جديدة لقواعد السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في حقبة بايدن

كيف تفاعل المصريون مع "25 يناير" في ذكراها العاشرة؟