05-أغسطس-2017

من أمام مكان كشك الورد الذي هدم في منطقة وسط البلد (ألترا صوت)

بدأت قصة "عم محمد" منذ ما يقرب عن 40 عامًا، عندما قرر أن يتخذ لنفسه عملًا حرًا، قرر أن يعمل ما يحب وعثر على ضالته، مكان صغير بناصية شارع شمبليون، في منطقة وسط البلد أمام قصر شمبليون الشهير. يجلس بجانب الشارع في محله الصغير أو "كشك الورد" كما يطلق عليه، ليرزق منه عبر بيع الورد. سعى طويلًا في الإجراءات القانونية الخاصة بالموضوع، وبالفعل استطاع أن يحصل على وصلة للكهرباء وعداد نور وترخيص من الحي للعمل.

يعتبر هدم كشك عم محمد، بائع الورد، في وسط البلد مثالًا على فساد وظلم النظام المصري لمواطنيه الفقراء والمهمشين

صورة لكشك "عم محمد" قبل أن تتم إزالته (ألترا صوت)

صاحب ذلك المكان الصغير هو محمد وردة، 58 عامًا، لديه 5 أولاد. ظل عم محمد 40 عامًا في كنف كشكه الصغير، يعرف الجميع، يحبونه ويحبهم، يجالس مثقفي وصحفيي المنطقة حتى أنه ظهر في العديد من البرامج والأفلام السينمائية.

اقرأ/ي أيضًا: حكاية بائع الفشار صاحب الصوت الإذاعي الساحر

لكن بعد ثورة 25 يناير مباشرة، اشترى رجل الأعمال المصري وأحد أبرز رجال الحزب الوطني المنحل رشاد عثمان قصر شامبليون الذي يقع بجوار كشك عم محمد، ثم بعد ذلك بعام، قام بشراء "الجراج" المجاور له، وهو الذي كان يستعمله عم محمد لتخزين بضاعته، ثم كان خلف هدم كشك "عم محمد".

كان "غنيم"، كما يطلق على رشاد عثمان، الصديق السابق للرئيس السادات وأحد أكبر تجار الإسكندرية، رجلًا على علاقة وثيقة بكافة رجال الدولة، اشتهر كثيرًا أيام مبارك من خلال حادثة شهيرة، سأل فيها رجال القانون عندما حاولت الدولة الحصول على بعض أملاكه قائلًا "هل يمنع القانون أن يمتلك رشاد غنيم 200 ألف فدان؟"، فكانت إجابة رجال القانون "نعم، من أين لك هذا؟. لم يجب الرجل على السؤال حينها، وتنازل بعد ذلك عن بعض أملاكه.

حاول رشاد عثمان أن يغلق الشارع تمامًا في 2012 بعد أن أصبح بحوزته القصر و"الجراج" ليمنع أي إزعاج له، وعلى ما يبدو كان ذلك السبب الرئيسي وراء السعي للتخلص من كشك عم محمد بعد ذلك، وقد صرح "عم محمد" لـ"الترا صوت" أن "اللواء رئيس الحي أخبره أن عليه أن يرضي رشاد غنيم".

لم ييأس "عم محمد"، ظل متواجدًا في نفس المكان، يضع بضاعته في مكانه المعتاد دون كشك، ثم ينام بجانبها ليلًا بعيدًا عن أهله، كل ذلك كان قبل مجيء اللواء هشام خشبة، رئيس الحي الجديد، الذي تلقى تعليمات هذه المرة بإزالة الكشك تمامًا والاستحواذ على الورد الموجود، أي على كل رأس مال "عم محمد".

يوم الخميس 20 تموز/يوليو الفارط، استيقظ عم محمد على اتصال هاتفي يخبره بمحاولة رئيس الحي الجديد هدم الكشك، وقد تم ذلك فعلًا دون أي إخطار ولا تنبيه. قامت قوات البلدية بإزالة الكشك بحجة أنه "يعطل المرور والطريق في شارع شمبليون"، مع العلم أنه يعمل على رصيف الشارع أساسًا.

"وردة" لا يملك أي وظيفة حكومية أو غيرها، "ولا يحتاج لها" على حد قوله، فلا يحتاج سوى أن تتركه الدولة يعمل في تلك المهنة التي يعيش منها منذ زمن، بقدر من الثقافة والعلم بتاريخ المكان. في هذا السياق ختم حديثه لـ"الترا صوت" قائلًا "في ظل ما يحدث في البلد، هل أصبح بيع الورد على الناصية إشغالًا للطريق وإزعاجًا للسلطات؟"

 

اقرأ/ي أيضًا:

القفّاصون في مصر.. مهنة تنقرض وعمال يطلبون النجاة

"عم محمد الصُرماتي".. حكايات إسكافي السيدة زينب الأخير