05-يونيو-2022
كتاب "ثورات بلا ثوار: كي نفهم الربيع العربي" (ألترا صوت)

كتاب "ثورة بلا ثوار: كي نفهم الربيع العربي" (ألترا صوت)

أصدر "مركز دراسات الوحدة العربية" في بيروت، حديثًا، كتاب "ثورة بلا ثوار: كي نفهم الربيع العربي"، للباحث الأمريكي ذو الأصول الإيرانية آصف بيّات، الذي يقدّم فيه قراءة شاملة لثورات الربيع العربي من وجهة نظر تاريخية مقارنة يسعى عبرها إلى فهم دينامياتها، وتحليل مساراتها، والوقوف على تناقضاتها، إضافةً إلى استشراف مستقبل المنطقة وموقع الحركات الثورية فيه.

يعيد بيّات أسباب فشل الثورات العربية في استبدال الأنظمة الحاكمة إلى افتقار الثوار العرب لنظرية ثورية جامعة وتصورات واضحة لشكل ومضمون التغيير الذي يطالبون به

يبحث آصف بيّات في مؤلَّفه الذي صدر للمرة الأولى عام 2017 عن "منشورات جامعة ستانفورد"، ونقله إلى اللغة العربية فكتور سحّاب؛ في ثورات الربيع العربي بصفتها ثورات دون أفكار ثورية مقارنةً بما هي عليه ثورات القرن العشرين، التي قامت على أُسس وأفكار وطموحات ثورية – اشتراكية سيَّرتها ورسمت توجهاتها، وذلك على عكس الثورات العربية التي يرى أنها تكيّفت بشروط زمننا النيوليبرالي.

ويقيم الباحث الإيراني – الأمريكي في الكتاب الذي يقع في 350 صفحة، ويتضمن 11 فصلًا، مقارنة شاملة بين ثورات القرن الفائت عمومًا – والثورة الإيرانية خصوصًا – من جهة، وثورات الربيع العربي من جهة أخرى، خاصةً ثورتي تونس ومصر التي أقام ودرّس فيها لسنوات طويلة راقب وعاين وحلل خلالها مختلف المظاهر الاحتجاجية التي انتهت إلى ثورة شعبية مثّلت، إلى جانب غيرها من الثورات العربية، حدثًا استثنائيًا في المنطقة.

ويجادل بيّات، استنادًا إلى هذه المقارنة، بأن الثورات العربية هي ثورات هجينة تجمع بين الثورة والإصلاح الذي اقتصرت نتائجها عليه. فعلى الرغم من نجاح بعضها، في تونس ومصر تحديدًا، بإسقاط رؤوس الأنظمة الحاكمة، إلا أنها فشلت في إحداث تغيير جوهري في بنية هذه الأنظمة. وهي، لذلك، تختلف اختلافًا جوهريًا عن ثورات القرن العشرين التي انتهت، غالبًا، إلى استبدال نظام الحكم.

يبحث بيّات في ثورات الربيع العربي بصفتها ثورات دون أفكار ثورية مقارنةً بما هي عليه ثورات القرن الفائت

ويعيد صاحب "الحياة سياسة: كيف يغيّر بسطاء الناس الشرق الأوسط"، أسباب هذا الفشل إلى افتقار الثوار العرب لنظرية ثورية جامعة، وتصورات واضحة لشكل ومضمون التغيير الذي يطالبون به، الأمر الذي ساهم في خلق حالة من الفوضى والاضطرابات التي مهدت الطريق للثورات المضادة، وساهمت بشكل أو بآخر في إجهاض التغيير المنشود.

يخلص آصف بيّات في مؤلفة إلى أن انتكاسة ثورات الربيع العربي أمر مؤقت ومتوقع، وأن الأنظمة العربية الراهنة، لا سيما تلك التي جاءت بها الثورات المضادة، تعيش أزمات داخلية عديدة تساهم في تعميق الأزمات الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية التي تمخض عنها الربيع العربي، مما يعني أن المنطقة لا تزال قابلة لظهور موجات احتجاجية – ثورية جديدة، لا بد أن تكون أكثر زخمًا بل وأشد تأثيرًا مما سبقها.