29-نوفمبر-2020

لوحة لـ حسام بلان/ سوريا

كنا صديقين قديمين

نمسك بيد الموت

ننزّهه في الغابات الشاردة

نسلّمه ظهيرة كاملة

ليحلم على مهل

بأياد

لا تنحسر على نفسها

بعد كل محاولة للّمس.

 

كنا صديقين قديمين

نرسم الشارع ونتركه ليكبر ببطء

كي نعبره

في الأوقات التي تعود فيها الأقدام

مبللة

وحزينة

من رحلات الإسفلت

 

كنا رجلين اثنين

وتواعدنا على أن نسلّم جسدينا

لرغبات مشبوهة

للمس لا يحتمي إلا بطفولته

لغرف صغيرة على الأفواه

لأفراح ستأتي

وعتابات

ستتخذ شكل البول

حينَ يصبح صلبًا ودافئًا

وكثير الذهول.

*

 

كنتَ رجلًا بعيدًا

بشفة واحدة وحسب

بنعومة لا لبس فيها

بمواعيد مؤجلة دومًا

كمن يخشى على نفسه من الاغتيال

رجلًا آخرَ كنت

بقمصان

وبناطيل

وصوت مفتوح على الريح.

 

وكنتُ رجلًا أيضًا

لكن

بجسد مضموم

بألبومات كثيرة

بأرشيف معلق على كتف العالم

بوسادات قاسية

إذ لا ينفع الريش مع الكوابيس.

 

وحيدين كنا

جسدان يبحثان في الانحناءات

عن خطوط جالسة

ليحفرا عميقًا في تربتها

وحيديْن

كماء يغص بغياب الأسماك فيه

كحراشف

لا تتسع

لحيوانات أليفة ومشاورات.

 

صديقين قديمين كنا

وكانت لنا أمسيات دافئة

ندور حولها

نعلقها أعلى الشجرة

كنجمة الميلاد

ونصلي تحتها لكل الحزانى في العالم

لكل المتعبين

وكل قطاع الطرق

*

 

واليوم صرنا اثنين

اثنين

كاملين تمامًا

مع وجوه بلا نظرات

وتعابير منفصلة

 

اثنان كما في شاشة التلفاز

اثنان كحبتي مطر

تتعرفان على اليتم سويًا

كرجلينِ أيضًا

يخافان أن يكشف الجسد

عن تفاصيل

أليفة

بلسان وافر ممدود نحو الغد

 

كرجلين اثنين نحن

لنا أصابع قليلة التعرج

وسمات مشتركة

وظهر شبه مستقيم

ورجولة

تكبر على السطح

بفساتين

وأحمر شفاه

وأقراط للعيد

وبنادق مجهزة تمامًا

كي لا تكون قبلنا مشبوهة

وكي لا يفضح أحدُنا الآخرَ

في الحب.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لحظةَ أُعانِقُ الموتَ لأُعانِقَك

السعي بين بيسوا وفان كوخ