16-يناير-2019

المنتخب الفلسطيني لكرة القدم في أولى مبارياته الرسمية على أرضه عام 2008 (أ.ف.ب)

تدور أحداث فيلم "Goal Dreams" الوثائقي، والذي عُرض في 2006، في مدينة الإسماعيلية المصرية، حيث كان يقيم المنتخب الفلسطيني معسكرًا تدريبيًا استعدادًا لمباراته مع طاجكستان في التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم 2006 في ألمانيا.

المنتخب الفلسطيني أكثر من فريق لكرة القدم، فهو أحد القنوات القليلة المتوفرة للشعب الفلسطيني لإيصال صوته إلى العالم والتأكيد على هويته

ويتناول فيلم "Goal Dreams" بشكل أساسي المشاكل التي تواجهها بعثة المنتخب الفلسطيني وكرة القدم في فلسطين، من صعوبة حصول اللاعبين القاطنين في غزة وفي الضفة الغربية على تأشيرات سفر من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، فيُحتجز اللاعبون لعدة أيام على الحدود الفلسطينية المصرية حتى تتم تسوية أوضاعهم، إلى صعوبة إيجاد انسجام بين صفوف اللاعبين الذي يعيشون في بلاد مختلفة ومتناهية الأطراف كتشيلي والولايات المتحدة ولبنان، ولا يتكلمون جميعًا اللغة العربية.

اقرأ/ي أيضًا: كرة القدم في فلسطين.. صراع قبل النكبة

وتتحوّل حصص التدريب إلى مناسبة تعارف بين اللاعبين، الذين تحدوا الصعاب كلها وأتوا من مشارق الأرض ومغاربها لتمثيل بلادهم. ويروي اللاعبون حكاياتهم وآلام آبائهم وأجدادهم في الوطن والمنفى، والمسارات التي سلكتها حيواتهم ليصلوا إلى ما هم عليه اليوم. 

ثم يخلص فيلم "Goal Dreams" إلى التأكيد على أهمية كرة القدم ودورها في إلغاء المسافات والفوارق، والتقريب بين "أخوة الدم والوطن"، فالفريق الفلسطيني الذي يقوده المدرب الأسترالي ألفريد ريدل، هو أكثر من فريق كرة قدم، بل هو أحد القنوات القليلة المتوفرة للشعب الفلسطيني لإيصال صوته إلى العالم والتأكيد على هويته وانتمائه.

انتشار كرة القدم في فلسطين مبكرًا

تأسس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، عام 1928. وشارك المنتخب الفلسطيني في تصفيات كأس العالم 1934، كأول فريق عربي في آسيا يشارك في تصفيات كأس العالم. 

وفي الثلاثينات والأربعينات، تأسست عدة أندية فلسطينية، وانتشرت كرة القدم بشكل كبير. وكانت ولا زالت اللعبة الشعبية الأولى.

أصابت نكبة 1948، من جملة ما أصابته، الكرة الفلسطينية في مقتل، فتفرّق اللاعبون وتشتّتوا، بين من بقي في فلسطين فيما عرف بعرب 1948، وبين من تهجر وتشرّد في مخيمات الشتات. واقتصر النشاط الكروي في السنوات اللاحقة على بعض الأندية المحلية في غزة وفي الضفة الغربية، تنظِم مسابقات فيما بينها.

وفي عام 1997، وبعد أربع سنوات من اتفاقية أوسلو وتسلم السلطة الفلسطينية الحكم الذاتي في غزة والضفة الغربية، أعيد تفعيل الاتحاد الفلسطيني من جديد، وتم تجميع المنتخب مرة أخرى، وعاد للمشاركة في البطولات الإقليمية والتصفيات القارية.

عقبات وتحديات تواجه الكرة الفلسطينية

من أصل أكثر من 200 منتخب كرة قدم  مسجّل في العالم، المنتخب الفلسطيني هو الوحيد الذي لم يلعب أي مباراة رسمية على أرضه حتى عام 2008. ولا يزال حتى اليوم يلعب معظم مبارياته في التصفيات على أراض محايدة كالأردن ولبنان، ويخسر بالتالي ميزة الأرض والجمهور. ولا يُسمح إلا لفرق محددة من شرق آسيا بلعب مباريات في فلسطين.

لاعبو المنتخب الفلسطيني المنتشرين في الشتات يواجهون صعوبة بالغة للتجمع وإقامة المعسكرات، ويعانون الأمرّين للحصول على تأشيرات سفر بسبب تعنّت ومماطلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

ودفعت الكرة الفلسطينية أثمانًا باهظة لهذا التعنّت، ولعل أهم المحطات كانت خلال تصفيات كأس آسيا 2007، عندما رفضت سلطات الاحتلال إعطاء تأشيرات لللاعبين الفلسطينيين الذي يقطنون غزة والضفة الغربية، للسفر واللعب ضد سنغافورة. ورفض الاتحاد الدولي لكرة القدم يومها إعادة جدولة المباراة، واعتبَرت فلسطين خاسرة 3-0 بسبب تغيّب لاعبيها عن المباراة!

يفوق اليوم عدد سكان عرب 48 المليون ونصف، ويبرز الكثير من لاعبي كرة القدم بينهم، ويلعبون في الدوري الإسرائيلي. وبالرغم من أنهم فلسطينيين، لكن السلطات الإسرائيلية تضع العقبات في وجههم، وتقف في طريق رغبتهم باللعب كفلسطينيين تحت حجج مختلفة.

ولم تسلم كرة القدم الفلسطينية من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على قطاع غزة والضفة، فطالت الصواريخ المنشآت الرياضية والملاعب ومراكز الأندية، فيما لقي عدد من اللاعبين حتفهم نتيجة للغارات.

عاهد زقوت
عاهد زقوت، لاعب المنتخب الفلسطيني السابق، الذي قضى خلال غارة إسرائيلية على منزله

وفي عدوان 2014 على غزة، وفيما كان المنتخب يستعد لكأس آسيا 2015، دمّر الإسرائيليون المنشآت الكروية، ومنازل عدد من لاعبي المنتخب الوطني، من بينهم عاهد زقوت، أحد أبرز اللاعبين الفلسطينيين السابقين، والذي قضى نحبه خلال غارة على منزله، لينضم إلى قافلة طويلة تضم المئات من شهداء الرياضة الفلسطينية. ورفع لاعبو فلسطين في كأس آسيا 2015 صور زملائهم الرياضيين الذي قضوا في اعتداءات غزة 2014.

"سننتصر نحن فلسطين".. شعار الفدائيين في كأس آسيا 2019

المشاركة الرسمية الأولى للمنتخب الفلسطيني منذ النكبة،  كانت في دورة الألعاب العربية في بيروت 1997. وفي العام 2008، نجحت الجهود المبذولة لإقامة أول مباراة دولية للمنتخب الفلسطيني على أرضه، حيث استضاف ملعب فيصل بن الحسين مباراة المنتخب الودية ضد الأردن، وانتهت بالتعادل 1-1 أمام سبعة آلاف متفرج.

وفي العام 2015 تفوق الفلسطينيون على أنفسهم وعلى كل العقبات التي وقفت في وجههم، متأهلين للمرة الأولى إلى نهائيات كأس آسيا في أستراليا، قبل أن ينجحوا في تكرار الأمر بعدها بثلاث سنوات تقريبًا، ويحجزون بطاقتهم إلى كأس آسيا 2019 في الإمارات.

لم تسلم كرة القدم الفلسطينية من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، بالسلاح حينًا، وبالتعنت ومنع اللاعبين من السفر أحيانًا أخرى

واليوم يرفع المنتخب الفلسطيني شعار "سننتصر نحن فلسطين" في مشاركاتهم بكأس آسيا 2019، فيما يبذل اللاعبون قصارى جهدهم لتحقيق لقب أول لبلادهم القابعة تحت الاحتلال الإسرائيلي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كرة القدم مقاومة أيضًا

أولمبياد ريو.. ستة رياضيين يمثلون فلسطين