18-أكتوبر-2019

غلاف الكتاب

ألترا صوت – فريق التحرير

"السلف المُتخيّل: مقاربة تاريخية تحليلية في سلف المحنة؛ أحمد بن حنبل وأحمد بن حنبل المتخيّل" عنوان الكتاب الصادر حديثًا عن (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات) للباحث السعودي رائد السمهوري. وهو الكتاب السادس له بعد "نقد الخطاب السلفي: ابن تيمية نموذجًا"، و"نقد الفكر التكفيري في ضوء منهج ابن تيمية"، و"تهافت أبي يعرف المرزوقي"، و"عليّ الطنطاوي وآراءه في الأدب والنقد"، و"عليّ الطنطاوي وأعلاه أعصره". بالإضافة إلى تحريره لكتاب "الوهابية والسلفية: الأفكار والآثار"، وجمعه وإعداده لكتاب "الأعمال الكاملة لفضيلة الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين".

يولي رائد السمهوري في كتابه "السلف المُتخيّل" أهمية للجانب التاريخي، لا سيما من حيث كونه مفتاحًا لدراسة الأفكار والمذاهب والعقائد

في مقدّمة الكتاب المؤلّف من 450 صفحة، يقول السمهوري إنّه يُحاول فيه أن يُجيب على سؤال: "هل مفهوم السلف يُعبّر عن جماعة حقيقية أم متخيّلة؟"، مُتّخذًا مما يسمّيه "سلف المحنة" أنموذجًا لدراسته التي تنطلق من فكرة الاحتجاج الدائم والمستمر بالسلف الصالح وأفعالهم دون تمييز بين المتّفق عليه، أي ما هو محلّ إجماع، وبين مختلف عليه، وهو محلّ نظرٍ واجتهاد. يقصد المؤلّف بـ"سلف المحنة" السلف الذين احتجّ بهم الإمام أحمد بن حنبل في محنة القرآن، بالإضافة إلى أحمد بن حنبل ذاته، باعتباره سلفًا لأهلّ السنّة باختلاف مذاهبهم الفقيهة. بينما يقصد بـ"المتخيّل" إعادة التمثل وإعادة الإنتاج، عدا عن الإسقاط وكذا الانتقاء، وفقًا للأحوال والظروف والسياقات، بمعنى أن المقصد من "المتخيّل" ليس الكذب والدجل.

اقرأ/ي أيضًا: عصام العامري في كتابه "المأزق العالمي للديمقراطية".. الشرعية التي تتآكل

يولي رائد السمهوري في كتابه الجديد أهمية للجانب التاريخي، لا سيما من حيث كونه مفتاحًا لدراسة الأفكار والمذاهب والعقائد. وعلى هذا الأساس، يُشير إلى أنّ المحنة، والمقصود بها محنة خلق القرآن، لم تكن قد بدأت باتّجاه ديني، أو ذهبت بهذا الاتّجاه، بغض النظر عن لبوس المذاهب والعقائد التي لبستها. وإنّما هي، كما يراها الباحث، نتاج صراع اجتماعي – سياسي بين العرب/ بغداد/ الأمين والعجم/ خراسان/ المأمون. وفي سياق ذلك، لا يتوانى السمهوري عن الأخذ بأهم الكتب والدراسات التي تناولت شخصية أحمد بن حنبل والحنابلة، موّجِهًا فيها نقده لما يرى أنّه يستحقّ النقد. وتحت عنوان "مفهوم السلف: قراءة دلالية تاريخية" يبحث الكاتب في معنى "السلف" في اللغة والاصطلاح، ويذهب نحو تأريخ بداية ظهوره، وانتشاره، وكذا معانيه ومواطنه في "الاحتجاج الديني".

يعتمد المؤلّف فيما سبق ذكره على التفريق في منهج أصول الفقه الإسلامي بين ما هو إجماع لا يقبل الشك أو الجدل، أي قطعي مُعتدٍّ به شرعًا، وواجب الالتزام أيضًا. وبين ما يقع في دائرة الاختلاف السائغ الاجتهادي. ولا يكتفي السمهوري بذلك، بل يذهب أيضًا نحو توضيح الكيفية التي يجري فيها الخلط بين هذين النوعين من الاحتجاج تحت غطاء السلف. قبل أن يجول في أبرز الحوادث التاريخية التي سبقت المحنة، وذلك تحت عنوان "رحلة المتخيل: في الطريق إلى سلف المحنة"، والذي يتفرّع منه عدّة فصول من بينها "عصر بني العباس: الدعوة والدولة" الذي يقول فيه إنّ الدولة العباسية نشأت بدافع من الثأر الذي يلفت الانتباه ورودُه بكثافة في كتب التاريخ على ألسنة العباسيين ودعاتهم، أي الثأر من الأمويين ومن كل ما يمثلهم، ليفيض في شرح بدء انطلاق الدعوة العباسية في خراسان التي كانت موطن الدعوة العباسية وشيعتها، وفيها ظهر شعارهم الرسمي "الرايات السود واللباس الأسود"، وأن دعوتهم كانت تقوم على "التشيع" لآل البيت، مع شيء من مذهب الجهم بن صفوان الذي كان داعية من دعاة العباسيين، مع ميل إلى فقه الرأي.

بغداد هي موطن أهل الحديث وعاصمتهم، وإنّ كانت خراسان هي أرض الدعوة العباسية التي انطلقت منها وكان فيها أنصارها ودعاتها

يقول السمهوري إن بغداد هي موطن أهل الحديث وعاصمتهم، وإنّ كانت خراسان هي أرض الدعوة العباسية التي انطلقت منها وكان فيها أنصارها ودعاتها وأولياؤها، مُشيرًا إلى أهمية أهل الحديث في المدينة الأولى، بغداد، حيث كان لهم فيها المنعة والقوة والتأثير.

اقرأ/ي أيضًا: "الجندي والدولة والثورات العربية": من النظرية إلى آلية الوقاية من الانقلاب

بعد ذلك، سوف يصل المؤلّف إلى محنة خلق القرآن ودور أحمد بن حنبل فيها، بوصفه من أعلام مدرسة أهل الحديث وأئمتها. قبل أن ينتقل نحو بداية المحنة وإرهاصاتها في عهد المأمون، ثم اشتدادها في عهد المعتصم، ثم تفاقمها في عهد الواثق، وذلك تحت عنوان "لحظة الانفجار وبداية نشوء سلف المحنة"، حيث سيسلّط الضوء على موقف أحمد بن حنبل وصموده، معتمدًا على الروايات التاريخية الحنبلية التي رواها شهود العيان من أقدم المصادر المتاحة، ومقارنًا بينها وبين روايات المعتزلة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

رمزي منير بعلبكي في "التراث المعجمي العربي".. موشور لغوي بكل الألوان

كتاب "فجر العرب".. الشباب هم أبطال الاحتجاج وعدم الاستقرار والإصلاح والثورة