26-مارس-2020

كتاب "مقدمة مختصرة في الشعبوية" (ألترا صوت)

ألترا صوت – فريق التحرير

صدر عن سلسلة "ترجمان" (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات) كتاب "مقدمة مختصرة في الشعبوية" ترجمة سعيد بكار ومحمد بكار، لكلٍّ من كاس مودّه وكريستوبل روفيرا كالتواسر اللذين قدّما فيه للشعبوية ببعديها النظري والعملي، وبصفتها أيديولوجيا تشطر المجتمع إلى معسكرَين متخاصمَين؛ هما الشعب النقيّ مقابل النخبة الفاسدة، وتضع الإرادة العامة للشعب فوق أي اعتبار.

في كتاب "مقدمة مختصرة في الشعبوية"، يصف المؤلفان القوة العملية لهذه الأيديولوجيا من خلال مسح يغطّي الحركات الشعبوية في العصر الحديث

يصف المؤلفان القوة العملية لهذه الأيديولوجيا من خلال مسح يغطّي الحركات الشعبوية في العصر الحديث، وهي: الأحزاب اليمينية الأوروبية، والرؤساء اليساريون في أميركا اللاتينية، وحركة حزب الشاي الأميركية، ويميطان اللثام عن سر نجاح شخصيات شعبوية مثيرة للجدل؛ مثل خوان بيرون، وروس بِرو، وجان ماري لوبان، وسلفيو برلسكوني، وهوغو تشافيز. ويبيّن الكتاب أن الشخصيات الشعبوية لا تقتصر على الرجال الذين يجسّدون القوة، بل قد تشمل النساء الحازمات أيضًا؛ مثل إيفا بيرون، وبولين هانسن، وسارة بالين، اللواتي نجحن في الوصول إلى مكانة شعبوية عن طريق استغلال مفاهيم التمييز بين الجنسين في المجتمع في أغلب الأحيان.

اقرأ/ي أيضًا: باختصار.. ما هي الشعبوية؟

يقدم مودّه وكالتواسر في الفصل الأول من الكتاب "تحديد الشعبوية"، تأويلًا محددًا للشعبوية يتميز باستيعابه لجل مَا يُعرف اليوم بهذا الاسم، و"تكمن قوته في تقديم تحديد واضح يميز الفاعلين الشعبويين من غيرهم. ويلخص هذا الفصل النقاط التي تميز أغلب الشخصيات السياسية المسمّاة الشعبوية"؛ ومن ثم يردُّ المؤلفان على انتقادَين من الانتقادات الرئيسة للمصطلح؛ أن الشعبوية ليست سوى كلمة هجومية لإدانة الخصوم السياسيين، وأن غموض هذا المصطلح الكبير يكاد يجعله ينطبق على جميع الشخصيات السياسية.

أما في الفصل الثاني، "الشعبوية حول العالم"، فيقدم المؤلفان عرضًا موجزًا لأهم الفاعلين الشعبويين في المئة والخمسين سنة الماضية، ويركزان اهتمامهما على ثلاث مناطق طالما حظيت الشعبوية فيها بأهمية بالغة؛ وهي أمريكا الشمالية، وأمريكا اللاتينية، وأوروبا. ويختمان بالإحالة على ثلة من الفاعلين الشعبويين المعاصرين خارج هذه المناطق المعروفة، ولا سيما في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

ويناقش المؤلفان في الفصل الثالث، "الشعبوية والتعبئة"، الأنواع الثلاثة الرئيسة التي يستخدمها الشعبويون لتعبئة الناس؛ وهي الزعامة الفردية، والحركة الاجتماعية، والحزب السياسي. لكن يبقى سؤالان مهمان يحتاجان إلى إجابة: لماذا ينتشر بعض أنواع التعبئة الشعبوية أكثر من غيره في مناطق معيّنة دون غيرها؟ وهل لأنواع التعبئة المختلفة هذه تأثير في النجاح الانتخابي للشعبوية؟ يجيب المؤلفان عن السؤال الأول بتأكيد أنّ الفاعلين الشعبويين لا يشتغلون في فراغ سياسي، ثمّ إنهما يجيبان عن السؤال الثاني إجابة دقيقة فيقولان: "يجب أن نجعل نصب أعيننا إمكان تحديد النجاح الانتخابي بطريقتين مختلفتين: أولًا، بوصفه اختراقًا انتخابيًا، أي الفوز بأصوات كافية لدخول الساحة السياسية (مثل البرلمان أو الرئاسة)؛ وثانيًا، بوصفه صمودًا انتخابيًا، أي القدرة على التطور إلى قوة ثابتة ضمن النظام السياسي".

أما في الفصل الرابع، "الزعيم الشعبوي"، فيبحث المؤلفان في ماهية الزعيم الشعبوي، ويتوصلان إلى أنه لا يمكن القول بوجود زعيم شعبوي أنموذجي بسبب الاختلاف الكبير بين الفاعلين الذين يوظفون الأفكار الشعبوية، و"يتجسد القائد الشعبوي النمطي، وفقًا للأكاديميين والعامة، في الرجل الكاريزمي القوي. وعلى الرغم من انطباق هذا الوصف على بعض الزعماء الشعبويين المعروفين، فإن نجاح هؤلاء يتحقق في مجتمعات دون غيرها".

الشخصيات الشعبوية لا تقتصر على الرجال الذين يجسّدون القوة، بل قد تشمل النساء الحازمات أيضًا

اقرأ/ي أيضًا: عزمي بشارة وكتاب "في الإجابة عن سؤال: ما الشعبوية؟".. الديمقراطية في خطر

يدرس المؤلفان في الفصل الخامس، "الشعبوية والديمقراطية"، العلاقة بين الشعبوية والديمقراطية، وهي محطّ نقاشٍ كبير بين رأي تقليدي يرى الشعبوية خطرًا كبيرًا على الديمقراطية، ورأي يرى أنها الأنموذج الحقيقي والوحيد للديمقراطية. وبحسبهما، يمكن أن تكون الشعبوية تهديدًا للديمقراطية أو تصحيحًا لمسارها. بينما ينطلقان في الفصل السادس "الأسباب والاستجابات" (الفصل الأخير)، من واقع أن المجتمعات التي يوجد فيها طلب كبير على الشعبوية تمثل أرضًا خصبة لنجاحها، لكن ذلك يستلزم "أن يرى الناس في القوى الشعبوية الموجودة الصدق المطلوب. كما أن وجود عرض شعبوي قوي، في ظل غياب الطلب عليها، عادة ما ينتهي بإخفاق الفاعلين الشعبويين".

 

اقرأ/ي أيضًا:

ما وراء خطوط الشعبوية.. هل هو عصر إذابة الدولة القومية الحديثة؟

الشعبوية في أوروبا.. تيار يجرف حتى الأحزاب "المعتدلة"