04-يناير-2016

يهيمن الفرنسيون على اللعبة منذ عشرين عامًا (فرانك فيف/أ.ف.ب/Getty)

في العام الجاري 2015 أَنهى المُنتَخَب الفَرنسي لِكُرة اليدّ أو كَما يُطلق عَليه مُنتَخَب "الخُبراء" الشَراكَة مع المُنتخَبَين السويدي والروماني في زَعامَةِ العَالَم لِهذه الرِّياضة الجَماعيَّة. فَازَ الفرنسيُّون بِلَقَبِ بُطُولة العالَم في قطر وحَملوا الكأس الخامِسة - الكأس الأَغلى التي نصَّبَتهُم مُلوكًا على عَرشِ الّلعبة بِلا مُنازع.

حتّى ثَمَانينيَّاتِ القَرن المَاضي كَان مُنتَخَب كُرة اليَد الفَرَنسيِّة أَقلَّ مِن عاديّ وكانت مُستَوَيَاتُه الفنيِّة ضَعيفةً إذ لَم يَكُن حتى بِدَايَة التسعينيّات قَد حقّقَ أيَّ إنجازٍ أو بطولةٍ على المُستوى القاريّ أو العالمي. وكَانَ الظُّهُور القَويّ الأوَّل للمُنتَخَب الفرنسيّ للُّعبة في أولِمبِياد برشَلونة عامَ 1992 حيثُ تمكَّنَ مِن تَحقِيقِ المَركَز الثَالِث. برونزيَّة أولمبياد برشلونة أَتبَعَهَا المُنتخب الفرنسي بِفِضيَّةِ بطولةِ العالم الّتي أُقِيمَت في السّويد في العامِ نفسه لتَكونَ بِذلك فاتِحةً لمَرحَلَةٍ جديدةٍ من عُمرِ كُرة اليدّ الفرنسيّة. "في مونديال السويد حقّقت الدانمارك الميداليّة الذهبيّة بمفاجأةٍ كَبيرة في ذَلِك الوقت".

 تَحتَ قِيادَة الدّاهية دانيال كونستاتيني دَخَلَ المُنتَخَبُ الفرنسيّ بِقوّةٍ بُطُولَةَ العالم 1995 في أَيسلَندا واستَطَاعَ تَحقيقَ الَّلقَب مُحقِقًا نَتَائِجَ مُميَّزة أَمامَ كِبَار الّلعبة في ذلك الوقت كرواتيا-السويد-وروسيا. أوّل بُطولة عالَم "للدّيَكَة" أَعطَت المَسؤولين عن اللعبة في البِلاد دَفعةً قويّةً من أجل السَّيرِ قُدُمًا وتَحقِيقِ المَزيد مِن النَّجاحات، وهو بالفِعل مَا تمَّ تَحقِيقَهُ عَبرَ السَنَوات إِذ حَافَظَ الاتّحادُ الفرنسي على وِحدَتِه وعَمَلِه الجاد ومَعه الأندية والمَنتخب حَقَّقَت المَزيدَ مِنَ الأَلقاب.

خَلَالَ 20 عامًا حقَّق المُنتَخَبُ الفرنسيّ بطولَةَ العالَم 5 مرَّات

 وتُعتَبَرُ الأندِية الفرنسيّة اليوم الرَّافِدَ الأَبرَز للمُنتَخَب، حيثُ إنَّ أنديَةَ باريس سان جرمان-سانت رافايل-مونبوليه-وإيك آن بروفونس، وغيرها .. تَمتَلِكُ لاعِبِينَ مِن الأَبرَز على مُستَوَى العالَم، وفي هذا الإِطار أكَّد "سيريل دومولان" حارِسُ مَرمَى المُنتَخَب الفرنسيّ لكُرَةِ اليدّ، أنَّ دُيوكَ اليَد يَملِكون في الوَقتِ الحاليّ 2014 – 2015 أفضَلَ جيلٍ عَرِفَته الُّلعبَة في التاريخ، بعدَ انفِرادِهِم بعدَدِ مرَّات الفَوز بِلَقَبِ بُطُولَةِ العَالَم، فضلًا عَن أنَّهُم في الوَقتِ الحاليِّ يَحمِلونَ لَقَبَ البُطُولاتِ الثَلاث الكُبرى "كأس العالم - أمم أوروبا وذهبية الأولمبياد".

وتُؤَكِّدُ التَجرِبة أنَّ نَجَاحَ المُنتَخَبِ الفرنسيِّ لكُرة اليد سببُه الأوَّل الجَماعِيَّة التي يَتَميَّزُ بِها، فضلًا عَن القُدُراتِ الفنيّةَ العالِية لِبَعضِ الَّلاعِبين أمثال نيكولا كاراباتيتش الّذي لَعِبَ لِفترةٍ مِنَ الزَّمَن مع برشلونة الإسباني وبعدَها انتَقَلَ إلى باريس سان جيرمان الفرنسي بعدَ أن قرَّرَ فَسخَ عَقدِه مَعَ النَّادي الكاتالوني، وهُنا لا بُدَّ مِنَ الإِشارة إلى أنَّ ما قَدَّمَته الإدارة الجديدة لباريس سان جيرمان مِن إمكَانَاتٍ ماديّةٍ ومُعسكَراتِ تَدريب ومَدارِسَ تَدريبيّة للفِئاتِ العُمريّة، كُلّه ساهَمَ في تطويرِ الّلاعبين وذَهَابِهِم بمُستَوَى أَعلى إلى المُنتخَب.

 ومِن أَسبَاب نَجَاحِ فَرنسا في هذه الرِّياضة أيضًا هُو الثّبَات الإداريّ إِذ لَم يُشرِف فنيًّا على المنتخب الفرنسي مُنذ العام 1985 سِوى مُدربَين اثنين فقط هُما دانييل كونستانتيني وكلود أونيستا، فحَقَّقَ الأوَّل بطولَتَي العالم في 1995 و2001 بينما حقّقَ الثَّاني ثَلاثَ بطولاتٍ للعالَم أعوامَ 2009-2011-2015 لِيُصنَّف كأَفضَل مُدرِّب في العَالَم خِلالَ السَنَواتِ القَلِيلة الماضِية .. ويُضَافَ إلى هَذِهِ البُطُولات أيضًا عَدَدٌ كَبير مِن الجَوائِز على مُستَوى أوروبا والألعابِ الأولمبيّة.

كانَ الخَلطُ بَينَ الخِبرة والعُنصُر الشاب أحدَ أسرارِ نَجاحِ المُنتَخَبِ الفرنسيّ

انتَهَجَت فَرَنسا مُنذُ عَشَرَاتِ السَنَوات سِيَاسَةً واضحةً في إدارةِ رِياضة كرة اليد، مَزَجَت فيها بينَ الخِبرة والشَباب .. كَما أُعطِيَ اتِّحادُ الّلعبة مَسَاحةً واسِعة للتَّحرُّكِ بَعيدًا عَن القُيود والتَّلويح بِمِقصَلَةِ الإِقَالة، فاستَغلَّ الاتِّحاد هذه الحريّة وبَنَى أَندِيةً قويّةً أعطَت المُنتَخب لاعِبِينَ بارِزين حقّقوا المَجد للبِلاد. وفي نَظرَةٍ للمُنتَخَب بَعدَ كأسِ العَالَم 2015 والأَسمَاء المَوجودة حاليًّا نَرَى بِشَكلٍ واضِحٍ أنَّ مُستقبَل كُرَةِ اليدّ الفَرَنسيّة سَيكون حافِلًا بالتّتويجات، وكَلِمَةَ السرّ دائمًا هي التَخطِيط السَليم، والخَلط بينَ الخِبرة واندفاعِ الشّباب وهو الأمر المَوجُود حاليًّا في المُنتَخَبِ الفرنسي حيثُ تمَّ ضمُّ عدد من اللّاعبين إلى الجِهاز الفنيّ للمُنتَخَب.

اقرأ/ي أيضًا:
كُرةُ اليد اللبنانيّة والطريق إلى المَجهول
كرة اليد.. لعبة القوة والجمال