05-أغسطس-2018

الشهيد نيراز سعيد (فيسبوك)

نحن من أعطى الحجارة أجنحتها... وهذا ما علمني المخيم.

منذ بداية اعتقالي، كنت كلما رُميت في الزنزانة بعد كل جولة تعذيب أبتسم لأصدقائي ونبدأ سويةً بعدِّ الجراح على أجسادنا، ونحاول استخراج تدرجاتٍ أكثر من لون الدم... أحمر قاتم نازف يخرج من الفم له تدرجات زهرية نتيجة اللعاب المرافق له لنرسم على جدران الزنزانة آلامنا.

 

قلت لرفاق السجن... يا شباب.. لا أستطيع المشي. رد عليّ أحدهم: يجب أن تتعلم الطيران.

 

سألوني وأنا المضرّج بدمي: كيف تفعل هذا يا نيراز؟

نيراز: أفعل ماذا!؟

جميعًا رددوا: كيف لك أن ترسم الفرح على وجه الأرض ولم تستشهد بعد؟!

أجبت بينما تساعدوا على حملي: أنا نصف إله.. أنا واحد ممن زرعوا الابتسامات في المخيمات وصارت الابتسامات أبطالًا. سأذهب إلى الجنة لا لأدخلها... فقط سأدفع بابها بركبتي المدمّاة حاملًا كاميرتي على يميني، وبيسراي حقائب أطفال المخيم المدرسية المليئة بالآلام، وبأرغفة الخبز المصنوع من العدس لأرميها بوجه الملائكة. خصوصًا الملائكة الذين آجروا المؤمنين يوم بدر.

 

يسأل زميل زنزانة: نيراز... أيهما أجمل يا صديقي ... أن نموت من أجل الوطن أم من أجل المخيم؟

يجيب قلبي: نموت من أجل الحقيقة ومن أجل حبيبة، لكن احذر أن توشم عينيها على جسدك حتى لا تراك ضعيفًا، فنحن من ينادينا الوطن كما ينادي البحر الصيادين، لذا تجدنا نحرث الأرض كلما رقصنا الدبكة كما يحرث البحارة البحر بمجاديفهم.

 

نحن من قصصنا شعرنا الطويل على ضفاف بردى، لتنمو خصلات شعرنا وتصبح ورودًا جورية برائحة الجنة، ونحن من نقطف الزيتون بأرواحنا دون أن نطرد اليمام من أعشاشه. في المخيم.. ليس دويُّ المدافع ما كان يخيفني، فقط خفت ألا يستطيع الأطفال الضحك أمام المرآة بعد أن حُلِقت رؤوسهم لمنع انتشار القمل.

شباب، هل لدى أحدكم سيجارة واحدة؟ قبل أن تتساءلوا لماذا، أريد أن أريكم تدفُّق روحي وهي تخرج!

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

ذاكرة على الرصيف

عندما كنّا ضحايا