26-مارس-2022
كتاب "رائحة الفلفل: تحليل وتأريخ وسير لانتفاضات العراق" (ألترا صوت)

كتاب "رائحة الفلفل: تحليل وتأريخ وسير لانتفاضات العراق" (ألترا صوت)

أصدرت "دار الرافدين" في بيروت، بدعمٍ من "مؤسسة روزا لوكسمبورغ"، حديثًا، كتاب "رائحة الفلفل: تحليل وتأريخ وسير لانتفاضات العراق". وهو من إعداد وتحرير الكاتب والشاعر العراقي عمر الجفّال، ويضم مجموعة من النصوص والأبحاث التي تتمحور حول الانتفاضة العراقية التي اندلعت مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 2019.

"رائحة الفلفل: تحليل وتأريخ وسير لانتفاضات العراق" محاولة لفهم انتفاضة تشرين الأول/ أكتوبر 2019 التي صُنّفت الأكبر في تاريخ العراق

يقدّم الكتاب مساهمة تاريخية تحليلية تساعد في فهم أسباب الانتفاضة، وأهدافها، وتأثيرها على المشهد السياسي العراقي. ويسعى، وفق ما ذكره محرره عمر الجفّال في حديثه لـ "ألترا صوت"، إلى: "تقديم وثيقة عن الاحتجاجات يمكن العودة إليها مرارًا، إن كان بالنسبة للحركات الاحتجاجية التي ستأتي، أو للمجتمع، أو للباحثين والكتّاب والصحفيين".

ويضيف الكاتب: "الكتاب هو تحليل لأسباب اندلاع الاحتجاجات بهذه القوة، ولآليات الشبان في إدامة احتجاجهم وتنوع أساليبه، وسيطرتهم على الشوارع والساحات، وما هي المقترحات التي قدموها للخلاص من الحال السديمي الذي وصله العراق، وهو أيضًا تأريخ للاحتجاجات وما جرى فيها ولها. كما أنه يتضمن سيرًا لبعض قتلى الاحتجاجات: كيف حلموا بالعراق أن يكون؟ وكيف ردت عليهم السلطة بالقتل والاغتيال".

YT Banner

وإلى جانب تظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر 2019، يعود الكتاب أيضًا إلى: "الاحتجاجات والانتفاضات التي شهدها العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003، وأحيانًا منذ تأسيس الدولة العراقية.. ويتضمن 32 صورة للحظات البارزة من احتجاجات بغداد واعتصاماتها.

وفي حديثه عن الأسباب التي ساهمت في بلورة فكرة الكتاب، يقول عمر الجفّال: "كانت مظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر 2019 مفاجأة من حيث الحجم والمشاركة والخطاب، وقد برز فيها جيل عراقي جديد أرسى مفهومًا مغايرًا عن الاحتجاج والمطالب والإصرار على الفعل الاحتجاجي والتغيير؛ وفي العراق، للأسف، تمر هذه الأحداث الكبيرة من دون الإمعان بها وتحليلها وتأريخها".

ويتابع الجفّال في السياق نفسه: "التاريخ العراقي، على كل الصعد تقريبًا، هو تاريخ متقطع وغير تراكمي. بمعنى أن كل جيل يبدأ من الصفر في تأسيس تحركه، ذلك أنه لا يوجد توثيقًا كافيًا للأجيال التي سبقته، وما هي الاستراتيجيات التي اتبعها، وما الأخطاء التي وقع فيها". ويضيف: "في الواقع، فإن الهم الشخصي كان موجودًا عندي أيضًا عندما شرعت في العمل على الكتاب، إذ إن لي إخوة وأقارب من هذا الجيل الذي يصغرني بعقد أو أكثر بقليل. وعندما كنت أخوض حوارات مع هذا الجيل، كنت أجد فجوة بيني وبينهم، وهو أيضًا ما لاحظته لدى أصدقاء وزملاء آخرين".

ويلفت ضيفنا في هذا الصدد إلى أن الكتاب، بناءً على ما سبق، جاء أولًا: "لفهم أفكار الحركة الاحتجاجية التي صُنّفت الأكبر في تاريخ العراق، والتي مُورس ضدها عنف ممنهج وبشع". وثانيًا: "لتوثيق تحركها الذي كان برأيي مختلفًا عن كل التحركات الاجتماعية السابقة". وثالثًا: "لردم الهوة التي بُنيت بيننا (أنا ومن يكبرني) مع هذا الجيل الجديد".

يقدّم الكتاب مساهمة تاريخية تحليلية تساعد في فهم أسباب وأهداف انتفاضة تشرين الأول/ أكتوبر 2019 وتأثيرها على المشهد السياسي العراقي

وحول الجديد الذي يحمله الكتاب، مقارنةً بغيره من المؤلفات التي تناولت الانتفاضة العراقية، يقول الجفّال: "لدينا في العراق اليوم ضعف كبير في ملاحقة الأحداث الاجتماعية، الكبيرة والصغيرة، وتحليلها وتأريخها. والكتب التي صدرت عن الاحتجاجات قليلة، على الرغم من أن حركات الاحتجاجات لم تهدأ منذ عام 2009. الجديد أن هذا الكتاب سعى أن يغطي مفاصل مختلفة من الاحتجاجات بطرق علمية، لكنها متخففة من لغة الأكاديميا الجامدة".

أما عن محتوياته، فيضم الكتاب الذي يقع في 300 صفحة من القطع الوسط، أحد عشر فصلًا موزعًا في قسمين. يشتمل القسم الأول على أربعة فصول تروي سيرة عددٍ من الشبان الذين قُتلوا خلال الانتفاضة في مختلف المدن العراقية، وذلك انطلاقًا من فكرة أن سيرة أي متظاهرٍ في العراق، هي وثيقة مهمة تعكس أحلام وآلام وآمال الشعب العراقي عمومًا، والشباب خصوصًا.

في الفصل الأول، يقدّم الكاتب والروائي العراقي سنان أنطون سيرة مختصرة للكاتب والناشط صفاء السراي، الذي قُتل في الثامن والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر 2019. بينما تروي أماني الحسن في الفصل الثاني، سيرة الناشطة المدنية والنسوية رهام يعقوب، التي قُتلت وسط مدينة البصرة في التاسع عشر من آب/ أغسطس 2020.

ويكتب خضير فليح الزبيدي في الفصل الثالث، سيرة الشاب ريمون ريان سالم الذي قُتل في ساحة التحرير في الخامس والعشرين من شباط/ فبراير 2020. فيما يروي غسان البرهان في الفصل الرابع، سيرة الشاب عمر سعدون، وهو أحد ضحايا مجزرة الناصرية التي وقعت في الثامن والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، وراح ضحيتها نحو 75 متظاهرًا.

أما القسم الثاني من الكتاب، فيضم سبعة فصول تتناول مختلف أحداث الانتفاضة ووقائعها، وتسلط الضوء على دوافعها وأهدافها، ووحشية السلطة وميليشيات الأحزاب المسلحة في قمعها، إلى جانب البحث في عددٍ من المسائل والقضايا المرتبطة بها.

في الفصل الخامس، يستعرض رحيم محمود مجمل الأحداث الأمنية التي رافقت الانتفاضة، ويجادل بأن عمليات استهداف المتظاهرين لم تكن فردية، بل هي جزء من استراتيجيات ممأسسة ومتغلغلة في صلب السلطة وطريقة تعاطيها مع الاحتجاجات، التي ترى إليها باعتبارها تهديدًا لوجودها.

وتسلط بلسم مصطفى في الفصل الخامس الضوء على الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة، التي اعتمد عليها المتظاهرون لمواجهة حملات وسائل الإعلام الرسمية، والحزبية، التي سعت إلى تشويه صورة الانتفاضة. بينما يحلل عبد الأمير عجام في الفصل السابع، بنية جيل عراقي جديد يرى أنها قائمة على الاتصال بالعالم من خلال شبكة الإنترنت.

يضم "رائحة الفلفل" أحد عشر فصلًا موزعًا في قسمين، يروي الأول سير عددٍ من ضحايا الانتفاضة، ويحلل الثاني أحداثها ووقائعها

وتحاول زهراء علي في الفصل الثامن، تفسير غياب أجندة نسوية، أو أجندة قائمة على النساء في الانتفاضة، في سياق بحثها في معنى مشاركة المرأة وأهميتها ومضمونها في الاحتجاجات. في حين يناقش عمر الجفّال في الفصل التاسع، أهمية الفضاء والحيز العامين والحق في المدينة في العراق.

ويعرض الجفّال برفقة صفاء خلف في الفصل العاشر، لأهمية دور النقابات والاتحادات في رفع مستوى تأثير التظاهرات وزيادة زخمها. وذلك بالإضافة إلى تناولهما للظروف التي أدت إلى إضعافها، ومناقشتهما للأزمات الداخلية التي تعانيها. أما الفصل الحادي عشر والأخير، فيدرس فيه سلام زيدان السياسات الاقتصادية للنظام السياسي العراقي، التي أدت إلى انعدام العدالة الاجتماعية. ويقدّم، في الوقت نفسه، شرحًا يبيّن أثر بعض الحملات التي ساهمت، خلال الانتفاضة، في تحريك الاقتصاد المحلي.