23-أبريل-2022
طارق عزيزة وكتابه "الثقب الأسود" (ألترا صوت)

طارق عزيزة وكتابه "الثقب الأسود" (ألترا صوت)

أصدرت "دار ابن رشد" في إسطنبول، حديثًا، كتاب "الثقب الأسود: أوراق من ملفات الإسلاميين في الثورة السورية"، للكاتب والباحث السوري طارق عزيزة، الذي يتناول فيه موقع الإسلاميين ودورهم في الثورة السورية، بمختلف خلفياتهم، انطلاقًا مما ترتب على هذا الدور من نتائج كارثية، ساهمت في إجهاض الثورة ومساعي السوريين لتغيير واقعهم.

يتتبع الكتاب بعض الجوانب الأساسية من سيرة الإسلاميين وتنظيماتهم في الثورة قصد توثيقها ورصد المسارات التي أفضت إلى أسلمة الثورة

يضم الكتاب الذي جاء في 260 صفحة من القطع الوسط، مقدمة وخاتمة وأربعة فصول يتتبع فيها المؤلف بعض الجوانب الأساسية من سيرة الإسلاميين وتنظيماتهم في الثورة السورية قصد توثيقها، إلى جانب رصد المسارات التي أفضت إلى أسلمة الثورة، وتوضيح طريقة تكاملها مع جهود نظام الأسد، بصرف النظر عن النوايا، لإجهاضها.

يميز طارق عزيزة في الفصل الأول "دين المسلمين وإيديولوجيا الإسلاميين"، بين الدين الإسلامي وأيديولوجيا الحركات الإسلامية، أو بين المسلمين والإسلاميين. ويناقش، في الوقت نفسه، مفهوم "السلف الصالح" باعتباره منطلقًا أساسيًا يجمع بين مختلف التيارات الإسلامية، وتنظيماتها المتعددة، رغم عمق التباينات والاختلافات الفقهية والعقدية القائمة بينها.

ويسلط الكاتب السوري في الفصل نفسه، الضوء على الجذور التاريخية لتسييس الدين، واستخدام الإسلام كأيديولوجيا سياسية تسلطية، وجذور الإسلام السياسي، إلى جانب البحث في خطاب الحركات الإسلامية بين الدين والسياسة والآداب السلطانية، والجذر السلطاني لتسييس الدين، ونقض أسس الإسلام السياسي. ويناقش، في السياق ذاته، الاستثمار السياسي في المجاهدين، والجهاد في زمن العولمة، والإصلاح الديني، وغيره.

في الفصل الثاني "في أسلمة الثورة السورية"، يعود طارق عزيزة في محاولته رصد مسارات أسلمة الثورة إلى سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الفائت، حيث يتناول تأثير سيد قطب على إسلاميي سوريا، ويسلط الضوء على أثر تجربة مروان حديد بوصفه "شيخ الجهاد السوري"، ويناقش تداعيات انخراط الإسلاميين السوريين في حركة الجهاد العالمي.

ويبحث الكاتب أيضًا في طبيعة موقع ونشاط الإخوان المسلمين في هذه الحركة، وكذا تجربة إخوان سوريا في الحرب الأفغانية، وصولًا إلى قيام الثورة السورية، وظهور مصطلحات "العسكرة" و"الأسلمة" و"الحرب على الإرهاب"، وما ترتب عليها من نتائج سلبية أثرت في المشاركة النسوية في الثورة، وأسست لهيمنة الخطاب الذكوري في أوساط المعارضة.

أما الفصل الثالث "صفحات من سيرة إسلاميين في الثورة السورية"، فقد خصصه عزيزة لعرض سير التنظيمات الإسلامية السورية وتحولاتها، خاصةً "جبهة النصرة" الذي يستعرض صاحب "العلمانية" الأحداث والوقائع الفارقة في مسيرتها، منذ تأسيسها بوصفها فرعًا للقاعدة في بلاد الشام، ثم صراعها مع "تنظيم دولة العراق الإسلامية"، وانفصالها عن القاعدة، وتغيير اسمها إلى "جبهة فتح الشام"، ثم "هيئة تحرير الشام"، وصولًا إلى سيطرتها على محافظة إدلب، وحربها ضد المجاهدين المحليين والأجانب.

وإلى جانب "النصرة"، يفرد عزيزة في هذا الفصل حيزًا واسعًا لـ "جيش الإسلام"، الذي يقف على ظروف نشأنه وتطوره السريع، ويدرس سلفيته "الشامية" المعدلة "وهّابيًا" بحسب تعبيره، ويضيء على تفاصيل صراعه مع فصائل الغوطة الشرقية التي هيمن عليها بوصفه دولة، وذلك قبل انتقاله إلى "الوصاية التركية" بعد سقطوها عام 2018.

يتناول الكتاب موقع الإسلاميين ودورهم في الثورة السورية انطلاقًا مما ترتب على هذا الدور من نتائج كارثية ساهمت في إجهاضها

في الفصل الرابع والأخير من الكتاب "التوظيف السياسي للدين في المجتمع السوري خلال الحكم الأسدي"، يبحث المؤلف في المشكلة الطائفية، والتوظيف السياسي للدين لدى النظام والإسلاميين ما قبل ثورة 2011 وما بعدها. كما يخصص أيضًا مساحة للحديث عن العلويين وأدوارهم الوطنية والسياسية ما قبل نظام الأسد، الذي قام بعسكرة الطائفة.

ويختتم الباحث السوري كتابه، بملاحظات وخلاصات حول الإسلاميين ومسألة الإصلاح الديني في الإسلام، وتأثير الإسلاميين، السلبي منه تحديدًا، في الثورة السورية، وتأثير الأخيرة فيهم، بالإضافة إلى محاولته الإجابة على سؤال: هل يمكن استئناف الثورة السورية؟