05-أكتوبر-2020

لوحة لـ عبد الله مراد/ سوريا

أفواه

 

لم ترأف بنا الحياة

هل ستفعل أيها الموت؟

لا أعرف فم الأرض الذي سيبتلعني

لا أعرف كيف ستنبت أطرافي

أشجارًا قرب سياج المقبرة

وتلوّح لعابرين لا يأبهون

ذاك الشعور بالفقد!

كانت المرأة في المطبخ تغنّي

وفي غرفة المعيشة سكين القَدَر

يا للجريمة النظيفة التي تؤدي إلى انتفاء جسد

خذ بيدي كطفلة بلا فم

انظر إلى الشاطئ كم هو جميل

ولا تفكّر في البحر يا عزيزي.

 

انتقام

 

شكرًا للكره أيضًا

فهو جمرة تنزّ

طاقة صافية ومقدّسة

آه لو كان الانسحاب ممكنًا

إذَا لغسلت يديّ منكِ يا أنا

كأمٍّ يائسة

أرى عيونكم تتساقط عليّ ككرات بلياردو

أرى خلفها

أحلاماً شبقة تنضج على نار تجاهلي

فأرقص كطفلة شهيّة سقطت من قمر سكّر

كامرأة تهدهد العالم برجليها حتى يدوخ

إنها اللحظة التي أنتقم فيها بكم

منكم.

 

قنطرة

 

أعرف امرأة تحشو بطنها كلّ عام بالأطفال

ولا تفكّر بما ستجيبهم حين يسألونها

عن الملفوفة التي وجدتهم في داخلها

أعرف امرأة ماتت قبل ظهور المهديّ

وأوصت ابنتها أن تواصل الانتظار

أعرف امرأة قالت إن الحجاب قنطرة

ثم أحنت رأسها وعبرت من تحته.

 

زمن خلف شفرتَي طائرة

في الحزن لا أبعاد للوقت.

 

احتجاز

 

ابتسامة امرأة في لوحتها الخشبية

كلام لا يبلغ المعنى

في الحزن

تنظر إلى الوراء

بحنين سمكة إلى مائها

وإلى الأمام بخوف قرصان

هكذا، في تلك القارات التي لن أزورها

قد تحمل يدٌ زهرة

وتهوي بها على نعشي الخفيف من الانتظار

هكذا، في المطارات الكثيرة

تسقط شذرات لقاءات غير معقولة

تشبه حدّ السكين أو طعم الفراولة

مواليد يختنقون في خلاصهم

زمن خلف شفرتَيْ طائرة

هواء مقصوص بلا أي وجهة

انشطار نهائي ليدين ملوحتين

دمعة خلف ستارة

هكذا، ثمة مقاهٍ يُسكب فيها الشاي

على أرجل المرتادين فيضحكون

لأن في جيوبهم بقشيشًا للغرسون

وأوراقًا سُحبت توًا من مصرف الوقت،

لأن اليد ترتفع الآن للتحية

لا للتلويح.

 

مرض

 

ذاك ليس وجهي

إنها بعض جراح غامضة زيّحتها السنون

في المرض متعة الانغلاق

الانهماك بالعالم الداخلي

حيث تقع الحياة على الجهة الأخرى من إغفاءة

حيث الوقت شجرة مزهرة لا يحرّكها نسيم

حيث الهروب مجرّد فكرة

ترتاح في خفّين تحت السرير

لقد أفرطت في كلّ شيء

تعبت من إنشاء عالم لا يشوبه عيب

ومن بناء أسوار لجزر لن تعود

أحتاج معجزة وأشخاص يكلمونني في نومي

لن تفهمني ولن أعرفك

سأضخّ بعض دمي في كلمات مثل: "رجل حياتي"

علّها تشبه دمعًا سرّيًّا

سأدسّ اسم الله في كلّ شيء

وأرفع يديّ إلى السماء بلجاجة متظاهر.

 

أرصفة

 

آه كم مشّطت تلك الهنيهات

حتى فرّت من ملكيّتي

أسأل الوقت فينفي

من أين هذه الحروق إذًا؟

ثمة ما يتدلّى من عنقي

ويربطني بأرصفة الدنيا

فقط، لو كان للسماء أرصفة.

 

عنوان

 

بلغة غريبة أبكي

وأستيقظ داخل لغة أخرى

هل من أحد يترجم لي؟

لم أندم على ما اقترفت

كان كلّ شيء ردّ فعل على وجودي

كان كل شيء انتقامًا فاشلًا من إله

نسي أن يترك لي عنوانه.

 

ورق

 

علاقة مريبة بين عينيّ والورق

هما لم تصدّقاه يومًا، وهو لم يرحهما يومًا

الورق بخيل ورسميّ، وعيناي تحبّان الغشّ

هو محدّد ومعقّد، وهما زائغتان وبسيطتان

في النهاية، ستتلف المسكينتان

لكثرة احتكاك الدمع بالخشب

في النهاية، لن يبقى سوى حفيف النظرة

على سطح هذا العالم الشاحب.

 

اقرأ/ي أيضًا:

قصيدتان على الشاطئ

القمر أول النفق